IMLebanon

الصدمة توقظ “14 آذار” من السُبات؟

 

كتب ألان سركيس

يدخل لبنان مرحلةً جديدةً من النزاع السياسي بعدما تخلّص، بفضل جيشه، من «داعش» التي كانت تحتلّ جرودَ القاع ورأس بعلبك، ما يعيد الملفات السياسية والمطلبية الى الواجهة مجدداً.

لا يمكن قياسُ تردّدات ما حصل سريعاً، بدءاً من الصفقة بين «حزب الله» و«جبهة النصرة» من جرود عرسال، وصولاً الى إبرامه الصفقة مع «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك، والمهم أنّ قيادات «حزب الله» و»8 آذار» تعتبر أنّ الحزب حقّق إنتصاراً وبات قادراً على فرض شروطه على الداخل، وتحديد السياسة الخارجية للدولة اللبنانية.

لا يُنكر عددٌ من قياديّي «14 آذار» أنّ «حزب الله» يتفوّق بفعل إمتلاكه السلاح ودعمه من المحور الإيراني، فيما قوى «14 آذار» تفرّقت بفعل عوامل عدّة، وبات التعاطي معها بـ»المفرّق».

ومن هذا الباب، تعلم قيادات «14 آذار» جيداً أنّ الحزبَ قادرٌ على فرض شروطه، لكنهم صُدموا من مستوى «نشوة الإنتصار» التي وصل إليها، بحيث ضمّ الجيش السوري الى معادلته الذهبية الى جانب الجيش اللبناني والشعب والمقاومة، وهذا الأمر خلَق ردّة فعل عكسيّة لدى القواعد الشعبية. لكن ماذا عن قيادات ما كان يُعرف بـ»ثورة الأرز»؟

شكّل قتالُ الجيش اللبناني الإحترافي في الجرود أكبرَ دعم لمشروع الدولة الذي قامت عليه فكرة «14 آذار»، لكنه عملياً لم يُؤدِّ الى تحوّل سياسي، إذ إنّ مستوى الخطاب الذي أطلقه الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله، لم يدفع تلك القيادات الى الدعوة الى إجتماع موسّع لإطلاق موقف موحّد، بل اكتفى كل سياسيّ بالردّ على طريقته.

وتؤكّد الأحزاب الرئيسة والشخصيات التي شكّلت «14 آذار»، أنّ الوضع بينها ما زال على حاله، وأنّ كلّ ما فعله «حزب الله» جوبِه بموجة إستنكارات، ولم يدفع الذين كانوا يُعتبرون قيّمين على «ثورة الأرز» الى وضع إستراتيجية مواجهة، إذ يمكن تلخيص الوضع بالآتي:

• أولاً، ما زالت أبوابُ الأمانة العامة لقوى «14 آذار» مقفلة، والمكان الذي شكّل ملتقى لعدد من الشخصيات الحزبية والمستقلّة مهجور، وأنّ إحياء الأمانة غيرُ وارد إطلاقاً.

• ثانياً، ما زالت العلاقة بين أحزاب 14 آذار باردة رغم الإلتقاء على المبادئ والقيَم ذاتها، فانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بدّل كل التحالفات، ويضع تيار «المستقبل» في أولويته التحالف مع «التيار الوطني الحرّ»، فيما العلاقة بين عون ورئيس الحكومة سعد الحريري «إستراتيجية»، وبالتالي لا يمكن العودة الى الإصطفافات القديمة.

• ثالثاً، خاضت قوى «14 آذار» إنتخابات العام 2009 تحت عنوان بناء الدولة، فيما سيبدأ بازار الإنتخابات النيابية المقبلة بعد مدّة، وبالتالي سيشهد بعض الدوائر تنافساً طاحناً بين قوى الصفّ الواحد، في وقت لن تُخاض الإنتخابات هذه المرّة تحت عنوان مشروع «14 آذار» في مواجهة مشروع «8 آذار».

وأمام كل هذه العوامل، تفقد ما كان يُعرف بـ»القوى الإستقلالية» قدرتها على المواجهة، وسط ما تعانيه من حالة تشرذم وتفكّك لا مثيل لها، وبات عنوان إستعادة الدولة، يُطلق في المناسبات من دون وجود خطّة عمل واضحة وإستراتيجية يستطيع بموجبها القادةُ السياسيون مخاطبة الرأي العام الذي لم يخذلهم منذ 14 شباط 2005.

وتبقى كل محاولات إحياء «14 آذار» فرديّة وليست ذا بعد إستراتيجي، على رغم وجود بعض السياسيّين الذين يعملون من أجل عودة الأمور الى ما كانت عليه، في حين يرى البعض الآخر أنّ أحداً لا يستطيع أن يُنكر قوّة «حزب الله»، لكنّ قوتَه مستمدّة أيضاً من ضعف الذين يواجهونه والذين غرقوا في حسابات السلطة ولم يستطيعوا الصمود أكثر.

فيما الدولة تنتظر مخلّصها وعودة قرارها المستقلّ وعدم ربطه بمحاور خارجية، وحصر السلاح في يد الجيش اللبناني الذي يرفض إدخاله في أيّ معادلة غير المعادلة اللبنانية الوطنية الصرف.