IMLebanon

هل انتهى “داعش” بمجرد خروج مسلحيه من الجرود؟

 

كتبت دوللي بشعلاني في صحيفة “الديار”:

انتهت معركة جرود عرسال بانسحاب مسلحي «جبهة النصرة» و«سرايا أهل الشام»، ومعركة رأس بعلبك والقاع باستسلام عناصر «داعش» وعودتهم الى سوريا. والسؤال الذي يطرحه الكثيرون: هل انتهت التنظيمات الإرهابية بعد دحرها من الجرود والحدود اللبنانية، وبعد أن مُني «داعش» بالهزيمة في الموصل- العراق في فترة سابقة؟ وألا يرتبط وجود هذه التنظيمات وانتهائه بالقرارات السياسية التي تتخذها الدول الكبرى بشأن المنطقة؟!

لا بدّ من العودة الى أساس ظهور هذه التنظيمات لمعرفة إذا ما كان القضاء عليها هو نهائي أم لا، وإذا ما كان خطرها يبقى أبدياً أم يمكن أن يزول، تقول أوساط ديبلوماسية عليمة، فكما أنتج الجهاد في أفغانستان تنظيم «القاعدة» الذي أرعب الولايات المتحدة الأميركية وهزّ استقرارها في 9 أيلول من العام 2001 عندما ضرب قلب نيويورك، كذلك ظهر «داعش» بشكل مفاجىء بعد أن أُجهضت ثورات الربيع العربي بدعم دولي وإقليمي بعد أن دخل هذا الأخير على الخط لإحباط الإنتفاضات الشعبية التي دعت للتغيير. وكما قويت «القاعدة» في السنوات العشر الأولى من القرن الحالي وسطع نجم إرهابها ثمّ أفل مع مقتل زعيمها أسامة بن لادن، فإنّ ما يتوقّعه المراقبون هو نهاية «الدولة الإسلامية في بلاد العراق والشام» المفترضة قبل ولادتها، ليس فقط بفعل القوة التي جوبهت بها في لبنان والعراق وسوريا وليبيا وسواها بل أيضاً بفعل القرار السياسي.

فهل آن أوان أفول التنظيمات الإرهابية وإرهابها بعد عبثها بمصير دول المنطقة خلال السنوات الأخيرة، وهل القضاء عليها بشكل نهائي يرتبط بالقضاء على آلاف المسلّحين المنتمين لها؟ أكّدت الأوساط بأنّ التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية بات من أكثر المحبّذين لإنهاء وجود التنظيمات لا سيما تنظيم «داعش» كونه لم ينجح في المهمّة التي خُلق لأجلها، ألا وهي إنهاء دور المقاومة في المنطقة للتمكّن من السيطرة عليها.

ومن هنا، فإنّ انتهاء دور التنظيمات لا يرتبط فقط بعديدها وانتشارها في دول المنطقة والعالم، لا سيما منها في الدول الأوروبية كخلايا نائمة، إنّما باتخاذ القرار الدولي بوقف هذا الدور. أمّا في لبنان، فإنّ القضاء على هذه الخلايا الموجودة في بعض المخيمات الفلسطينية والسورية، على ما لفتت الاوساط، يُنهي وجودها وحضورها فيه، كما يزيل خطرها الى الأبد. وهذا ما سوف تقوم به الأجهزة الأمنية المعنية في الأشهر المقبلة من تطهير لكلّ الأماكن المشبوهة. يبقى خطر تسلّلها مجدّداً عبر الحدود السورية، وهذه الأخيرة سيتمّ ضبطها من قبل هذه الأجهزة.

ويخشى البعض من أن يُشكّل بقاء التنظيمات الإرهابية في بعض المناطق السورية خطراً مستقبلياً على منطقة الشرق الأوسط من جديد، سيما وأنّه يقوّي دورهم في المرحلة المقبلة خصوصاً إذا لم تتمّ التسوية السياسية التي تؤدّي الى الحلّ الشامل وتوقف مشروعها بشكل نهائي. لهذا اقترحت الاوساط ضرورة، تطهير كلّ دول المنطقة منها أو قطع منابع تمويلها الذي يُعتبر الغذاء الأساسي لاستمراريتها، ما يُساهم بشكل رئيسي في عدم استكمال مخططاتها الإرهابية.

وذكرت الاوساط بأنّ هناك آلاف المجاهدين عادوا الى الدول الأوروبية، وهؤلاء يُخشى من اتحادهم وقيامهم بتفجيرات إنتحارية في الخارج تعيد لتنظيم «داعش» بعضاً من قوّته لا سيما بعد أن انهار في الموصل وفي الجرود اللبنانية. لهذا، على هذه الدول أن تُواكب انتصار لبنان على الإرهاب من خلال الإستمرار في تطبيق خطط الطوارىء وفي إحباط كلّ العمليات التي تقوم بها التنظيمات ولا سيما حوادث دهس المواطنين الأبرياء التي لا تكلّفها شيئاً وتؤدّي الى مقتل الكثيرين.

وبرأي الاوساط، فإنّ اندحار عناصر «داعش» عند الحدود اللبنانية بفعل قوة الجيش اللبناني سيجعل كلّ دول العالم لا تخاف من هذا التنظيم الذي جرى تضخيم دوره وحجمه الى حدّ الحديث عن وجود أكثر من مئتي الف مسلّح في دول المنطقة. وترافق ذلك مع إعلان «التحالف الدولي» عن صعوبة القضاء على هذا العدد وعن الكلفة الباهظة يومياً للصواريخ التي قام التحالف بإطلاقها على مواقعه في سوريا والعراق من دون جدوى.

كما أنّ رفض الإسلام فكر «داعش» الذي شوّه هذا الدين جعل الدول السنيّة مثل مصر وتركيا وحتى المملكة السعودية تقف ضدّ استمراره خصوصاً وأنّه لم يتمكّن من القضاء على «حزب الله» في لبنان، على ما كانت تشاء. ولهذا فإنّ ذلك يُساهم في إنهاء هذه الظاهرة التي تجد الأوساط نفسها، أنّها أتت كاستمرارية لـ «القاعدة» التي انتهى دورها الدولي في السنوات السابقة.