IMLebanon

“النووي السوري” هدف تل ابيب الثاني

 

خرقت اسرائيل نمط العمليات العسكرية التقليدية على الساحة السورية بإغارتها فجر امس الاول على منشآت نووية تديرها كوريا الشمالية بتمويل ايراني في منطقة مصياف، تقول اسرائيل انها وضعت في عهدة القيادة الإيرانية وتختزن كمّاً من الصواريخ البالستية التي نقلتها ايران الى سوريا، فيما اعترفت دمشق بأنها استهدفت موقعا عسكريا يضم مركزاً للبحوث العلمية للأسلحة غير التقليدية ومعسكر تدريب يخضع للعقوبات الأممية هو في عهدة فريق الامم المتحدة الذي يراقب تدمير اسلحتها الكيميائية.

وبعد مرور اكثر من 48 ساعة على الحدث الذي اعاد الى الأذهان السعي الى فهم ما تريده اسرائيل من عمليات “القنص الجوية” التي تمارسها ضد أهداف سورية مختارة بعناية، كشف تقرير بلغ مراجع دبلوماسية واستخبارية لبنانية، مصدره إحدى العواصم الغربية لـ”المركزية” عن جوانب من المفاوضات التي تجريها اسرائيل مع كل من واشنطن وموسكو بشأن مجرى العمليات العسكرية في سوريا، وفق قراءة تتناول جوانب تقول انها تعني امنها القومي الذي تنظر الى ضمانه من خلال العنوانين التاليين:

– الاول ضمان الهدوء على الحدود السورية مع الجولان السوري المحتل باتخاذ الإجراءات التي باشرتها القيادة الروسية من خلال نشر شرطتها على حدود المنطقة الآمنة التي اقامتها على طول الحدود مع اسرائيل والأردن بعمق يمتد بين 30 و40 كيلومترا مربعا في الأراضي السورية وابعاد المجموعات المسلحة الموالية لإيران. وهو ما تحقق بعد جهد جهيد ونتيجة حتمية لخطواتها التي قامت بها في فترة امتدت من اولى غاراتها التي استهدفت جهاد عماد مغنية احد قياديي حزب الله وضباط ايرانيين في العام 2015 وصولا الى اغتيال عميد الأسرى في السجون الإسرائيلية سمير القنطار في بداية العام 2016.

– الثاني، وعلى رغم ارتياح القيادة الإسرائيلية لأهمية هذه الإجراءات التي جمدت العمليات العسكرية على حدودها منذ نهاية العام الماضي، فإنها تطالب الروس والأميركيين باتخاذ الإجراءات الجدية لإنهاء مخاطر الترسانة النووية والكيميائية السورية والإيرانية الموجودة في سوريا، مدعية ان ما لديها من معلومات يؤكد وجود تقصير دولي وروسي إزاء انهاء القدرات البيولوجية والكيميائية للنظام السوري على رغم تعهداته السابقة. وهي اكدت على ما يبدو لكل من موسكو وواشنطن ان ما اتلفته بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة لم يكن كافيا، لا بل أصرّت على معلومات أخرى تتحدث عن قدرات ايرانية مشابهة لها نقلت مؤخرا الى سوريا عدا عن الحديث عن المصانع الإيرانية لتصنيع الصواريخ المختلفة التي انشئت في سوريا ولبنان.

وانطلاقا من العنوانين المشار اليهما اعلاه، يتحدث التقرير عن أن الغارة الإسرائيلية الأخيرة نالت موافقة الطرفين الروسي والأميركي، بعدما اثبتت معلوماتها ان وفدا عسكريا ايرانيا بدأ يداوم في هذه المنشآت منذ تموز الماضي تاريخ كشفها عن المصانع الإيرانية للأسلحة غير التقليدية في سوريا ولبنان، وان هذا الموقع كان أحدها بعدما رصدت حركة الخبراء الإيرانيين بين هذه المنطقة وتلال الهرمل، حيث نصبت صواريخ بعيدة المدى في أودية بعيدة عن المناطق السكنية في نقطة هي اقرب الى الحدود السورية منها الى العمق اللبناني.

والى هذه المعلومات، كشف التقرير ان الطائرات الإسرائيلية نالت الموافقة المسبقة لعمليتها ضد موقع مصياف النووي الكوري الشمالي من واشنطن بلا ضوابط، ومن موسكو بشرط ألا تعبر الأجواء السورية او تخرقها بالنظر الى جغرافية الموقع المستهدف الذي يبعد حوالي 70 كيلومترا عن قاعدة حميميم الجوية مقر شبكة الـ “S 400” المنصوبة فيها والتي توفر الحماية والرصد في نطاق واسع يمتد جنوبا الى الحدود الإسرائيلية من جهة، والى حدود الشمال التركي وبعمق يمتد من البحر المتوسط حتى الشرق العراقي.

لهذه الأسباب، لجأت اسرائيل الى الأجواء اللبنانية وسلكت في غارتها الأخيرة مسارا جويا من جهة الشرق فعبرت من عمق اجواء البحر المتوسط عبر السلسلة الشرقية وتحديدا من منافذ جرود جبيل الى عمق البقاع الشمالي واطلقت صواريخها من سماء المنطقة في اتجاه الداخل السوري ومن نقطة تبعد حوالي 70 كيلومترا جنوب الموقع المستهدف.

والى هذه المعطيات، ينتهى التقرير الى التأكيد ان الغارة الاسرائيلية فتحت باب الحوار مرة جديدة بين موسكو وتل ابيب بشأن الملف النووي السوري، في وقت تلا صدور التقرير الأممي الأخير الذي جدد اتهامه للنظام السوري باستخدام غاز السارين في القصف على منطقة خان شيخون العام الماضي وقبلها في اكثر من 17 غارة، تلت التزامه بالتخلي وتدمير اسلحته الكيماوية منذ تموز العام 2013.