IMLebanon

قتلتموهم…..فاصمتوا! (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

هل يصدّق أي مسؤول أن أي لبناني يصدّق الأخبار المتداولة عن تحقيقات ستجري في ملف استشهاد العسكريين الذين كانوا مختطفين لدى “داعش”؟

ومن يصدّق أننا نصدّق أي تحقيق قضائي في ملف ذات خلفية سياسية؟ كيف نصدّق في ظل سلطة سياسية تحكم سيطرتها على القضاء، وتبلغ الوقاحة بها حدّ إجماعها على إزاحة قاضٍ لأن أحكامه أزعجتها؟

كيف نصدّق أي تحقيق قضائي في ملفات ذات خلفيات سياسية، والقضايا ذات الخلفيات السياسية عالقة أمام القضاء، منها منذ سنوات ومنها منذ عقود، ومعظم ملفاتها خالية من أي ورقة تحقيق؟

من ملف اغتيال الرئيس الشهيد رينه معوض إلى ملف اغتيال الوزير الشهيد محمد شطح، ملفات التحقيق خالية بالكامل. ملف اغتيال الوزير الشهيد إيلي حبيقة أيضاً، تماماً كما ملف الشهيد رمزي عيراني. وانا أتحدث عن بخلفية قضائية من دون اي مقارنة بين القضايا.

لم يتم أي تحقيق جدي في أي ملف جرمي- سياسي إلا إذا كان الجرم يستهدف “حزب الله” وحلفاء سوريا في لبنان. بداية التحقيق في ملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري دفع ثمنه الرائد الشهيد وسام عيد حياته، والتحقيق في ملف عبوات سماحة- المملوك كان ثمنه رأس اللواء الشهيد وسام الحسن.

لن نسأل عن التحقيقات في ملفات أسهل بكثير والمرتكبون فيها مفضوحون أمام الكاميرات، كما في حادثة اغتيال الشهيد هاشم السلمان، لأن المسؤولين أعجز من أن يجيبوا عن أي سؤال. لن نسأل عن التحقيقات في متفجرة “بلوم بنك”، التي يعلم القاصي والداني لِمَ وُضعت ومن وضعها، ووحده القضاء لا يعرف.

لن نسأل عمّن منع توقيف اللواء المتقاعد جميل السيد في مطار بيروت، وهو كان مطلوباً بمذكرة أصدرها المدعي العام التمييزي السابق القاضي سعيد ميرزا، ولا كيف أُخرج السيد من المطار بمواكبة أمنية وعراضة مسلحة.

بالمناسبة، هل أجرت المحكمة العسكرية تحقيقاً عسكرياً داخلياً حول عملية إخراج المطلوب نوح زعيتر بعدما أصيب وتم اعتقال قبل سنوات قليلة من مستشفى في بعلبك، وكان بحراسة الجيش اللبناني وتم إخراجه بالقوة؟!

من المستحيل في بلدنا أن ينتهي تعداد حوادث انتهاك استقلالية القضاء، ووضعه في خدمة السلطة السياسية وأطراف محددة فيها، ورغم ذلك لا نطلب عدم إجراء تحقيق في المطلق بحادثة أسر جنود لبنانيين من قبل “داعش”، قبل أن تتم تصفيتهم. كل ما نطلبه، ورحمة لأرواحهم ولشهادتهم، ورحمة لعذابات ذويهم الذين انتظروهم 3 سنوات قبل أن يعرفوا مصيرهم، كل ما نطلبه هو إما أن يتم إجراء تحقيق متكامل وشامل، لا يغطي أحداً ولا يستثني أحداً، وهو ما ليس متوافراً اليوم في لبنان بكل أسف، وإما دعوا الشهداء يرقدون بسلام، ولا يحاولن أحد تصفية حسابات سياسية على حساب دماء شهدائنا، لأن دماءهم ليس سلعة في بازاراتكم السياسية الرخيصة!