IMLebanon

بين جعجع ونصرالله خطابا دولة وتدويل… فهل يفوت الأوان؟

يجري مراقبون سياسيون تسنت لهم متابعة الاحتفالية التي شهدتها ساحات معراب أمس في ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية التي أحياها حزب القوات اللبنانية، ومحاولة بعض الجهات التي لا تؤيد نهج القوات السياسي الاضاءة على التشابه بين مصطلحات استخدمها رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع استعملها قبله امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وفي شكل خاص عبارة “إن عدتم عدنا” التي اطلقها على معركته من الجانب الحدودي السوري مع لبنان ضد “داعش” توازيا مع “فجر الجرود” اللبنانية، مقارنة بين ساحتي حزب الله والقوات وخطابي قيادتيهما ليؤكدوا مدى التباعد الصارخ في الشكل والمضمون.

في الشكل يقول هؤلاء للوكالة “المركزية” ان جمهور القوات اللبنانية يلتزم بالسقف الذي تضعه القيادة وتعبئته لمصلحة مشروع الدولة، فيما يبدو جلياً ان جمهور الحزب معبأ في اتجاه غرائزي بعيد من العقلانية السياسية ومستعد للسير بأي مشروع يطرحه امينه العام ولو على حساب الدولة.

اما في المضمون، وتحديدا في جوهر خطابي جعجع ونصرالله، فالهوة عميقة الى درجة يصعب ردمها. اذ ان مجمل خطابات نصرالله يركزّ على الساحات الاقليمية ومصالح المحور الذي يقاتل ويستشهد شباب لبنان ممن يناصرونه لأجله، من اليمن الى العراق والبحرين وسوريا، خدمة لأجندة خارجية قافزا فوق القانون والإجماع الوطني وضاربا عرض الحائط الدولة وسلطتها المركزية لمصلحة دويلته عبر عسكرة البيئات التابعة له وإقامة مربعات للأمن الذاتي، وتعميم هذه الثقافة في مختلف اوساطه، ما تسبب مباشرة بإدخال لبنان في نفق التراجع والجمود، ولا هم له سوى توثيق ارتباط لبنان وتحالفاته السياسية والعسكرية والامنية والايديولوجية بدولة خارجية تسعى جاهدة لتمرير وتطوير نفوذها وسطوتها وسلطتها على ما امكن من منطقة الشرق الاوسط وصولا الى شواطئ البحر الابيض المتوسط، فيما الوطن والمواطن في اسفل سلم اهتماماته زاحفا بفعل هذه السياسة نحو مهاوي المجهول والخراب وضائعا في مهب المشاريع الاقليمية والدولية. ويضيف هؤلاء اما اذا تطرق نصرالله الى ملف داخلي فإنه الاستثناء الذي تفرضه مصلحة ما على صلة بارتباطاته الاقليمية وليس القاعدة التي تملي عليه اعطاء الخارج الاولوية على حساب الداخل.

اما خطاب جعجع، فيشير المراقبون الى انه لبناني بامتياز اولويته الدائمة مصلحة الوطن وكيفية بناء الدولة القوية القادرة واستعادة السيادة وتمتين اواصر الشراكة المسيحية-الاسلامية وتقوية الجيش ليكون القوة الوحيدة الحامية والمدافعة عن لبنان. خطابه لبناني يبدأ بالبعد السيادي ولا ينتهي بمكافحة الفساد من أجل تحصين الاستقرار الثابت الحقيقي، خطاب يعطي بعدا لبنانيا يؤكد على القضية الوطنية ويتمسك بثوابت الدولة وليس الذهاب الى قضايا لا تمتّ الى لبنان بصلة، كتلك التي تشكل قاعدة خطابات نصرالله، لا بل تورطه في خلافات مع دول صديقة وتستجلب الحروب الى ساحته وتضرب فكرة اساس قيام لبنان بالكامل.

ويختم المراقبون: بين خطابي القوات الوطني لاعادة الاعتبارالى الدولة والمواطن وحزب الله الاقليمي الذي لا يأخذ في اعتباراته مصالح لبنان مع المجتمع الدولي ولا التوازنات الداخلية بل يدفعه ليكون رأس حربة مع محور ضد آخر، يفترض على اللبنانيين ان يوجهوا بوصلتهم الى حيث يجب، قبل فوات الأوان.