IMLebanon

المتحرّشون بالأطفال: أرقامٌ مرعبة لعام 2017

 

كتبت ربى منذر في “الجمهورية”: تحرّكت شهوات جسده الكهل المتجعّد أمام طفل صغير، جسد يحوي من الأمراض النفسية والنزوات المريضة ما يكفي لنزع طفولة بالكاد برعمت… هو الموضوع «الفضيحة» بنظر كثيرين، تكشف «الجمهورية» أرقامه المخيفة مزيحةً الستارة عن مشكلة حقيقية تواجه المجتمع وإن كان بالخفاء… «التحرش الجنسي بالقاصرين»: عنوان مشكلة تتضخّم في لبنان، فما جديدها؟

بكلماتٍ متقطعة وصوت مرتجف، حوّلت عفاف (35 عاماً) منذ بضعة أيام وجهة تحقيق فصيلة درك القليلة في قضاء صور معها بتهمة حصول أعمال شعوذة وفك قرينة في منزل أخيها الخمسيني حيث تسكن هي أيضاً، الى تهمة تحرّش الأخير بها جنسياً، ليكشف توسّع مكتب مكافحة الإتجار بالأشخاص وحماية الآداب في التحقيق أنّ الضحايا هم إضافة الى عفاف، كل من ابنتيه جنى (13 سنة) ونور (10 سنوات)، والشاهد على هذه الجرائم جدران أحد بيوت المنصوري في صور.

وفي التفاصيل، كشفت عفاف النقاب عن تحرّش شقيقها بها منذ كانت في العاشرة من العمر، الى حين تزوجت وانتقلت الى السعودية لتعود منذ بداية العام الحالي وتسكن في منزله حيث عاوَد الكرّة بعد الغياب، إذ انه غمرها في إحدى الغرف ورماها على السرير فبدأت بالصراخ لتطرق عندها ابنته الصغيرة الباب فيتظاهر بأنه يجري اتصالاً هاتفياً وأن لا علاقة له بما يحصل.

بعد الاستماع الى الإبنتين، في حضور مندوبة الأحداث في النيابة العامة الإستئنافية في بيروت، أدركت العمّة أنها ليست الضحية الوحيدة لنزوات أخيها، الذي تزوّج امرأة أخرى بعدما توفيت زوجته، إذ إنّ لابنتيه حصة مهمة من الموضوع، حيث حاول اغتصاب الصغرى بينهما، بعدما أخذها الى غرفة غير تلك التي ينام فيها أفراد الأسرة جميعاً، أي الأب وزوجته والأولاد الخمسة، إلّا أنّ صوت أساور زوجته أخافَه من افتضاح أمره لقرب الغرف بعضها من بعض فأفلت الإبنة، فيما كان يتحرّش مراراً بابنته الكبرى أثناء النوم.

أرقام مخيفة

تزدحم المخافر والسجون بالمتحرشين، فيما تمتلئ الشوارع بآخرين خاف أهالي ضحاياهم من الفضيحة… قد يكون الجار، أو صاحب الدكان، أو أستاذ المدرسة أو حتى أحد أفراد العائلة من دون أن يعرف أحد ما في نفسه من أمراض شهوانية تفلت مكابحها أمام جسد طفل صغير. وفي هذا الإطار، تنشر «الجمهورية» إحصاءات رسمية لعام 2017 صادرة عن مكتب مكافحة الإتجار بالأشخاص وحماية الآداب تُنذر بكارثة حقيقية، خصوصاً أنّ الأرقام الى تصاعد من سنة الى أخرى بحسب مُعدّي الإحصاءات.

ويوضح جدول بالجرائم المرتكبة بحق القصّار حتى هذا التاريخ من عام 2017، أنه بين الذكور الضحايا 11 حالة تحرش جنسي، بينها 3 لأطفال لبنانيين و8 لسوريين، إضافة الى حالة واحدة لمحاولة تحرش جنسي تعرّض لها طفل لبناني، وحالتي تحرش والدين بطفليهما والجنسية لبنانية مرة أخرى، أمّا حالات الإغتصاب لدى الذكور فهي 8 لأطفال لبنانيين، كما تعرّض طفلان لبنانيان لأفعال منافية للحشمة.

أمّا لدى الإناث، فتعرضت 9 فتيات لبنانيات و6 فتيات سوريات لتحرش جنسي، فيما تعرضت 8 فتيات لبنانيات وفتاتان سوريتان وفتاة عراقية لتحرش من آبائهم، وتعرضت فتاة لبنانية لعملية مجامعة، في وقت تعرضت فتاة لبنانية أخرى لعملية مماثلة لكن هذه المرة تسبّبت بحملها، وتعرضت فتاة لبنانية وأخرى سورية لعملية اغتصاب كل منهما، وفتاتان لبنانيتان فُضّت بكارتيهما، وفتاة لبنانية تعرضت للإغواء، فيما أُكرهت أخرى على مشاهدة أفلام إباحية، في الوقت الذي تعرضت فتاة سورية لأعمال منافية للحشمة.

وعن المرتكبين

عام 2017 أوقف لبناني بجرم تسهيل دعارة للقصّار، وسوري بجرم ممارسة الدعارة، وسوري آخر بجرم المجامعة والتسبّب بالحمل، فيما أوقف بجرم التحرش والاعتداء الجنسي على قصّار 17 لبنانياً، 6 سوريين، 3 فلسطينيين، إضافة الى مصريَين وباكستاني. كذلك أوقف 5 لبنانيين وسوري بجرم الإغتصاب، واوقف سوري آخر بجرم مجامعة قاصر، وسوريان لإغواء قاصر وابتزازه وسوري لمحاولة التحرش بقاصر.

أما في جرم سفاح القربى (تحرش واغتصاب)، فأوقف 9 لبنانيين وسوريَين وعراقي، فيما أوقف 10 لبنانيين بجرم فض بكارة قاصرات، واثنين آخرين لممارستهما أفعالاً منافية للحشمة إضافة الى 3 سوريين و3 فلسطينيين للجرم نفسه، كما اوقف لبناني وآخر مكتوم القيد بجرم إكراه قصّار على مشاهدة الأفلام الخلاعية.

هكذا يعبّر الجسد

كتبت ربى منذر في صحيفة “الجمهورية”: لم يترك أهل ريبيكا إبنة السبع سنوات طبيباً إلّا وعرضوا ابنتهم عليه، هي التي عانت أوجاعاً في المعدة لم تكن لها أسباب جسدية، سافرت ريبيكا الى أميركا وعادت ولم يجد أهلها لوجعها حلاً… في المدرسة كان لا بد للاختصاصية النفسية من التحدث مع ريبيكا، على رغم رفض أمها احتمال تعرّض ابنتها لحادثة معينة عبّر عنها جسدها من خلال أوجاع المعدة.

إقتربت الإختصاصية من ريبيكا وقالت لها: «أحياناً يكون هناك حادثة حصلت معنا وأبقيناها في داخلنا فتسبّب لنا أوجاعاً، أما إذا أخبرتي والدتك عنها فإنّ الأوجاع ستزول»… خرجت ريبيكا ووالدتها، لتتلقى الإختصاصية اتصالاً من الوالدة في الليلة نفسها وهي مصدومة وتخبرها أنّ ريبيكا باحت لها أنها في عمر الأربع سنوات وفيما كانت في بيت جدتها وكان أحد العمال يصلح أبواب الغرَف، وبينما كانت الجدة تحضّر له القهوة، إختلى بالطفلة في الغرفة وتحرّش بها جنسياً مهدداً إيّاها بقتل والديها في حال كشفت عن الموضوع.

العوارض

قد تكون الإضطرابات الجسدية الناتجة عن اضطرابات عقلية أو عاطفية، إحدى عوارض تعرّض الطفل للتحرش الجنسي الذي لم يخبر أحداً به، فيُصاب بأمراض جسدية ذات جذور نفسية، تظهر على شكل ردود أفعال عضوية في أحد أجهزة الجسد، مؤدية بالتالي إلى تلف فيه أو خلل في وظائفه، والتي لا ينجح العلاج الجسدي في شفائها، بل انّ علاجها يكمن في الطب النفسي.

الى ذلك، هناك علامات عدة قد تكون دليلاً على تعرض الطفل للتحرش الجنسي، كالتبول اللاإرادي، الخوف غير المبرر من شخص ما، السلوك العنيف، النوم المضطرب وحصول كوابيس، نوبات البكاء وردود الأفعال العاطفية الشديدة، التأتأة وغيرها من العوارض التي قد لا تكون بالضرورة دليلاً على الإعتداء الجنسي إلّا أنّ المتابعة النفسية تساعد في كشف خلفياتها.

سفاح القربى

لم يستوعب أحد ما جذب إبن الـ64 سنة الى طفلٍ لم ينه أعوامه العشرة بعد، خصوصاً أنّ عملية الإغتصاب بدأت منذ كان الصبي في عمر الخمس سنوات… «هو زوج عمتي، كان يتردد كثيراً الى منزلنا في زيارات عائلية، ويطلب مني الدخول الى الغرفة ليكلمني على انفراد، كان عمري 5 سنوات عندما بدأت القصة، وكان انهماك أهلي بالحديث يُلهيهم عن تفقّدي».

لم يكن سهلاً أن تخرج الكلمات من فم جورج الذي بات يعاني ارتخاء لفظياً وتشتتاً في التركيز فضلاً عن شخصية ضعيفة وخوف من الناس، ليتابع قائلاً: «كان يضربني ويهددني، ويقيّدني أحياناً»، ويضيف: «كان مدربي في كرة القدم، فكان يصرخ في وجهي دائماً أمام الناس ويضربني للتمويه عن أفعاله».

إعتراف جورج لأهله جاء عندما دخل زوج عمته السجن للتهمة نفسها، ولاحظ الجميع أنّ وضعه ساء بعدما خرج المغتصب من السجن… وأنكر الأخير التهم الموجهة إليه بدايةً، مبرّراً أنّ بين العائلتين بعض المشكلات العائلية التي دفعت بالأهل الى التجنّي عليه من خلال إبنهم انتقاماً، إلّا أنّ تقارير الطبيب الشرعي كذّبته ورَمته في السجن مع مَن هم مثله.

العلاج

لا تتوانى الجمعيات المعنية في معالجة الأطفال الذين تعرضوا للتحرش الجنسي بكل أنواعه عن إبعاد الطفل الضحية عن المتحرِّش، وفي حال كان الأخير أحد أفراد العائلة، يُرسل الطفل الى منزل أحد الأقارب المقرّبين من العائلة الى حين يصبح قوياً كفاية لمواجهة المعتدي في منزل واحد من خلال العلاج النفسي.

وعلى رغم أنّ لكل حالة علاج مختلف، خصوصاً أنّ اختلاف البنية النفسية لكل من الضحايا يؤدّي دوره في تلقّف العلاج، لكن في كلّ الحالات يتمّ إقناع الطفل بأنّ ما حصل لا ذنب له فيه، لكي لا يتحول هو الآخر الى متحرّش في المستقبل، وتوعيته لفكرة أنّ جسده ملكه ولا يحق لأحد لمسه وأنّ عليه الدفاع عنه، كما أنّ بعض الضحايا يُدمجون مع غيرهم ممّن تعرضوا للحالة نفسها وتخطّوها كنوعٍ من التحفيز. وتجدر الإشارة الى أنّ معاقبة المتحرّش تريح الضحية بنسبة كبيرة.

وفي المقابل تُظهر الدراسات الأخيرة أنّ ظاهرة التحرّش بدأت تخرج من إطار «الفضيحة»، حيث انّ العديد من الأهل بات يبلّغ عن هذه الحوادث مع ازدياد وعيهم لضرورة معالجة الضحية تفادياً لانقلابه في المستقبل الى مجرم.

وللقصّار حصّة في الجرم

لا ينحصر جرم الاغتصاب بالبالغين فقط، بل للقصّار أيضاً حصة فيه، وقد يكون أيضاً نتيجة تعرضهم للاغتصاب من دون تلقّي العلاج المناسب أو لوجود مشكلات نفسية في شخصياتهم.

وفي هذا الإطار، كشفت الأرقام أنّ المرتكبين القصّار الذكور عام 2017 يتوزعون بين 7 لبنانيين إضافة الى سوري وفلسطيني تحرشوا جنسياً بقصّار، فضلاً عن سوري تحرش جنسياً بشخص بالغ، فيما نفّذ أحد القصار اللبنانيين عملية اغتصاب، وآخر اشتُبه في تسهيله للدعارة، إضافة الى تنفيذ 3 سوريين و3 فلسطينيين أفعالاً منافية للحشمة.

ولدى المرتكبات الإناث القاصرات، سُجّل ممارسة إحدى الفتيات السوريات وأخرى مكتومة القيد أعمال الدعارة، فيما أوقفت فتاة لبنانية بجرم اشتباه دعارة وكذلك الحال بالنسبة لأخرى سورية وفتاة من العرب الرحّل، وعن الزنى سُجّلت حالة لفتاة سورية.