IMLebanon

إحموا أولادكم من البدانة والأمراض

 

كتبت سينتيا عوّاد في “الجمهورية”:

في ظلّ اكتساح المأكولات المصنّعة والسريعة والمقليّة السوقَ الغذائي، من السهل جداً الوقوع ضحيّتها كونها غيرَ مُكلفة، ومذاقها لذيذ، والأهمّ أنّها سهلة التحضير. هذا الواقع دفعَ بالعديد من الأهالي إلى جعلِ أولادهم يعتادون هذا النوع من الوجبات التي أصبحت ترافقهم يومياً وتهدّدهم بمستقبل تغمره البدانة والأمراض بمختلف أنواعها. كيف يمكن وضعُ حدّ لذلك وضمان الصحّة والرشاقة منذ الصِغر؟بسبب ضغوط الحياة بمختلف أشكالها والتسابق مع الوقت، يهمّ الأهالي إيجاد أيّ وسيلة تُسهّل عليهم المهام اللازمة، من بينها اللجوء إلى الوجبات السريعة لتقديمها إلى أولادهم.

غير أنّ هذا النوع من الأطعمة محفوف بالمخاطر! فهو لا يعزّز احتمال الإصابة بالبدانة فحسب، إنّما يهدّد أيضاً بأمراض جدّية تشمل القلب، والسكري، والدماغ، والسرطان.

وتعليقاً على ذلك، أكّدت اختصاصية التغذية، جوزيان الغزال، أنّ “توفير الغذاء الصحّي والسليم للأولاد ليس بهذا الأمر المعقّد الذي يستلزم بذلَ جهودٍ كثيرة. صحيح أنه من المحتمل إيجاد صعوبة معيّنة بدايةً لجعلِ الولد يعتاد المذاق الصحّي، ولكنّه سرعان ما سيتقبّله ويتبنّاه يومياً من تلقاء نفسه. أمّا بالنسبة إلى الطبخ والوقت الذي يتطلّبه، فيمكن إعداد وجبات مُسبَقاً ووضعُها في الثلّاجة”.

أفضل الخيارات الغذائية

وشدّدت خلال حديثها لـ”الجمهورية” على “ضرورة أن يعتاد الولد الحصول على 3 وجبات غذائية رئيسية يومياً، جنباً إلى سناكَين خفيفَين، خصوصاً في ما يخصّ الفطور الذي يجب أن يكون مغذّياً جداً ومعتدلَ السعرات الحرارية في آن.

لا شكّ في أنّ الحليب يُعتبَر الخيارَ الأوّل والأهمّ صباحاً، علماً أنّ بعد تخطّي العامين يمكن تقديم الحليب الخالي من الدسم، فيحصل الولد على الكالسيوم والفيتامين D ومغذّيات أخرى ضرورية لعظامه ونموّه من دون كالوريهات ودهون لا إفادة منها، إلى جانب حصّة من الفاكهة. أمّا إذا لم يتقبّل مذاقَ الحليب، فيمكن أن تضافَ إليه رقائق الذرة المدعّمة بالفيتامينات والمعادن”.

وتابعَت: “من بين الخيارات الأخرى، نَذكر الخبز الذي يفضَّل أن يكون مصنوعاً من القمح الكامل لتوفير الشبع لوقت أطول بفضل غناه بالألياف، مع بيضةٍ مسلوقة لاحتوائها البروتينات، أو الأجبان البيضاء التي تحتوي وحدات حرارية أقلّ من الصفراء، أو اللبنة مع إضافة قليل من زيت الزيتون لتزويدها بالدهون المفيدة للجسم.

أمّا في ما يخصّ اللحوم المصنّعة، كالجانبون، فيُستحسن تفاديها واستبدالها بالحبش شرط أن تُقدّم من حين إلى آخر وأن يتمّ التركيز أكثر على الأجبان لاستمداد الكالسيوم”، مُشيرةً إلى “أهمّية وضعِ مزيجٍ من الخضار بمختلف ألوانها في الساندويش للحصول على جرعة جيّدة من الألياف”.

وقبل أن يحين موعد الغداء، نصَحت الغزال بـ”أن نقدّم للولد حصّة فاكهة كالتفاح أو الموز بدلاً من التشيبس والسكّريات. وإذا رغب بالمذاق الحلو، فيمكن دهنُ قليلٍ من الشوكولا على قطعة خبز مع بعض الفاكهة لتشجيعه على استهلاكها. أمّا على وجبة الظهيرة، فلا بدّ من تقديم اليخاني على أنواعها 3 مرّات أسبوعياً على الأقلّ، كالسبانخ واللوبياء والملوخية والبامية والفاصوليا والعدس والحمّص…، وتفادي الـ”Delivery” والوجبات السريعة والمصنّعة”.

وبالنسبة إلى السناك العصري، أفادت أنه “قد يكون عبارة عن كوب من الحليب الخالي من الدسم، أو اللبن بالفاكهة، أو سناك صحّي مؤلّف من الخضار كالجزر أو الأفوكا، أو المكسّرات النيئة كالجوز واللوز التي تحتوي الدهون الجيّدة والأوميغا 3 الضرورية لدماغ صحّي وذكيّ.

وبعد ذلك يأتي موعد العشاء الذي يُستحسن أن يتألّف من ساندويش جبنة أو لبنة مع الخضار، يليه حصّة فاكهة. لكن في حال رغب الولد بتناول الطبيخ، يمكنه ذلك شرط عدم سكبِ كمّية كبيرة من النشويات (كالأرزّ) تفادياً لكثرة الوزن في حال كان معرّضاً لذلك”.

نصائح للأهالي

وعرَضت خبيرة التغذية باقةً من النصائح المهمّة للأهالي والتي يجب الانتباه إليها جيداً، وتتضمّن:

  • عدم تقديم الطعام للولد أثناء مشاهدته التلفزيون أو قيامه بأيّ عمل آخر يشغله ويُشتّت ذهنَه، إنّما يجب أن يكون كلّ تركيزه على الأكل.
  • عندما يقول الولد إنّ معدته قد امتلأت ولم يعد يَشعر بالجوع، يجب عدم إجباره على إنهاء كلّ طبقه إنّما السماح له بالتوقّف كي لا يعتاد الأكلَ أكثر من الكمّية التي تلائمه.
  • لفتُ انتباهِه دائماً إلى أنّ الطعام الذي يحصل عليه مفيد جداً له، وتقديم بعض المعلومات عنه، كالقول له على سبيل المثال إنّ السمك مُفيد جداً لدماغه، والحليب سيساعده على النموّ وبناء جسم قويّ…
  • هناك مأكولات يجب من الأساس ألّا يعتاد الولد على مذاقها، كالسكّريات السريعة (السكاكر والشوكولا)، والمشروبات الغازية، وعصائر الفاكهة، وبذلك فإنه لن يطلبها. وفي المقابل يجب تشجيعه على شرب المياه بكمّية جيّدة على مدار اليوم.
  • تقديم الخيار الأفضل للولد، أي استبدال البطاطا المقلية بالمشويّة، والسوربيه واللبن بالفاكهة، أو الفاكهة بحدّ ذاتها بدلاً من البوظة الغنيّة بالدسم، وتحضير كايك في المنزل بدلاً من الدوناتس وغيره من الأطعمة التي تحتوي الزبدة، والمكسّرات النيئة بدلاً من التشيبس…
  • عند الأكل خارج المنزل، يجب الحذر من الوجبات المخصّصة للأولاد والتي تحتوي غالباً كمّية كبيرة من البطاطا المقلية وغيرها من المقالي. ليس بالضرورة أن يكون كلّ ما هو مخصّص للصغار صحّياً. لذلك وجَب الانتباه جيّداً والإعتماد أكثر على ما هو صحّي. لكن في حال إصرار الولد على تناولِ المقالي، يجب الاتّفاق معه على ألّا يتخطّى ذلك المرّة الواحدة أسبوعياً، شرط أن تكون الوجبات والسناكات الصحّية الخيارَ الأوّل والوحيد خلال الأيام الأخرى.
  • مِن بين العادات السليمة التي تساهم أيضاً في الحفاظ على صحّة الولد ورشاقته أن يكون الأهل بدورهم نموذجاً صحّياً له، فيتناولون الطعام المفيد معه ليعتاد ذلك ويتصرّف بالمِثل. كذلك من المهمّ السماح له بالمشاركة في تحضير الطعام الصحّي لتشجيعه على تناولِ ما حضّره بنفسِه ومعرفة قيمة ذلك.

لا لإهمال الحركة

ولفتَت الغزال أخيراً إلى أنه “مهما كان الغذاء صحّياً، فإنه لن يكتمل من دون الحركة. لذلك يجب تشجيع الأولاد على ممارسة الرياضة التي تستهويهم، ومشاركتُهم بذلك، كالمشي أو اللعب معهم، وبذلك تنخفض ساعات جلوسِهم أمام شاشات التلفزيون والكمبيوتر وغيرها من الأجهزة الإلكترونية، خصوصاً عندما يحصل على وجبةٍ دهنية”.

وحذّرَت من أنّ “نمط الحياة السيّئ منذ الصِغر سيعزّز حتماً خطر معاناة مشكلات صحّية عديدة لاحقاً، كالكولسترول والضغط والسكّري. أمّا الغذاء الصحّي والسليم منذ أولى مراحل الحياة فسيضمن صحّة جيّدة في المستقبل محصَّنةً ضدّ أخطر الأمراض”.