IMLebanon

تغلّبي على مضاعفات علاجات سرطان الثدي

كتبت سينتيا عوّاد في “الجمهورية”:

إذا كنتِ تتعافين من جراحة سرطان الثدي وتتلقّين العلاجات المُتاحة كالكيماوي أو الإشعاعي أو الهرموني، فلا شكّ في أنّ تركيزك الرئيسي يتمحور حول التخلّص نهائياً من هذا المرض الخبيث. لكن هل تعلمين أنّ العلاج الطبّي وحده لن يكون كافياً، إنما عليك دعمه أيضاً بالأكل الصحّي الذي سيساعدك على البقاء قويّة عبر تزويد جسمك بكل المغذيات الضرورية له خلال هذه المرحلة الدقيقة؟ مع خضوعك للعلاج، من المهمّ جداً أن تستمعي إلى جسمك وتستجيبي لاحتياجاته. من المحتمل جداً أن تستمرّي في الاستمتاع بالطبخ والأكل والحفاظ على شهيّتك الطبيعية، أو قد تتعرّضين لأيام تعجزين خلالها عن تقبّل أيّ طعام، وأخرى تشعرين فيها برغبة في تناول كل شيء، وأحياناً قد تجدين أنّ مأكولات معيّنة فقط تُرضي مذاقك. لذلك من الأفضل أن تضعي خطّة غذائية صحّية ومرنة لمساعدتك على التأقلم مع احتياجات جسمك ورغباته المتقلّبة.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أفادت إختصاصية التغذية، راشيل معوّض، لـ”الجمهورية” أنّ “الغذاء الصحّي والمتنوّع، الذي يتضمّن الكثير من الخضار والفاكهة وبروتينات منتظمة، يزوّد مريضات سرطان الثدي بمخزون من المغذّيات الضرورية للحفاظ على قوّتهنّ أثناء تلقّيهنّ العلاج. فضلاً عن أنّ هذا المخزون يساهم أيضاً في إعادة بناء أنسجة الجسم والحفاظ على جهاز مناعي قويّ للمساعدة على محاربة العدوى.

والأهمّ أنّ الغذاء الصحّي سيكون السلاح الأقوى للسيطرة على مضاعفات العلاج. هناك دلائل علميّة على أنّ بعض علاجات السرطان يعمل بفاعلية أكبر لدى المرضى الذين يحصلون على كمية كافية من الكالوري والبروتينات. تأكّدي إذاً أنّ خضوعك لعلاج سرطان الثدي يشكّل الوقت الأهمّ على الإطلاق للتقيّد بالأكل الصحّي”.

مأكولات تمسّكي بها وأخرى تجنّبيها

وتابعت حديثها قائلةً إنّ “العديد من النساء يتساءلن عن أنواع المأكولات التي بإمكانهنّ تناولها والأخرى التي عليهنّ تفاديها أثناء تلقّيهنّ علاج سرطان الثدي، وكيف يمكن لغذائهنّ أن يتغيّر. في الواقع، يمكن لعلاجات سرطان الثدي، وخصوصاً الكيماوي والهرموني، أن تملك إنعكاسات سلبية كثيرة بعضها قد يؤثر في الشهيّة على الأكل والشرب.

الروتين المعتاد قد تتمّ إعاقته، الأمر الذي ينعكس على العادات الغذائية. كذلك من المحتمل أن تتغيّر الشهيّة نتيجة التعرّض لأوقات مشحونة بالقلق والتوتر، ما يدفع إلى استهلاك كمية طعام أقلّ أو أكثر من المعتاد”.

ولفتت معوّض إلى “أهمّية التركيز على مجموعة مأكولات ثبُت أنها تساعد على تعزيز فاعلية الأدوية، كالأرضي شوكي، والفلفل، والبهار الأسود، والشاي الأخضر، والتوت، والبروكلي، والكرانبيري، والجزر، والملفوف. أمّا المواد التي يجب تفاديها فتشمل الكحول، وعصير الليمون أو الكلمنتين، والسمسم، والفيتامينين C وE”.

وأضافت أنّ “هناك أطعمة يُنصح بها لتعزيز فاعلية العلاج الإشعاعي وتحديداً التفاح، والتوت، والبهار الأسود، والفاصولياء، والحرّ، والبروكلي، والملفوف، والخيار، والثوم، وبذور الكتان، والشاي الأخضر، والكوسا، والجوز، والبندورة، والبصل. وفي المقابل يُستحسن تجنّب الزنجبيل، والنعناع، والفيتامين C، وصلصة فول الصويا لتأثيرها السلبي في العلاج.

أمّا المواد التي يمكن استهلاكها من دون قلق لانعكاسها المُحايد فتشمل المشمش، والموز، وخبز القمح الكامل، والجزر، والدجاج العضوي، والبيض العضوي، والفاكهة، والشمّام، والخلّ، والخسّ، والحبش، والفريز، والدراق، وزيت الزيتون، والإجاص، والفطر”.

وعرضت خبيرة التغذية مجموعة حلول للأعراض الجانبية الأكثر شيوعاً التي تحدث أثناء الامتثال لعلاجات سرطان الثدي:

الشهيّة

في حال تدنّيها فإنّ تناول كمية طعام صغيرة وخلال أوقات وجيزة قد يكون أفضل من اللجوء إلى الوجبة الكبيرة. يمكن على سبيل المثال الحصول على 5 أو 6 وجبات صغيرة أو سناكات يومياً بدلاً من 3 وجبات كبيرة، وشرب العصير أو الشوربة أو الـ”Smoothies” في حال عدم الرغبة في تناول مواد صلبة، والقيام بأيّ نشاط في حال الشعور بقدرة على ذلك بما أنّ الرياضة تساعد على زيادة الشهيّة خصوصاً إذا أُجريت قبل موعد الأكل. لكن يجب الحذر من عدم خفض الرغبة في تناول الطعام عن طريق شرب سوائل كثيرة قبل الوجبات أو خلالها.

في المقابل، يمكن لبعض العقاقير الذي يُعطى جنباً إلى العلاج أن يحفّز الشهيّة. في حال الخوف من زيادة الوزن، يمكن اختيار الأطعمة والمشروبات المنخفضة الدسم، واستهلاك الكثير من الخضار والفاكهة الطازجة، والحذر من محتوى السكر في الأطعمة بما فيها أنواع الدايت، وتجنّب المشروبات المحلّاة.

الغثيان والتقيّؤ

يمكن لمريضات سرطان الثدي التعرّض لهذين العارضين خلال العلاج وبعده. صحيح أنّ الطبيب سيحدّد العقاقير المضادة لهاتين الحالتين، غير أنه يُستحسن إلى جانب ذلك شرب الكثير من السوائل كالمياه أو شاي الأعشاب، علماً أنّ الحصول على رشفات متكرّرة يكون أفضل من احتساء كمية كبيرة دُفعة واحدة. كذلك يمكن محاربة الغثيان من خلال استهلاك أطعمة قليلة ولكن مع مرور وقت قصير.

جفافُ الفم

قد يؤدّي العلاج إلى جفاف الفم، الأمر الذي يجعل تناول الطعام غير مُريح إطلاقاً. لحسن الحظّ هناك إجراءات عديدة تساعد على تهدئة ذلك من خلال تنظيف الأسنان بواسطة فرشاة ناعمة، واختيار المأكولات الليّنة أو السائلة كالشوربة والكوكتيل، وترطيب الفم واللثة بواسطة مكعبات الثلج والمصاصات الخالية من السكر، واستخدام الـ”Straw” لشرب السوائل، وتجنّب المأكولات المقرمشة والمالحة والحارّة أو الحامضة جداً.

تغيّر المذاق

يمكن للمذاق أن يتغيّر خلال العلاج، فيجعل الطعام يبدو مختلفاً عن المعتاد. من المحتمل الميل أكثر إلى استهلاك المأكولات الشديدة النكهات، واللافت أنّ استخدامَ البهارات والأعشاب أثناء الطبخ يساعد في هذا المجال. يُنصّح بتذوّق مختلف المأكولات لإيجاد الأنواع الأنسب. إضافةً إلى ذلك، من المحتمل عدم تقبّل الأطعمة المعتاد تناولها قبل العلاج، وقد يتمّ الميل إلى تناول المواد التي كانت غير مرغوبة سابقاً.

بعض أنواع العلاج الكيماوي قد يسبّب مذاقاً معدنياً في الفم، لذلك يُنصح باستخدام أدوات المائدة البلاستيكية بدلاً من المعدنية لخفض هذه المشكلة. كذلك فإنّ استعمال أواني زجاجية للطبخ يلعب دوراً إيجابياً في هذا المجال.

الإمساك والإسهال

الأكل والشرب بكميّة أقلّ من المعتاد، وانخفاض مدة الحركة، وتناول بعض العقاقير، كلها عوامل تعزّز احتمال التعرّض للإمساك. غير أنّ استهلاك أطعمة غنيّة بالألياف، كخبز القمح الكامل والخضار والفاكهة والبقوليات، يساهم في معالجة هذه المشكلة. كذلك يجب شرب الكثير من السوائل وممارسة بعض التمارين الرياضية المنتظمة والخفيفة الحدّة كالمشي. لكن من جهة أخرى، يمكن لبعض العقاقير أن يسبّب الإسهال. لذلك يجب إخبار الطبيب بذلك لوصف العلاج الملائم، جنباً إلى التركيز على الأرزّ والموز والتفاح، وشرب كمية جيّدة من المياه.

الرياضة

وتطرّقت معوّض إلى الشقّ البدني، فأشارت إلى أنّ “ذلك يختلف بين مريضة وأخرى إستناداً إلى الحركة التي كانت تمارسها قبل تعرّضها لهذه المشكلة الصحّية، وطريقة تفاعل جسمها مع العلاج، وحجم نشاطها. لكن بشكل عام، يُنصح بالرياضة الخفيفة أثناء تلقي العلاج الكيماوي لتعزيز الدورة الدموية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الإشعاعي شرط تجنّب السباحة لأنّ هذا العلاج قد يؤدّي إلى آثار في الجلد يمكن أن تتفاعل مع مياه البحر.

وفي ما يخصّ العلاج الهرموني فإنّ الحركة الخفيفة كالمشي تكون ضرورية بما أنّ هذا النوع من العلاجات يزيد احتمال التعرّض لهشاشة العظام”.

وختاماً دعت إلى “اختيار المأكولات بدقّة خلال فترة العلاج لأنّ المناعة ستنخفض. لذلك يجب غسل اليدين جيداً قبل طبخ الطعام، وتعقيم الخضار والفاكهة، والحفاظ على حرارة ملائمة لكل نوع من الغذاء، ومعرفة أصول الطبخ على حرارة جيّدة للقضاء على مختلف البكتيريا، وتنظيف أدوات المطبخ لتفادي التلوّث، والابتعاد من المأكولات النيّئة وسَلطات الخضار عند الأكل في المطاعم”.