IMLebanon

أعداد مفاجئة للمغتربين المسجلين… وتبقى الآلية!

كتبت أمندا برادعي في صحيفة “الحياة”:

إذا سار كل شيء على ما يرام، فإن الانتخابات النيابية ستحصل في أيار المقبل، فمجلس الوزراء أقر تخصيص 75 بليون ليرة كلفة إجرائها ورئيس الحكومة سعد الحريري سيجمع هذا الأسبوع اللجنة الوزارية المُكلّفة البحث في آلية تطبيق قانون الانتخاب في لبنان والخارج. وإذا كان القانون حدّد القواعد العامة لإجراء الانتخابات فإن التفاصيل الإجرائية ما زالت غامضة، حتى للمتابعين والمهتمين، وبالنسبة إلى المواطنين المدعوين إلى الاقتراع وفق صيغة لم يألفوها، فلا اللوائح تُشبه اللوائح السابقة ولا طريقة الاقتراع تشبه الطريقة السابقة ولا التحالفات ستكون كما كانت.

ويبدو الأمر أكثر تعقيداً في اختيار الصوت التفضيلي، وهذا الأمر يتطلّب من طابخي اللوائح والكتل جهوداً وحسابات دقيقة، ومن المواطنين فهماً عميقاً لكيفية الاختيار. وسيكون هؤلاء أمام لوائح مقفلة، حيث لا تشطيب ولا حرية في اختيار الأسماء فإما اللائحة كاملة وإما لا انتخاب. وهذا الأمر يصعّب التكهّن بالنتائج.

شكّل اقتراع المغتربين اللبنانيين ومنذ دورات عدة سابقة، محور نقاش وتجاذب سياسي، وأُقرّ المبدأ في الدورتين اللتين كان من المفترض أن تتمّا في الدورتين التاليتين لانتخابات 2009 واللتين أُلغيتا لمصلحة التمديد للمجلس النيابي القائم حالياً. لكن انتخاب المغتربين تكرّس هذه المرّة بعد أن حمل لواءه «التيار الوطني الحر» بشخص رئيسه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مدعوماً بدفع قوي بعد وصول الجنرال ميشال عون إلى الرئاسة الأولى.

وجعل باسيل استنهاض همّة المغتربين إلى الاقتراع قضيّة أساسية في برنامج عمله، فلاحقهم إلى أماكن إقامتهم، مقدّماً كل الحجج والتّسهيلات، وحتّى التّعبئة، لحثّهم على المشاركة في «تقرير» مصير البلد السياسي.

وقضت آلية الاقتراع وفق الاتفاق السابق على اقتراع المغتربين، بأن يتسجّل في كل واحدة من قنصليات لبنان في الخارج على الأقل 200 ناخب من الدائرة (المنطقة) التي ينتمون إليها في لبنان، حتى يتم تخصيص قلم اقتراع لهم. أي أن يكون هناك 200 ناخب سجلوا أنفسهم مثلاً في نيويورك كي يفتح لهم قلم اقتراع، أي أنه إذا كان عدد المسجلين 199، لن يفتح لهم قلم اقتراع.

وحين سأل رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، رئيس الحكومة سعد الحريري عما إذا كان يحق للذين سجلوا أنفسهم للاقتراع في الخارج عن دائرة ولم يبلغ عددهم الـ200 ناخب، ولم يفتح لهم قلم اقتراع، أن ينتخبوا في لبنان إذا حضروا من المغترب، فأجابه الحريري بالإيجاب.

وبالعودة إلى التجربة الماضية، يبدو منطقياً التساؤل عن حجم المشاركة المتوقّعة في هذه الانتخابات وتجاوب المغتربين مع المشاركة. في الخطوات العملية أطلقت وزارة الخارجية والمغتربين الموقع الالكتروني https://diasporavote.mfa.gov.lb الذي يسمح للبناني غير المقيم على الأراضي اللبنانية أن يسجّل اسمه للاقتراع في الانتخابات بتعبئة الطلب المرسل من وزارة الداخلية (الطلب الموجود على الموقع الالكتروني للوزارة: www.mfa.gov.lb ويرسل إلى قاعدة المعلومات لتتم معالجته من خلال برنامج Filenet الموجود حالياً في وزارة الخارجية والسفارات. ويتم وضع الطلب والمرفقات في بريد السفارة المعنية كما يتم نقل الطلب ذاته ومرفقاته إلى بريد الخارجية حيث يتواجد مندوب وزارة الداخلية. الذي يقوم بتدقيق المستندات المرفقة للتأكد من صحتها وملاءمتها مع الاستمارة المعبأة من قبل المغترب. ويحدد للطلب رقم تسلسلي barcode، ويجرى التعديل في آي مستند في حال طلب الناخب ذلك من مندوب الداخلية فقط، كي لا يصار إلى التلاعب بالمعلومات.

ويمكن أيضاً تعبئة الطلب في السفارة، أو اعتماد الآلية ذاتها من خلال تطبيق: Mofa Online.

وعند إتمام المراجعات من وزارة الداخلية وتأكيد أسماء الذين يحق لهم الاقتراع، يتم تبليغ كل مقدم طلب بحق الاقتراع من خلال الوسيلة التي اختارها، أكان البريد الإلكتروني أو رسالة نصية على هاتفه.

ويؤكد مصدر متابع لأعداد المسجلين في الموقع في وزارة الخارجية لـ «الحياة» ، أن «الإقبال على الموقع الالكتروني للتسجيل فاق التوقّع». وتقول: «فوجئنا بتزايد أعداد المسجلين الذي يرتفع ساعة بعد ساعة»، مشيرة إلى أن «الوزارة تتلقى يومياً ما يزيد على 100 رسالة إلكترونية (إيميل) لاستيضاح ما إذا نجحت عملية تسجيلهم».

وبالعودة إلى الانتخابات التي كانت مقرّرة عام 2013، استلمت الخارجية 42 ألف طلب. وحين تم البحث عن 200 طلب من الدائرة ذاتها في لبنان ألغيت كل الطلبات وجرى التحضير لفتح قلمَي اقتراع، واحد في سيدني حيث أحصي 200 شخص من حلبا وآخر في الكويت من دائرة مرجعيون- حاصبيا، لكن سرعان ما جرى التمديد للمجلس النيابي. وفي الدورة الثانية للانتخابات عام 2017 انخفض عدد طالبي التسجيل إلى 5000 طلب وكأن الناس فقدت حماستها. وفتحت في سيدني 4 أقلام اقتراع بعدما أحصي 1141 من زغرتا، 301 من بشري، 334 من الشوف و361 من البترون، أما في أوتاوا ففتح قلم اقتراع لناخبي دائرة قضاء زحلة. وتسجّل من منطقة بنت جبيل 12 ومن صيدا 2، فتقرر عدم فتح قلم اقتراع لأي من المنطقتين. حتّى الآن لم تقر آلية جديدة لاقتراع المغتربين، وإذا كانت الآلية القديمة ستُعتمد فإن العملية الانتخابية قد تواجه المشكلات ذاتها، ولن يكون هناك أعداد لفتح أقلام اقتراع، بحسب ما يقول مصدر في وزارة الخارجية لـ «الحياة».

ويُخفّف المصدر في الخارجية من تأثير المسافات في البلدان على العملية الانتخابية، فوزارة الخارجية لديها استعدادات لأن توفّر على المواطن قطع مسافات بعيدة للوصول إلى السفارات أو القنصليات المحددة للاقتراع. ويقول: «من المعروف عادة أن الانتشار اللبناني يتكتّل في مناطق معيّنة في أميركا، أستراليا، أفريقيا… وتقوم الوزارة باختيار مكان يقع في الوسط ما بين ولايتين أو أكثر، ما يقرّب المسافة بينهما، ومن الأمكنة: قنصلية، ملعب، قاعة كبيرة يتم استئجارها وتكون مناسبة لإجراء الانتخابات…». ويعطي أمثلة: «مثلاً في سيدني كل أهل طرابلس يتجمعون في منطقة «لاكمبا»، ما يشعر المواطن اللبناني بأنه في شارع الحدادين في طرابلس. وفي «آنكلف» يتجمع أهل الجنوب، وفي هذه الحال تقوم الوزارة بجمعهم للاقتراع في مكان واحد». أما الأفراد المنتشرين في أماكن مختلفة خارج التجمعات فهم يضطرون إلى قطع مسافات طويلة مرة كل 4 سنوات ودفع بدل تذكرة». وأشار إلى «سهولة التنقل بالسيارات على الأوتوسترادات السريعة أو من خلال القطارات». ووفق تقرير صادر عن وزارة الخارجية عن عدد البعثات اللبنانية في العالم، فإن عدد السفارات 71، والقنصليات العامة 16 والبعثات الدائمة 3.

في الانتخابات الماضية، قُدّمت تقارير عن إمكان إجراء الانتخابات، وزوّدت السفارات بإمكاناتها وحاجاتها. ففي أوروبا مثلاً أكدت 23 بعثة دبلوماسية أن «لا مانع من إجراء الانتخابات على أراضيها شرط التنسيق والإبلاغ المسبق، وهناك حاجة لمذكرة تفاهم مع بعض الدول كفرنسا واليونان».

إشارة إلى أن المرحلة النهائية من التسجيل تتعلّق بوزارة الداخلية، فلوائح الشطب تُرسل إلى السفارات من الداخلية. وفق لوائح الشطب سيتم إعداد الجداول النهائية للراغبين بالاقتراع. ويمكن تعديل المدّة التي تنتهي فيها مهلة التسجيل في 20 تشرين الثاني (نوفمبر)، لغاية أول كانون الثاني (يناير) 2018.

وبالنسبة إلى المغتربين في الدول العربية، يتوقّع المصدر أن لا يتم تسجيل أعداد كبيرة، فهؤلاء يفضّلون الحضور إلى لبنان (على حساب اللوائح المتنافسة) للتصويت وقضاء بضعة أيام في البلد. ويتحدّث عن سعي الخارجية إلى اعتماد التصويت الإلكتروني لكنّه يلفت إلى الخشية من عمليات اختراق أو قرصنة للمعلومات الشخصية.

الغالبية العظمى من المغتربين اللبنانيين تتركّز في دول أميركا الجنوبية، وخصوصاً في البرازيل، لكن المهاجرين إليها معظمهم من الهجرات القديمة ولا يحملون الهوية اللبنانية ولا يعرفون لبنان، ولا أولادهم ولا أحفاد أحفادهم. وهؤلاء يخضعون لاستعادة الجنسية. وفي أوروبا يوجد حوالى 460 ألف مغترب بين هجرات قديمة وحديثة ويتركز أكثرهم في فرنسا (150000) وفي ألمانيا (145000). وفي الشرق الأوسط يوجد حوالى 500 ألف أيضاً، ويتركز غالبيتهم في السعودية (120000) والإمارات (150000)، وفق إحصاءات الخارجية.

في وقت يراهن «التيار الوطني الحر» على أن المغتربين اللبنانيين لا سيما المسيحيين، سيقفون إلى جانب لوائحه في الانتخابات المقبلة، فإن حليفه «حزب الله» لا يبدو وضعه مريحاً. وبحسب المصدر لن يستطيع الحزب بفعل الحملة الأميركية عليه وتصنيفه منظّمة إرهابية، التحرك بحرية في أوساط المغتربين الشيعة الذين سيكون عليهم أيضاً اعتماد الحذر في إبداء تأييدهم أو حتى تصويتهم لمصلحة لوائح يدعمها الحزب.