IMLebanon

مالية الدولة تنهار اذا نُفِّذت أحكام مجلس الشورى

 كتبت ايفا ابي حيدر في صحيفة “الجمهورية”:

تبحث لجنة الادارة والعدل في صيغة قانونية تُلزم الدولة بتنفيذ القرارات القضائية الصادرة عن مجلس الشورى، خصوصاً بعدما تبين ان هناك العديد من قرارات الشورى لا تنفذ. هذا التعديل سيعيد الحق الى اصحاب الحقوق لكن بالنظر الى المترتبات المالية والغرامات المتوجبة، لا شك ان الدولة ستكون امام استحقاقات مالية موجعة.

باشرت لجنة الادارة والعدل أمس برئاسة النائب روبير غانم درس اقتراح القانون الرامي الى تعديل المادة 93 من نظام مجلس شورى الدولة، واستمعت لهذه الغاية الى شرح من مقدم الاقتراح ورأي مجلس شورى الدولة كما الى رأي وزارة المالية، ثم إطلعت على الأسباب الموجبة وأدخلت عليها بعض التعديلات وانتقلت الى مناقشة الاقتراح بمواده.

واوضح بيان صادر عن اللجنة انه «بعد المناقشة والتداول بين اعضاء اللجنة وحيث تبيّن ان العديد من قرارات مجلس شورى الدولة لا تنفّذ من قبل الادارة العامة رغم ان المادة 93 تنص على الزامية تنفيذ هذه القرارات، ادخلت اللجنة تعديلات على بعض النصوص، كما طلبت من ممثل مجلس شورى الدولة ايداع اللجنة الملاحظات المطلوبة حول هذا الامر. كما ذهب رأي الى ايجاد قسم في مجلس الشورى يتخصص بمتابعة القرارات غير المنفذة ومساعدة الادارة في توضيح آليات تنفيذها عند الضرورة».

في هذا السياق، اوضح عضو لحنة الادارة والعدل وأحد المشاركين في مناقشة اقتراح القانون النائب عماد الحوت ان كل المناقشات والاقتراحات التي طرحت داخل اجتماع اللجنة تدور حول سبل جعل المادة 93 أكثر فاعلية وملزمة أكثر.

فالمعروف ان قرارات مجلس شورى الدولة هي قرارات قضائية وبالتالي يجب ان تكون ملزمة. ونلاحظ اليوم وجود تلكؤ في بعض الاوقات من قبل الدولة في تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الشورى، بما يلحق الظلم في الكثير من الاحيان بأصحاب الحقوق.

وشرح ان هذا الاقتراح يناقش الادوات التي تجعل تنفيذ قرارات مجلس شورى الدولة ملزمة اكثر، انطلاقاً من ذلك، نناقش وضع غرامة اكراهية اضافية، وتحميل مسؤولية للمعرقل في تنفيذ قرارات الشورى حتى لو كان المعرقل في موقع وزير او مسؤول. كما طرحت فكرة انشاء وحدة في اطار مجلس شورى الدولة لمتابعة الملفات العالقة وغير المنفذة.

ولفت الى ان البند الذي هو موضع مناقشة اليوم يدور حول سبل جعل تنفيذ قرارات الشورى تلقائية، بمعنى ان من استحصل على قرار يذهب مباشرة لتحصيل ماله من الدوائر المختصة، أما البند الاساسي الذي توقفنا عنده فيتمحور حول هل يمكن مقاضاة الدولة لدرجة الحجز على املاكها خصوصاً وأن املاك الدولة هي ملك لكل الناس وليست املاكاً خاصة.

ورداً على سؤال، أسف الحوت لأن لا ارقام دقيقة عن عدد الدعاوى التي لم تنفذ احكامها لأنها تتوزع على كل الادارات والوزارات، وما من جهة معينة عملت على جمع كل هذه الدعاوى، لكن كرقم تقديري يسود الاعتقاد بأن 30 في المئة من الدعاوى لم تنفذ بما يوازي أكثر من 5000 دعوى. وأكد ان لا تقديرات حتى الساعة لقيمة هذه القضايا.

وعن انواع القضايا، أكد ان ليس كل القضايا تتعلق بحقوق مالية انما ادارية منها وضع مدير عام بالتصرف، او استملاكات قامت بها الدولة ولم تدفع قيمتها بعد لاصحاب الارض، وغيرها الكثير من القضايا.

ولفت الحوت الى ان تعديل هذه المادة سينطبق دون شك على القرارات التي سبق وصدرت من قبل الشورى والتي ستصدر، مؤكدا ان مشروع القانون يناقش بعيداً من المحسوبيات السياسية وبغض النظر عن موضوع الكسارات (الحكم في دعوى اقفال كسارات فتوش). ونحن اليوم في حالة نقاش لخلق توازن بين حقوق المواطن من ناحية والحفاظ على التوازن المالي للدولة من ناحية أخرى.

وعن كيفية تعاطي الدول الاجنبية مع هكذا قضايا، قال: اثناء متابعتنا لهذه المادة وكيفية معالجتها في الدول المتقدمة وجدنا ان هناك قضية مماثلة تأخر تنفيذها نحو عشر سنوات في فرنسا لأن عبئها المالي كان يمكن ان يربك موازنة الدولة.

القضاء الدولي

وعمّا اذا كان هناك صيغة قانونية دولية معتمدة في هذا النوع من الاحكام ، اكد وزير العدل السابق شكيب قرطباوي لـ»الجمهورية»، ان لا صيغة معينة لتنفيذ احكام شورى الدولة معتمدة دولياً، لأن الدول تمتثل عادة للأحكام القضائية.

ورأى ان تخلف الدولة عن تنفيذ الاحكام الصادرة في حقها لا يحتاج الى آلية انما الى قرار من الدولة لتنفيذ قرارات صادرة عن المحكمة كما يتم تنفيذ كل الاحكام القضائية، لأن القرارات القضائية يجب ان تكون ملزمة لكل الناس، لكن لا يمكن الزام الدولة بتنفيذ القرارات اذ لا يمكن بيع ممتلكاتها بالمزاد العلني كما يتم في سائر القضايا التي تخص الاشخاص، انما هناك ثقافة يجب ان تعتمدها الدولة بأن تكون موافقة على تنفيذ الاحكام القضائية، على غرار بقية المواطنين.

نموذج فتوش

وفي الحديث عن تعويضات لاشخاص متوجبة على الدولة، تعود الى الذهن قصة آل فتوش والكسارات، إذ بعد اقفال الدولة كسارات آل فتوش رغم استحصالهم على ترخيص من الدولة لمدة 20 عاماً، تقدم آل فتوش بدعوى ضد الدولة، وبعد الطعن صدر

قراران عن شورى الدولة لمصلحة آل فتوش. وبلغت مجموع التعويضات التي حكم بها مجلس شورى الدولة حوالي 219 مليون دولار. واذا أضيفت اليوم الى هذا المبلغ الفوائد المتراكمة (9% سنويا) قد يتجاوز المبلغ الـ500 مليون دولار.

يبقى السؤال كم تبلغ قيمة مجموع الاحكام الصادرة عن مجلس شورى الدولة؟ وفي حال تمّ ايجاد آلية للتنفيذ، ألا يهدّد ذلك بانهيار مالية الدولة، وهي من دون هذا الحمل الاضافي تكاد تنهار؟