IMLebanon

إحذروا إنفجار طفلكم غضباً

كتبت سابين الحاج في صحيفة “الجمهورية”:

حين يواجه الأهل والمعلمون أطفالاً أو مراهقين مكتئبين، عنيفين، عدائيين… يلجأون إلى استدعائهم وإجبارهم على الالتزام بالمبادىء الاجتماعية. ولكن من يريد نزع تصرفات غير مرغوبة من حياة الطفل والمراهق، وخصوصاً نوبات الغضب، يجب أن يحلل الأمور ويفهمها بالشكل الصحيح ويعاين الأسباب ويتعامل معها.

تؤكد ساميا أنّ ابنتها زينة (14 عاماً) «تحبّ البكاء، وهي تنفجر بكاءً وصراخاً في أبسط المواقف، فتوتّر جَو المنزل وتثير المشكلات».

لم تحاول ساميا يوماً تفهّم ابنتها، فهي تدرك الأسباب التي تدفع ابنتها إلى البكاء ولكن بدل محاولة معالجتها تغضّ النظر، فبرأيها: «مش حِرزانة».

وتنعت هذه الأم ابنتها بـ«المتمردة وغير الراضية عن حياتها على رغم جهود أهلها لإرضائها». والنتيجة: تكرّر الفتاة نوبات غضبها واكتئابها وبكائها بانتظام في البيت.

إنّ التعامل مع طفل ينفجر غضباً في مواقف شتّى ليس بالأمر السهل. وتؤكد المحللة والمعالجة النفسية الفرنسية، ساندرين دوري، أنه قد يصعب على الأهل تهدئة طفل أو مراهق ينفجر غضباً، ويسبّب لذويه التعصيب.

وقد يستغرب الأهل أحياناً التصرّف العدائي والعصبي، ولكن ما يُقلق فعلاً هو التكرار، بحسب دوري. فقد يحتاج الطفل أحياناً إلى تصريف غضبه بنوبة عابرة، لكنّ تكرار نوبات الغضب لأيام وأسابيع وأشهر يُعتبر إنذاراً مُقلقاً للعائلة والأهل والمقرّبين.

الأسباب

الاكتئاب والقلق والتعب النفسي لا عمر لها، لأنها أمراض قد تصيب الطفل كما الكهل. وهناك أسباب كثيرة تقف وراء اكتئاب الطفل أو المراهق، فالطفل الذي ينفجر بسهولة يحمل في داخله القلق، وهو غير مرتاح مع نفسه ومحيطه. يقوم بردود الأفعال العدوانية ليعترض ويواجه وذلك لأسباب شتّى.

زينة مثلاً، من عائلة متواضعة، سَجّلها أهلها منذ الصغر في مدرسة ذائعة الصيت ومُترفة، يقصدها أبناء الأغنياء وأقساطها غالية. أهل زينة قادرون على دفع الفاتورة المدرسية إلّا أنهم عاجزون عن تقديم مستوى حياة للفتاة يعادل بترفه مستوى أقرانها. شعورها بالدونية في المدرسة يدفعها دائماً إلى طلب المزيد من أمها وأبيها.

هي تريد شراء الملابس الفاخرة والأكسسوارات وتريد الذهاب إلى أماكن شتّى ومنها الحفلات… والقيام بعدّة نشاطات. عدم استجابة أهلها لرغباتها يجعلها تنفجر غضباً عليهم وذلك في مواجهة لواقعها الذي يؤلمها فعلياً ويقلقها. شعورها بالدونية وعدم قدرتها على مجاراة التلامذة الآخرين مادياً يسبّب لها شتّى الصراعات النفسية والاجتماعية، كما أنّ التلامذة الآخرين يسخرون أحياناً من واقعها ما يغيظها أكثر فأكثر.

كيف تتصرّفون مع ولد «ينفجر»؟

عندما يحاول الولد أن يلفت نظر أهله، من المهم أن يدركوا الوضع ويُحسِنوا التعامل مع ردود فعله، وألّا يتركوا الأمور على حالها. يجب أولاً أن يردّوا على نوبات غضبه وتصرفاته بعبارات وتصرفات عاطفية، فلا يهملوه لأنّ إهمالهم يفاقم الوضع ويزيده سوءاً.

وعلى الأهل أن يكونوا حازمين ولكن في الوقت عينه هادئين ليضبطوا الأمور. وتنصح المعالجة النفسية ساندرين دوري الأهل بطلب مساعدة قريب يتدخّل لفَضّ المشكلات بين الولد والأهل، أو باستشارة معالج نفسي قبل أن تتجذّر هذه الأعراض وأسبابها في شخصية الطفل أو المراهق.

ماذا تقولون؟

إنّ فتح حوار مع الطفل أو المراهق يكشف للأهل أسباب انفجاراته العدوانية المتكررة، ويشكّل خطوة مهمة جداً لفهم شعوره وأسبابه. ويجب التحدّث بصراحة ورويّة وهدوء ليَطرح كلٌّ ما عنده. تَفهّم الأهل للطفل يُعيد بناء ثقته بهم. ومن ناحيتهم، عليهم أن يشرحوا له أنّ تصرفاته غير مقبولة ويعلّموه مبادىء العيش المجتمعي واحترام الآخرين.

ولكن أيضاً عليهم المبادرة إلى مساعدته فعلياً وبشكل جذري ليتخطّى المشكلات المسببة لتوتره الدائم. فالحياة العائلية معقّدة وصعبة أحياناً، ولكنها قادرة على بناء شخصية الطفل والمراهق، وفي المقابل تدميرها إذا أهمل الأهل واجباتهم.

من المهم أن يَعي الأهل ما يحلّ بحياة أبنائهم ويحاولوا تفهّمهم وإظهار الحب والعاطفة لهم بدل تحميلهم الذنوب. وتساعد النشاطات العائلية على شَد أواصر العلاقات بين أفراد البيت الواحد، وزرع الفرح والضحك والابتعاد عن الأجواء المشنّجة.