IMLebanon

لبنان “منصة ملاكمة” أميركية – إيرانية… “بلا قفازات”

كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:

تزايد من حول لبنان مؤشرات انتقال الصراع الكبير على الجبهة الأميركية – الإيرانية إلى مرحلة «خلْع القفازات»، وسط ارتفاع منسوب القلق من مدى قدرة البلد على الصمود في «قلْب العاصفة» التي تقترب والتي يجد نفسه مشدوداً إليها نتيجة تَحوُّل «حزب الله» نقطة تقاطُع بين أطراف وازنة دولية وإقليمية تتلاقى عند جعْله على رأس «لائحة الأهداف» التي يراد التصدّي لها في الطريق الى احتواء نفوذ طهران.

وعزّزتْ تطوّرات الساعات الماضية هذا القلق الذي ينطلق في شكل أساسي من كون مرحلة «ما بعد داعش» وتَبدُّد «حلم» أكراد العراق بدولةٍ مستقلّة تحمل عنوان «حزب الله هو التالي» من ضمن استراتيجيةٍ متعدّدة الجبهة لـ «قطع الذراع» الرئيسية التي تتمدّد عبرها إيران في أكثر من ساحة، وذلك في سياق محاولة إرساء قواعد جديدة للعبة تَقاسُم النفوذ في المنطقة من دون مساسٍ بالخرائط التي بدا أن تغييرها مفتوح على «كوابيس» لا يتحمّلها كثيرون.

ومن أبرز هذه التطوّرات كلام الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي اعتبر فيه أنّه «لا يمكن اليوم اتّخاذ إجراء حاسم في العراق وسورية ولبنان وشمال افريقيا ومنطقة الخليج الفارسي (العربي) من دون إيران ورأيها»، وهو الموقف غير المسبوق من روحاني والذي يَصعب قراءته خارج سياق رغبة طهران في توجيه رسائل و«استعراض النفوذ» في غمرة اشتداد اندفاعة واشنطن وعواصم أخرى في المنطقة بوجهها، و«اشتمام» إمكان ملاقاةٍ أوروبية لقرار واشنطن بـ «تقليم أظافرها»، ولا سيما بعدما بدا أن وضْع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاتفاق النووي على الطاولة حمَل أبعاد ربْط عضوي أقرب إلى «المقايضة العكسية» بين «النووي» و«الدور».

ولم يكن ينقص بيروت إلا موقف الرئيس الإيراني لتكتمل «ورطتها»، هي التي تجد نفسها قبل 6 أيام من دخول التسوية السياسية عامها الثاني، في «عين العاصفة» الأميركية – الإيرانية، والأهمّ أمام إعلانٍ هو الأول من نوعه من روحاني بأن لبنان عملياً «ساقِطٌ» في حضن طهران، ما يشكّل في رأي أوساط مطلعة تظهيراً معلناً لاختلال الموازين التي تم تسويق التسوية على أساسها، كما يعزّز الملامح المتزايدة لـ «ذوبان» الحدود الفاصلة بين «الدولة» اللبنانية وبين كل من «حزب الله» وإيران.

وحاول رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي يبدو كـ «مَن يقبض على جمر الاستقرار»، حفْظ ماء الوجه بإزاء كلام روحاني فردّ عبر «تويتر» بأن «قول روحاني ان لا قرار يُتخذ في لبنان من دون ايران قول مرفوض ومردود لأصحابه. لبنان دولة عربية مستقلّة لن تقبل بأي وصاية وترفض التطاول على كرامتها».

ورغم مطالبة بعض القوى المناهِضة لـ «حزب الله» ولما تعتبره «الهيمنة الإيرانية» على «لبنان الأسير» بموقف احتجاج رسمي يتجلى في اجتماع مجلس الوزراء واستدعاء السفير الإيراني في بيروت لتسجيل رفْض هذه الإساءة كما دعا رئيس «لقاء سيدة الجبل» وأحد مهندسي «حركة المبادرة الوطنية» الدكتور فارس سعيْد، فإن قرار الأطراف المنْخرِطة في التسوية بالحفاظ على الاستقرار بملاقاة «التدافع الخشن» من حول لبنان يجعل من الصعب تَوقُّع تحويل هذا التطورّ عنوان اشتباكٍ داخلي.

وما جعل «مفاجأة» روحاني تكتسب أبعاداً أكثر «حساسية» أنها تزامنتْ مع تطوريْن عكسا تَسارُعاً في وتيرة مراكمة عناصر المواجهة مع إيران و«حزب الله»، هما:

* «التغريدة» الجديدة لوزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان التي حملتْ غمزاً متجدداً من قناة «حزب الله»، وقال فيها: «لا يتوقع الإرهابيون وميليشياتهم وأذنابهم بأن أعمالهم لن يُحاسبوا عليها، اجتثاثهم أمر حتمي وضرورة ملحة للعيش بأمن ومحبة وسلام (نحن في زمن الحزم)».

* الطابع البارز الذي اكتسبه إحياء واشنطن ذكرى تفجير مقر «المارينز» في بيروت العام 1983، وهي المناسبة التي ترافقت مع قرب صدور قانون العقوبات المالية الجديدة على «حزب الله». وقد اتخذت إدارة ترامب هذه الذكرى «منصة» لمهاجمة الحزب «الذي سنتابع تقويض إرهابه وملاحقته»، كما إيران «الداعمة لهذه الجماعة الإرهابية والتي لن يتسامح معها الرئيس دونالد ترامب».

وفيما «غرّد» الرئيس الأميركي: «لن ننسى أبداً الـ241 جندياً أميركياً الذين قتلوا على يد«حزب الله»في بيروت»، قبل ان يقوم بإعادة تغريدة نشرها وزير الدفاع مايك بنس، قال فيها: «نتذكّر جيداً جنودنا الذين سقطوا، وواجبنا تكريمهم من خلال هزيمة العدو الذي كان سبب مقتلهم»، كان بارزاً اعتبار نائب الرئيس مايك بنس أن ذلك الحادث «كان هو شرارة انطلاقة الحرب على الإرهاب».

وفي موازاة ذلك، تلقّت بيروت بقلقٍ كلام وزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان الذي اتّهم «حزب الله» بالوقوف وراء إطلاق الصواريخ التي سقطت في هضبة الجولان يوم السبت الماضي، واعتباره ان الحزب قام بذلك «بمعزل عن نظام الأسد ودون علمه»، ومعلناً ان أمينه العام السيد حسن نصرالله «شخصياً أمرَ بإطلاق الصواريخ وأخفى القرارَ عن نظام الأسد».

ورغم تعاطي بعض الدوائر مع ما أعلنه ليبرمان على انه مؤشر محتمل على «ردٍّ ما» قد تقوم به تل أبيب ويستهدف الحزب، فإن أوساطاً أخرى استبعدتْ ذلك متوقّفة عند ما نُقل عن الجيش الاسرائيلي والمؤسسة الأمنية من ان معلومات وزير الدفاع «غير معروفة لدينا» و«ليس واضحاً حقيقة المواد التي إستند إليها في كلامه عن أن خلية قامت بإطلاق الصواريخ بتوجيه من (السيد) نصر الله».