IMLebanon

الملل… بين الزوجين

كتب د. أنطوان الشرتوني في صحيفة “الجمهورية”:

الشعور بالملل هو شعور إنساني… من منا لم يشعر يوماً بالملل من عمله أو من شيء يقوم به أو حتّى من الأشخاص المقرّبين منه. فالملل يصيب كلّ إنسان، ويسبّب إنزعاجاً وحتّى قلقاً. عادةً، يظهر الملل بسبب الروتين اليومي حيث تشبه الأيام بعضها البعض. وعاطفياً قد يصعب على الإنسان أن يجد ما هو «الجديد» في علاقته مع شريك عمره، ويمكن أن يؤدّي الملل في الحياة الزوجية إلى مشكلات عديدة ويمكن أن يسبّبَ الطلاق. فما هو الملل؟ ما هي أسبابه في حياة المتزوّجين؟ وما هي نصائح علم النفس للزوجَين اللذين يشعران بالملل؟

الشخص الذي يشعر بالملل من كل شيء، هو شخص يعيش حياةً خالية من أيّ هدف، كما أنّه لا ينظر إلى الحياة بطريقة إيجابية. بعض الدراسات العلمية أكد أنّ الأشخاص الذين يميلون إلى الشعور بالملل بعيدون عن ممارسات الرياضة، ولا يقرأون أو يمارسون أيّ نشاط، لذا يجدون أنفسهم في دوامة العمل والبيت فيشعرون بالملل.

أمّا الزوج والزوجة اللذان يشعران بالملل، فأيضاً، لا تدفعهما مخيّلتهما إلى عيش مغامرة مع شريك العمر، لذا نجدهما على حافة الملل الذي سيقتل حياتهما الزوجية.

ما هو الملل؟

يفسّر علم النفس بأنّ الملل هو الشعور «باللاشيء»، ويصيب الإنسان من بضعة دقائق إلى عدّة أيام. هو «وضع نفسي» يسبّب عدمَ إستقرارٍ داخلي ونوع من «الكآبة» ونظرة سلبية تجاه الحياة. ويعتبر علماء النفس بأنّ المللَ يصيب كل الناس، مهما كان عمرهم. يصيب الطفل الصغير كما الشخص المسنّ على حدّ سواء. ولكن يختلف المللُ بين فئة عمرية وأخرى كما تختلف أسبابُه.

أسبابُ الملل في الحياة الزوجية

يمرّ كل شريكين بحالة من الملل من بعضهما، وقد يعتبران هذا الشعور نذير خطر، ولكن ربّما هو ليس سوى إنذار مفيد لمساعدتهما على التغيير والتجديد في نمط حياتهما.

ومن أهم أسباب ملل الزوجين من بعضهما:

• التكوين الشخصي للشريك، ويلعب دوراً بارزاً في الوقوع في الملل الزوجي أو لا، بالإضافة إلى نظرة الشريك إلى نفسه ونظرته إلى شريكه وإلى الآخرين.
• الروتين اليومي الذي يعيشه أحدُ الشريكين.
• المشكلات اليومية التي لا يتدخّل الشريك الآخر في حلّها.
• العلاقات الجنسية الروتينية بين الزوجين والتي لا يتمّ التجديد فيها، حتّى تصبحَ واجباً ينبغي أداؤه بدون أيّ عاطفة أو لهفة.
• التشاؤمية تجاه الحياة، إذ لها تأثيرُها السلبي على الحياة اليومية للشريكين وعلى ظهور الملل في كنف العائلة.
• النشاطات التي يقوم بها أحد الزوجين منفرداً كالرحلات أو زيارة الأصدقاء بدون الشريك.
• العمل لساعات طويلة خلال النهار أو السهر الطويل خارج البيت… ونجد هذه العادة خصوصاً عند الرجال.

كيف يمكن التخلّص من الملل بين الزوجين؟

دور الزوج والزوجة هو معرفة كيفية التخلّص من الشعور بالملل الذي يمكن أن يدمّرَ حياتَهما. وهناك طرق كثيرة يمكن أن يعتمداها في سبيل تحقيق هذه الغاية.

أولاً، تحدّث الشريك مع شريكه عن شعوره. يمكن أن يكون الحديثُ بسيطاً مع جُمَل مقوّية للعلاقة، مثلاً: «أنا أشعر بالملل، ليس منك ولكن من الحياة. كيف يمكنك مساعدتي؟» أو «الشعور بالملل، شعور طبيعي. كيف يمكننا كزوج وزوجة أن نتخلّص منه؟»… وغيرها من الجُمَل التي يمكن أن تعبّر عن الملل الذي يشعر به الزوجان بدون تدمير العلاقة التي تجمعهما.

ثانياً، يمكن للزوج والزوجة أن يقوما بنشاطات خارج المنزل، مرّة أسبوعياً. هذه النشاطات تكسر الشعورَ بالروتين اليومي الذي «يقتل» العلاقة بينهما. كما يمكنهما زيارة الأصدقاء ذات الروح الإيجابية، أو الأقارب المحبوبين من الطرفين وتجنّب الأشخاص المملّين، وتغيير بعض تصرفاتهما وأفكارهما السلبية إلى أفكار إيجابية.

ثالثاً، المشارَكة الحثيثة في الحياة اليومية سوياً، كتحضير طبق من الطعام مع بعضهما، أو مشاهدة فيلم كوميدي في نهاية السهرة، أو حتّى قراءة قصص ما قبل النوم لأطفالهما مع بعضهما. كما أنّ تقسيم الأعمال اليومية، خصوصاً عند الزوجين اللذين يعملان خارج البيت، يمكن أن يخفّفَ من وطأة الروتين اليومي.

رابعاً، الإنتماء إلى جمعيات خيرية أو زيارة دور للعجزة. هذه طريقة فعّالة للشريكين اللذين يشعران بالملل. فمساعدة الآخرين بدل التركيز فقط على حالتهما طريقة غير مباشرة لمساعدة الذات.

خامساً، سفرة إلى خارج البلاد سوياً، أو ممارسة الرياضة أو أيّ نشاط فنّي كالتسجيل في دورات للرسم أو التصوير الفوتوغرافي، أو سماع الموسيقى أو الرقص مع بعض… أو تعلّم لغة جديدة، وغيرها من النشاطات مع الشريك، تساعد كثيراً الزوجين في تخفيف الملل الذي يشعران به. كما يمكن لأحدهما قراءة الكتب والمجلات ومشاركتها مع الحبيب… أو كتابة القصص أو الروايات أو الشعر لشريك العمر.

أيضاً، في سبيل تجديد حياتهما يمكن أن يقرّرا تغييرَ ديكور البيت، أو تلوين البيت بشكل جديد أو تربية حيوان أليف، أو الإهتمام بحديقة المنزل… كل ذلك سيكسر الروتين اليومي بينهما.

سادساً، تجديد العلاقة بين الزوج والزوجة، من خلال الإحتفال بعيد زواجهما، أو الإحتفال بلقائهما الأول وزيارة هذا المكان الذي يحمل الكثير من المعاني الرومانسية… وتغيير العادات والوضعيات الجنسية التي تساهم في تغيير الروتين الجنسي بينهما. ويمكن أن يقوم الشريكان ببعض التغييرات في الأمور الروتينية اليومية، مثل تناول طعام الإفطار أو وجبة الغداء في مكان غير المطبخ.

سابعاً، يمكن للزوجين اللذين يشعران بالملل من علاقتهما، التخطيط لمستقبلهما، وليس فقط لمستقبل أطفالهما. فمعظم الشركاء لا يفكرون بحالتهم بل فقط بأطفالهم، وهذا تصرّف خاطئ إذ يجب أن لا ينسيا بعضهما.

أخيراً، على كل زوج وزوجة أن يعرفا بأنّ الجميع يشعر بالملل من الشريك في بعض الأحيان. ولكن لا يجب الإستسلام أبداً، بل بالعكس ينبغي عدم تضخيم المشكلات اليومية، وحلّها بطريقة بسيطة، بعيداً من الدراما والتشنّجات.