IMLebanon

ميلاد الغزال معوّض أبكى زغرتا ولبنان! (بقلم طوني أبي نجم)

كتب طوني أبي نجم

ورحل ميلاد الغزال معوض…

الخبر وقع كالصاعقة على جميع أهل زغرتا الزاوية ولبنان، ليس لأننا لن نرحل جميعاً، بل لأن رحيل أمثال ميلاد الغزال لا يمكن أن يُعوّض.

كاتب هذه السطور ليس ابن زغرتا، مع أنني أمضيت أعوام طويلة من عمري في زغرتا. التقيت ميلاد الغزال في مناسبات محض اجتماعية، لكنني كنت أشعر في كل مرة انني اعرفه منذ زمن طويل. قمّة في التواضع ومحبة الآخرين، يسارع إلى مصافحة من يلتقيهم وبسمة ملائكية تشعّ على وجهه. كنت أسمع عنه وعن أعماله كثيراً، وحين التقيته قبل سنوات، أدركت حجم النعمة التي يعيشها… نياله!

لم تغره خيرات هذه الدنيا التي أغدقها الله عليه من تعبه وجهده وكفاحه، ومن دون أن يكون لأحد فضل عليه غير ربه كما كان يعترف بتواضع دائماً. كرّس نفسه وما يملكه لفعل الخير، فأغدق على زغرتا وعلى كثر في لبنان من الكثير الذي يملكه، من دون أن يسأل يوماً عن أي مقابل. لم يسعَ يوماً لأي موقع سياسي أو اجتماعي أو لوجاهة. كل ما أراده هو أن يرضي ضميره وخالقه، ليتمكن في هذا اليوم تحديداً من ان يسلّم أمانته مرفوع الرأس، ويقول له “يا سيد هذه الوزنات التي منحتها لي أعيدها أضعافاً مضاعفة”.

وكيف لا يفخر ميلاد الغزال معوّض بكل مسيرته، وهو الابن الـ13 لعائلة متواضعة، بنى نفسه بنفسه في ميدان البناء فحقق ما عجز عنه الكثيرون، وكان صاحب رؤية غير مسبوقة؟!

كيف لا يفخر من استشرف مستقبل القطاع العقاري بفطنة ودقة، فبنى منطقة أدما من الصفر، يوم سخر منه كثر ماذا يفعل في تلك المنطقة النائية، والتي أصبحت فيما بعد بفضله قبلة أنظار الطبقة المرتاحة مادياً للسكن؟! هو العامل بجهد وصمت، وكان يقصد ورشه قبل الفجر وقبل جميع العمال حتى آخر سنوات عمره، ليبقى المثال في الاجتهاد أمام الجميع…

كيف لا تفخر زغرتا الزاوية برفيق درب رينه معوض الذي ورغم تموضعه السياسي وثوابته الوضحة بقي منفتحاً على الجميع وأبقى خطوط التواصل فاعلة رغم كل المطبات في كل المراحل التي مرت بها زغرتا الزاوية ولبنان؟!

وكيف لا يشعر كل لبناني بانه معني برجل شكل رمزاً للانسانية في عطاءاته اللامحدودة من دون أي مقابل، ومن دون أن يسعى يوماً إلى شهرة أو منصب أو وجاهة، وكل همّه أن يساعد الانسان بما وهبه الله من نعم؟!

إنه ميلاد الغزال معوض الذي تبكيه زغرتا الزاوية بحسرة ودمعة. حسرة على رجل لا ولن يتكرر بسهولة، ودمعة وغصة على انسان تجسدت فيه كل قيم الانسانية في زمن بات متوحّشاً.

كثر سيفتقدون أيادي ميلاد الغزال معوض البيضاء على زغرتا ولبنان، كما سيفتقدون لصلابة هذا الرجل وإيمانه ومحبته لزغرتا ولبنان، لكن الرهان كما دائما على البذور التي زرعها ميلاد الغزال وأثره والطيب في كل محيطه، ومعه يصح المثل المعروف جدا وبكل معانيه العميقة: “مين خلّف ما مات”.