IMLebanon

بين الخزعلي وخزعبلات التسويات المزعومة! (بقلم رولا حداد)

بعد زيارة قائد “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي إلى الجنوب اللبناني وإعلانه من هناك مساندة المقاومة الإسلامية التي هي”على مستوى الجهوزية لتلبية نداء الإسلام للتمهيد لدولة العدل الإلهي، دولة صاحب الزمان صلوات الله وسلامه عليه”، انكشف مرة جديدة المخطط الإيراني عبر ميليشياتها في كل المنطقة، والتي يشكل “حزب الله” جزءًا لا يتجزّأ منها، بفرض الجمهورية الإسلامية الواحدة بقيادة الولي الفقيه.

في هذا المشروع لا نأي بالنفس ينفع ولا تحييد. لا علاقة لإسرائيل والقدس بالموضوع، ولا همّ من “شمّاعة” يتم استعمالها تحت مسمّى القضية الفلسطينية و “فيلق القدس” وغيرها من التسميات. مع هذا المشروع تسقط كل الذرائع الوهمية التي تم استعمالها لتبرير قتال “حزب الله” من سوريا إلى اليمن مرورا بالعراق، إضافة إلى التحريض في البحرين والعمليات الإرهابية في الكويت مع خلية العبدلي، إضافة إلى محاولة تحريك مجموعات داخل السعودية.

إنه مشروع إيراني واحد يقوده المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، ولا مكان فيه لا للمصلحة اللبنانية ولا لأي مصلحة عربية أو غير عربية. إنه مشروع لا ينفع معه الحديث عن “النأي بالنفس” أو عن تسويات على الطريقة اللبنانية، والتي تمنح “حزب الله” المزيد من الوقت للسعي لتنفيذ مشروعه وفرض هيمنته على لبنان، في ظل عجز كامل للدولة بمؤسساتها الدستورية والعسكرية والأمنية عن فعل أي شيء غير إصدار بيانات إعلامية سخيفة!

إن جولة الخزعلي إلى حدود لبنان الجنوبية، والاستباحة الكاملة لسيادتنا الوطنية ولأسس الدولة في لبنان، تماماً كما الفيديوهات اللاحقة التي تم نشرها، وتصاريح مسؤولي “حزب الله” التي سبقتها، كلها تؤكد أن التسوية التي قيل عنها والتي أدت إلى عودة الرئيس سعد الحريري عن استقالته، إنما وُلدت ميتة ودفنها أصبح واجباً وطنياً.

لن ينفع المسؤولين اللبنانيين اعتماد سياسة النعامة، لا تجاه تصريحات الشيخ نعيم قاسم وغيره، ولا تجاه زيارة الخزعلي، ولا الحديث عن فتح تحقيق مثير لسخرية جماعة الممانعة على مواقع التواصل الاجتماعي. كما لن ينفع المسؤولين محاولة القيام بعمليات تزوير دبلوماسية لقرارات اجتماع مجموعة الدعم الخاصة بلبنان والتي انعقدت في باريس، عبر محاولة شطب القرار 1559 عن النص العربي الذي وزعته وزارة الخارجية اللبنانية، وهو أمر يستدعي على الأقل انعقاد جلسة نيابية لمحاسبة وزير الخارجية على فعلته.

إن الاصطفاف بات واضحاً وعلى الجميع أن يحددوا خياراتهم: فإما أن يكونوا ملحقين بـ”حزب الله” ومشروع ولاية الفقيه خانعين لا قرار لهم سوى محاولة تجميل انصياعهم لهذا المشروع وكسب الوقت لمحاولة تمرير الصفقات في حين تسقط الدولة اللبنانية، وإما الوقوف مع مفهوم الدولة في لبنان ورفض كل ما يفعله “حزب الله”، والشراكة مع المجتمع الدولي من أجل تطبيق كل القرارات الدولية، وفي طليعتها القراران 1559 و1701.

إن أي حديث عن أي تسوية بعد كل ما تقدّم يعني محاولة غش الرأي العام اللبناني وتخديره، في حين يستكمل “حزب الله” تنفيذ مشروعه. لا بل يمكن القول إن جولة الخزعلي الجنوبية أسقطت بشكل نهائي كل خزعبلات التسويات اللبنانية، والتي يتضح لمرة أخيرة أن “حزب الله” يلزم المسؤولين اللبنانيين، بالفعل لا بالقول، بأن “يبلوها ويشربوا ماءها”… فهل من يتعظ قبل فوات الأوان؟