IMLebanon

أتعاطف مع الإيرانيين وأشفق على اللبنانيين! (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

“لا غزة ولا لبنان… روحي لإيران”. هكذا هتف الإيرانيون الذين تظاهروا في عدد من المدن الإيرانية احتجاجاً على سياسات حكومتهم التي تعطي الأولية للسياسات التوسعية في الخارج على حساب معيشة مواطنيها ورفاهيتهم في الداخل الإيراني. هكذا، وفي حين تتجه الحكومة الإيرانية لرفع الدعم عن حوالى 40 مليون إيراني، أي ما يعادل نصف الشعب، تعلن عن رفع موازنة الحرس الثوري من 4 مليار دولار الى 7.6 مليار دولار، أي ما يعادل تقريبا مضاعفة أرقام الموازنة التي يعتمد عليها الحرس الثوري لتنفيذ سياسات “تصدير الثورة” الإسلامية. أما الأسوأ من كل ذلك فهو أن كل التقارير تشير إلى أن ثروة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد علي خامنئي بحسب كل التقارير المنشورة تتخطى الـ90 مليار الدولار، والنتيجة أن الشعب يئنّ ويصرخ: “الموت للديكتاتور”!

المفارقة الكبرى هو أن يكون النظام الإيراني لم يتعلّم الدرس من الاتحاد السوفياتي الذي انهار من الداخل وتفكك وسقط، نتيجة إهمال شعبه والتفرّغ للسباق إلى ما اصطُلح على تسميته “حرب النجوم” في السباق مع الولايات المتحدة الأميركية.

إنه قدر الأنظمة التي لا تأبه لشعوبها، في حين أن الحكام فيها يكدسون الثروات الطائلة ويرسلون أبناء الشعب للموت بحثاً عن مجد ضائع.

وفي حين أجد نفسي متعاطفة بالكامل مع مطالب الشعب الإيراني المحقة، والتي ستنتصر حتماً يوماً ما “فلا بد أن يستجيب القدر”، لا أتوقف عن مقارنة وضعنا مع وضع الشعب الإيراني المغلوب على أمره. فالمسؤولون في لبنان بأكثريتهم الساحقة يكدسون الثروات الطائلة في حين أن حوالى 30 في المئة من الشعب اللبناني يعيش تحت خط الفقر بحسب الدراسات الرسمية المعلنة. وفي حين يستعمل القادة الإيرانيون الإيدولوجيا الدينية للسيطرة على عقول المواطنين، يستعمل المسؤولون في لبنان سياسة إثارة الغرائز الطائفية والمذهبية لحماية أنفسهم ومواقعهم، وللتغطية على الفاسدين من جماعتهم، وهذا ما يحصل في كل الطوائف والمذاهب!

ولعل المسؤولين اللبنانيين أذكى من نظرائهم الإيرانيين في مكان ما، إذ إن تفتيت المجتمع اللبناني الى طوائف ومذاهب سمح في تفتيت الشعب ومنع توحده حول مطالب وطنية واجتماعية واحدة، رغم أن معاناة اللبنانيين موحدة في الفقر وانعدام أبسط الخدمات من ماء وكهرباء واستشفاء وتعليم وطرقات وبنى تحتية وإلى ما سواها.

وفي حين تعمل الأجهزة العسكرية والأمنية الإيرانية بإمرة موحدة لتنفيذ سياسات عليا توسعية، ورغم سيئاتها، تقبع الأجهزة الأمنية اللبنانية أسيرة التجاذبات الطائفية والمذهبية الداخلية، كما أسيرة تضارب مصالح الزعماء، فنشهد على سبيل المثال قطع المخصصات المالية لعمل الأجهزة حين لا تخضع لمشيئة بعض السياسيين، كما شهدنا في السابق تعطيلاً كاملاً لأحد الأجهزة بهدف إخضاعه بالكامل.

وما ينطبق على اللبنانيين والأجهزة، ينطبق أيضاً حتى على الإعلام الذي تم إخضاعه إما بالترهيب، والأمثلة أكثر من ان تُحصى، وإما بالترغيب والتخيير بين “شراء الذمم الإعلامية” أو الوقوع تحت العجز وإقفال المؤسسات.

في إيران ثار الشعب إبان “الثورة الخضراء”، وهو يثور اليوم بوجه إفقاره وتجويعه، أما في لبنان فشعب مستسلم لقدره، يصفّق لزعيمه الذي يكدّس ثرواته ويمنّنه ببعض الخدمات من كيس الدولة أي جيب المواطن، في وطن بات فيه شعار مواطنيه: “زعيمي دائماً على حق”.

أتعاطف حتما مع الإيرانيين… وأشفق حتما على أنفسنا كلبنانيين!