IMLebanon

كتلتان جديدتان في الانتخابات النيابية المقبلة

كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:

بدأت معالم المعركة الانتخابية المرتقبة في أيار المقبل تتضح، على أن تصبح خريطة التحالفات وفحوى البرامج الانتخابية التي ستخوض على أساسها الأحزاب اللبنانية الاستحقاق النيابي، معلنة ورسمية مطلع العام المقبل. والاصطفافان العريضان 8 و14 آذار اللذين شكلا الشعار الأساسي للانتخابات الأخيرة التي تمت في عام 2009، سقطا حاليا لمصلحة قيام كتلتين جديدتين: جبهة السلطة وجبهة المعارضة، اللتين ستتواجهان في معركة محتدمة باعتبار أن قانون الانتخاب الجديد والذي يعتمد النسبية، سيسمح بتحقيق الاختراقات التي لطالما سعت إليها وبوجه خاص مجموعات المجتمع المدني.

وفيما تضع هذه المجموعات اللمسات الأخيرة على الورقة السياسية المشتركة التي ستصدرها كما على البرنامج الانتخابي الذي ستعتمده في الاستحقاق المقبل، تكثّف أحزاب السلطة نشاطاتها وحركتها، وهي بدأت عمليا إعادة تجميع قواعدها الشعبية وشد عصبها، وإن كانت التحالفات التي ستعتمدها غير واضحة المعالم حتى الساعة.

ويبدو أن الحلف الخماسي العريض الذي تم الترويج له في المرحلة التي تلت عودة رئيس الحكومة سعد الحريري عن استقالته، على أن يضم الأحزاب الكبيرة والرئيسية أي تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» و«حزب الله» وحركة «أمل» وتيار «المردة»، على أن يستثني «القوات اللبنانية»، تلاشى مع انطلاق الحسابات الانتخابية بعدما تبين أنه لا إمكانية تحالف كهذا أن يقوم في كل المناطق نظرا لخصوصية كل منها. وهو ما تحدث عنه مدير عام شركة «ستاتيستيكس ليبانون» الخبير الانتخابي ربيع الهبر، مستبعدا تماما قيام تحالف مماثل، ومرجحا اعتماد الأحزاب كافة على تحالفات مناطقية – ظرفية، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن صورة التحالفات السياسية الحالية قد لا تنعكس على التحالفات الانتخابية حتى. وقال: «الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، ومن المرجح أن تكون التحالفات مختلفة بين منطقة وأخرى. فمثلا قد نرى (التيار الوطني الحر) وتيار (المستقبل) على لوائح واحدة في عكار لكن الأمر لن يكون كذلك في طرابلس، كما أننا قد نرى (القوات) و(الوطني الحر) يتعاونان في زغرتا ويتواجهان في مناطق أخرى».

ويعتبر الهبر أن المعركة الانتخابية المقبلة ستكون بين تحالفي السلطة والمعارضة على أن يضم هذا الأخير كل الأحزاب والمجموعات غير المشاركة في الحكومة، كمجموعات المجتمع المدني، واللواء أشرف ريفي وحزب «الكتائب» وغيرهم.

وإذا كانت أحزاب السلطة تعول على تسويق وحدتها التي، كما تقول، أمّنت استقرار البلد الأمني والسياسي لحشد الناخبين، فإن قوى المعارضة تقدم نفسها حاليا كبديل عن الطبقة السياسية الحالية التي جربها المواطن على مر السنوات ولم تنجح بالنهوض بالدولة ومؤسساتها على الصعد كافة. ويشير أمين عام حزب «سبعة» جاد داغر، وهو أحد أحزاب المجتمع المدني التي ستخوض الانتخابات بإطار جبهة موحدة، إلى أن البرنامج الانتخابي الذي يتم العمل عليه حاليا «يعتمد وبشكل أساسي على الدعوة لتغيير الطبقة الحالية والانتفاض على الأمر الواقع»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «جبهة المجتمع المدني تعد ورقة سياسية مشتركة تحدد أطر العمل على أن يتم فيها طرح وجهة نظرها من كل الأمور سواء الداخلية أو الخارجية، باعتبار أن ما نسعى إليه عمل سياسي محترف لا عمل مراهق». ويضيف داغر: «التحدي الأكبر بالنسبة لنا هو أن تكون الرؤية واضحة لدى اللبنانيين خاصة وأن الأحزاب التقليدية تسعى اليوم لتقديم وجوه جديدة تديرها هي لتقول للمواطن أنّه باختيارها يكون اعتمد بديلا جديدا، علما أن ذلك غير صحيح على الإطلاق. الوجوه الجديدة التي يتوجب على اللبناني أن يختارها هي تلك التي تحمل نهجا جديدا».

وقال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع خلال استقباله عددا من المهندسين المنتمين لحزبه مساء الجمعة: «نحن قادرون على إحداث التغيير المطلوب في ظل الديمقراطية الفعلية في لبنان، وعلينا جميعا أن نتجند من أجل أن نستفيد منها»، مشيراً إلى أن «الخيار متاح أمام اللبنانيين الذين يتذمرون من الواقع الراهن، فنحن كقوات لبنانية سيكون لدينا لوائح انتخابية في جميع المناطق، قوموا بالاقتراع لهذه اللوائح لأن القوات تجسد ما تتوقون له من تغيير، فاستمراركم بالاقتراع لما تتذمرون منه أمر غير منطقي».

أما فيما يتعلق بالتحالفات الانتخابية، فقد أوضح جعجع أن «القوات تقوم بدراسة الأوضاع لترى ما هو مناسب لها، إلا أن المؤكد هو أننا مستمرون في هذه المعركة الانتخابية انطلاقا من قواعدنا الشعبية»، معتبرا أن «الانتخابات المقبلة محطة مفصلية مهمة ويجب أن نضع جميعا كل جهد ممكن من أجل إنجاحها لأن النجاح مقرون فقط بالتحضير الجيد».