IMLebanon

إعادة فتح مداخل وسط بيروت بعد أربع سنوات على إقفالها

كتب نذير رضا في صحيفة “الشرق الأوسط”:

بمجرد أن أصدر ضابط في الجيش اللبناني تعليماته لعناصره بإزالة العوائق الإسمنتية تحركت آليات بعد إزالة العوائق الحديدية التي أقفلت مداخل الوسط التجاري في وسط المدينة لأربع سنوات، وهو الإجراء الذي بدأ تطبيقه أمس، إثر توجيه رئيس مجلس النواب نبيه بري للقوى الأمنية والعسكرية الموكلة حماية منطقة البرلمان بفتح المنطقة، إثر «تراجع التهديدات الأمنية».

بدت منطقة وسط بيروت أمس أشبه بخلية نحل تواكب تنفيذ الإجراءات الجديدة. أُزيلت سواتر الحديد عن مداخل منطقة الوسط التجاري وشهدت المنطقة نشاطاً محدوداً لروادها في موازاة حضور عسكري لافت يتابع إزالة العوائق المثبتة على مداخل ساحة البرلمان، وسط آمال أصحاب تلك المحال التجارية بعودة الحياة إلى المنطقة من جديد.

وتعرض مستثمرون في المنطقة لخسائر كبيرة خلال السنوات الأربع الماضية، نتيجة تراجع العمل التجاري إلى حدود 3 في المائة، كما يقول هؤلاء، ولم تنفع الإجراءات التمهيدية التي اتخذت مطلع العام الماضي بإعادة النبض إلى «قلب بيروت»، وهو ما دفع رئيس الحكومة سعد الحريري إلى رعاية تنظيم احتفالات العام الجديد في الوسط، بغرض «إعادة النبض إليه» من جديد.

وأعلنت الأمانة العامة لمجلس النواب أمس أن بري «أعطى توجيهاته لفتح جميع منافذ محيط مجلس النواب للمشاة كما كان الوضع عليه قبل الإجراءات الأمنية الأخيرة»، متمنيا على أصحاب المؤسسات التجارية والمطاعم والفنادق والمكاتب «العودة إلى مزاولة أعمالهم».

وقال مصدر عسكري ميداني يشرف على فتح المنافذ المحيطة بالبرلمان أنه بعد إصدار بري «تعليماته لإراحة المنطقة أمنياً»: «بدأت الإجراءات لإزالة كل الحواجز وأبقينا على نقاط مراقبة تتدخل عند الضرورة»، واصفاً، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» الوضع الأمني في المنطقة الآن بأنه «مستقر إلى حد كبير».

وفيما أزيلت نقاط التفتيش من كامل المداخل المؤدية إلى ساحة النجمة، قال المصدر إن القوى الأمنية والعسكرية الموكلة حماية مجلس النواب «لا تزال في مراكزها لتسهيل حركة المواطنين وحماية الأمن»، مشدداً على إعادة فتح المنطقة «يتم تحت إشراف بري».

وأقفلت المنطقة بشكل شبه كامل في عام 2014، بعد تهديدات أمنية من قبل تنظيمات متطرفة نفذت عمليات إرهابية طالت عدة مناطق لبنانية، كما تشددت الإجراءات إثر المظاهرات التي نفذتها مجموعات الحراك المدني في وسط بيروت، احتجاجا على أزمة النفايات. وأزيلت البوابات الحديدية المؤيدة إلى ساحة البرلمان، مطلع العام الماضي، قبل أن تُزال سائر العوائق الحديدية والإسمنتية أمس، تمهيداً لإعادة الحياة إلى منطقة وسط بيروت.

وتفاقمت المعاناة الاقتصادية للمستثمرين في المنطقة بشكل كبير، منذ إقفالها، حيث تراجعت مستويات العمل التجاري فيها إلى حدود الـ3 في المائة، نتيجة إقفال المنطقة، كما تقول مديرة في متجر لبيع الملابس في شارع المعرض لـ«الشرق الأوسط»، وهو ما دفع المتجر لتقليص أعداد الموظفين من 16 إلى اثنين، فيما أقفلت الكثير من المحال التجارية في الشوارع المحيطة بساحة البرلمان.

واستدعى هذا الوضع تدخلاً سياسياً، بعد تراجع التهديدات الأمنية. وبعد رعاية رئيس الحكومة سعد الحريري لاحتفالات استقبال العام الجديد في المنطقة، بهدف «إعادة الحياة إليها»، اتخذ القرار أمس بفتحها وإزالة الإجراءات الأمنية المحيطة.

وقال علي عبد الواحد، مدير مطعم «كرمنا» الذي صمد خلال الفترة الماضية، إن المنطقة التي كانت تضم 170 مطعماً في عام 2010: «تراجع عدد المطاعم فيها إلى أربعة على أبعد تقدير الآن»، موضحاً أن المنطقة شهدت تراجعاً كبيراً بالحركة التجارية على خلفية تراجع عدد الزوار، وتراجع أعداد السياح الذين يرتادونها، ويشكلون المورد الأهم للحركة التجارية فيها، لافتاً إلى أن إقفال المحال التجارية «بدأ في عام 2013 إلى حدود 50 في المائة، قبل أن يصل إلى حدود 90 في المائة في عام 2014»، وذلك «لاعتبارات أمنية».

وتوصف منطقة وسط بيروت بأنها الوسط التجاري للمدينة، ولطالما استقطبت سياحاً في وقت سابق، وتفتتح أبرز العلامات التجارية العالمية، فروعاً لها فيها. وبهدف ضخ الحياة فيها، قال عبد الواحد إن هناك «وعوداً سياسية بتقديم تسهيلات بهدف استقطاب المستثمرين وتحفيز المستثمرين أيضاً بعدما تبدلت المعطيات الأمنية التي دفعت لإعادة فتح المنطقة»، بينها وعود بتقليص الضرائب والمدفوعات السنوية لبلدية بيروت التي تصل إلى أكثر من 30 ألف دولار سنوياً، فضلاً عن فتح المنطقة الحيوية. وقال: «ما نحتاج إليه استقرار وأمن في البلد، وهو كفيل باستقطاب السياح والمستثمرين الذين تكبدوا خسائر كبيرة خلال السنوات الأربع الأخيرة». وأشار إلى «إننا نحتاج لإعادة الثقة للمستثمرين على المدى الطويل كي يؤمنوا استمرارية باستثماراتهم، بعدما باتت كل المعطيات المختلفة».

وكان الحريري أعلن غداة مشاركة الساهرين باحتفالات استقبال العام الجديد في وسط بيروت، أن «بيروت، قلب لبنان، عادت تنبض من جديد، كما أرادها الرئيس الشهيد رفيق الحريري مزهوة بالفرح متألقة بالجمال وجامعة للبنانيين جميعاً».