IMLebanon

طبخة قانون العفو العام نضجت.. واستثناءاته محدودة

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:

يترقب آلاف الموقوفين والمحكومين القابعين في السجون اللبنانية، ومعهم عائلاتهم، مشروع قانون العفو العام الذي بدأ يطبخ في الكواليس السياسية، لمعرفة حيثياته، ومن سيشمل هذا العفو ومن يستثني، إلا أن الأجواء التي استشفتها «لجنة أهالي الموقوفين الإسلاميين» خلال لقائها الأخير مع رئيس الحكومة سعد الحريري، أعطتهم جرعة تفاؤل قوية، بعدما قدم لهم الأخير وعداً بقرب صدور هذا العفو الذي سيشمل الجميع، لكنه يستثني بطبيعة الحال الجرائم المحالة على المجلس العدلي، أي جرائم الاعتداء على أمن الدولة، والتفجيرات والاغتيالات السياسية، وكذلك العناصر المتورطة بخطف وذبح جنود الجيش اللبناني في جرود عرسال.

وتتعدد الروايات حول الآلية المتبعة في مشروع القانون، وكذلك المحاذير والخوف من بروز عقبات تطيح به وبالرهان عليه، إلا أن المحامي محمد صبلوح وكيل عدد كبير من «الموقوفين الإسلاميين»، الذي يشارك في لقاءات لجنة الأهالي مع القيادات السياسية والأمنية، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الحريري «وعد الأهالي بصدور قانون العفو قبل نهاية كانون الثاني الحالي، وأبلغهم أنه أخذ وعداً من رئيس الجمهورية ميشال عون، بالموافقة على هذا العفو، الذي سيشمل معظم الموقوفين الإسلاميين».

ويبدو أن مصلحة معظم القوى السياسية تتقاطع مع قانون العفو، ليكون ثاني عفو عام يصدر بعد القانون المماثل في العام 1991، الذي صدر غداة انتهاء الحرب الأهلية، والذي استثنى الجرائم المحالة على المجلس العدلي التي طالت قادة سياسيين ورجال دين وسفراء.

وكشف المحامي صبلوح أن المشاركين في «ندوة (فندق) البريستول» الأسبوع الماضي «تلقوا رسالة من الرئيس ميشال عون، يُفهم منها أنه لم يعد هناك «فيتو» على الموقوفين الإسلاميين، وأنه لا يمانع من العدالة والعفو العام». ولفت أيضاً إلى أن «النائب بهية الحريري (عمّة رئيس الحكومة سعد الحريري)، التقت قبل يومين أهالي موقوفي ومحكومي أحداث عبرا (شرق مدينة صيدا)، وأبلغتهم أن مسودة القانون باتت جاهزة، وهي قيد النقاش في الدوائر المعنية». هذه الأجواء أيّد وجودها عضو كتلة «المستقبل» النائب عمّار حوري، وإن لم يفصح عن مضامين القانون العتيد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «النقاشات في موضوع قانون العفو باتت في مرحلة متقدمة». وأكد أن الوضع «يتجه نحو الإيجابية، لأن الاعتراضات على العفو باتت أقلّ من ذي قبل، وهناك قناعة لدى قوى كبيرة بأن العفو يجب أن يشمل من طالتهم المعاناة لسنوات طويلة».

ورفض حوري الدخول في التفاصيل لكنه شدد على أن العمل بات متقدماً. وعن إمكان صدور قانون العفو قبل نهاية الشهر الحالي أو قبل موعد الانتخابات النيابية المقررة في السادس من (أيار) المقبل، لفت حوري إلى أن الأمور «ليست مقيّدة بمهل زمنية، لكن هناك عملاً متقدماً».

ويتخوّف البعض أن يقتصر القانون على أشخاص ويستثني آخرين، بدوافع سياسية أو طائفية أو مذهبية، حيث تردد أن هذا القانون سيستثني أغلبية الموقوفين الإسلاميين، بعد الحديث عن إحالة ملفاتهم على المجلس العدلي، مثل أحداث عبرا التي حصلت بين الجيش اللبناني وأنصار الشيخ أحمد الأسير، ومعارك عرسال التي وقعت بين الجيش ومسلحي «جبهة النصرة» وتنظيم داعش.

المحامي صبلوح لفت إلى أن العفو «سيشمل بكل تأكيد موقوفي عبرا، لأن هؤلاء صدرت أحكام مبرمة بحقهم وبعضهم قضى عقوبته وخرج من السجن»، وتوقع أن يطال الاستثناء الأشخاص الذين ثبت دورهم في خطف عسكريين من الجيش اللبناني في عرسال ومن ثم تصفيتهم، مذكراً بأن «عدد الموقوفين الإسلاميين يبلغ 1300 شخص، بينما عملاء إسرائيل وعائلاتهم الذين كانوا في عداد (جيش لبنان الجنوبي) بقيادة العميل أنطوان لحد، يبلغ عددهم 4859 شخصاً، وهؤلاء سيشملهم العفو لأنهم يوصفون بـ(المبعدين قسراً)، علماً بأن أبناءهم ولدوا في إسرائيل، وتربوا على فكرة كراهية العرب»، بحسب ما قال. ودعا المحامي صبلوح إلى «عدم الكيل بمكيالين في موضوع الاعتداء على الجيش».

وفي بداية كلّ عهد رئاسي يعلّق السجناء والموقوفون آمالاً كبيرة على مبادرة الرئيس الجديد لإصدار عفو عام يشملهم، إلا أن ذلك لم يتحقق.

وكان المحامي صبلوح سلّم رئيس الحكومة سعد الحريري مشروع قانون عفو مدروس، بحيث تطبّق إجراءات العفو بطريقة تسلسلية، أي أن يكون المحكوم قد خضع للعقوبة، ونفذ القسم الأكبر منها، ويشمله العفو بأقل الخسائر، ويلحظ أنه «من ارتكب جريمة جنائية خلال خمس سنوات من تاريخ العفو عنه، يُعاد توقيفه وتطبّق بحقه العقوبتان».

ويشدد على أن «يستفيد من العفو الأشخاص المحكومون بعقوبات محددة في قانون العقوبات، الذين باتت أحكامهم مبرمة، شرط أن يبرزوا أمام اللجنة المختصة بدرس طلبات العفو إسقاطاً من الجهة المدعية (تراجعاً عن الدعوى)، وبراءة ذمة تؤكد حصولهم على تعويضاتهم». ويؤكد مشروع القانون على «ضرورة أن يشمل (العفو) الأشخاص الموقوفين والمتوارين عن الأنظار المدعى عليهم قبل صدور قانون العفو، ويلحظ إلغاء جميع القرارات الصادرة عن المحاكم القاضية بتجريد المحكوم عليهم من حقوقهم المدنية والسياسية الصادرة قبل تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية».