IMLebanon

“صيف وشتاء” يتنازعان… الربيع اللبناني

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: … هو الصيف والشتاء تحت سقف واحد في لبنان الذي يبدو تحت تأثير «مساراتٍ متعاكسة»، إيجابية وسلبية، لملفاتٍ واستحقاقات داخلية وخارجية يصْعب التكهّن بمآلاتها في ضوء الواقع الإقليمي الذي دخل مرحلة «غليان ما قبل التبريد» والوضع المحلّي الذي استعاد مناخات استقطاب وتجاذبات على أكثر من «جبهة».

وتَطْرح أوساطٌ سياسية لبنانية علامات استفهامٍ حيال إمكان صمود «جدار الفصل» بين المسار الانفراجي الذي يُراهَن عليه عبر 3 مؤتمرات دولية دعماً للبنان ستُعقد في الأشهر القليلة المقبلة، كما عبر معاودة انتظام اللعبة الديموقراطية من خلال الانتخابات النيابية في مايو المقبل، وبين مسار التأزم الداخلي المتدحْرج الذي تَتَشابك فيه الملفات الخلافية بأبعادها السياسية والطائفية وصولاً إلى الخشية من خلفيات لها تتّصل بالرغبة في إحداث تعديلات في نظام الطائف تُلاقي السباق الإقليمي على لبنان من ضمن «خريطة النفوذ» الجديدة التي ترْتسم في المنطقة.

وتشير هذه الأوساط الى أن المؤتمرات المزمع عقدها تعكس رغبة دولية في احتضان الواقع اللبناني وحماية استقراره الاقتصادي واستطراداً تأكيد أنه «ليس متروكاً» في مرحلة «المقايضات الكبرى» في المنطقة، بدءاً بـ «مؤتمر سيدر لبنان» باريس الذي يفترض ان يلتئم في ابريل المقبل قبيل زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبيروت وسيركز على دعم الاستثمار في لبنان، وستسبقه زيارات لمسؤولين فرنسيين كبار الى «بلاد الأرز» في إطار التحضير له.

وسيَسبق هذه المحطة، انعقادُ مؤتمر «روما 2» لدعم الجيش والمؤسسات العسكرية والأمنية في لبنان أواخر الشهر المقبل، فيما تتّجه الأنظار أيضاً إلى مؤتمر «بروكسيل 2» الخاص بمساعدة لبنان على تَحمُّل عبء النازحين السوريين والمرتقب أواخر ابريل.

وفي حين ستشكّل زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للكويت في 23 الشهر الجاري محطة جديدة في سياق تأكيد أواصر العلاقة الراسخة مع الكويت قيادةً وشعباً وتوجيه رسالة انفتاح على دول الخليج والرغبة في تعزيز التعاون معها بعد الاهتزاز الذي تعرّضت له العلاقة معها ربْطاً بأدوار «حزب الله» العسكرية في أكثر من ساحة في المنطقة، فإن «طوق الحماية» الخارجي للبنان من شأنه أن يكتسب أبعاداً أكثر إيجابية في ظل الاستعدادات لإجراء الانتخابات النيابية في 6 مايو المقبل، بما يوجّه إشارةً إلى عودة الحياة السياسية والمسار الدستوري إلى الانتظام، وذلك بمعزل عن المخاوف التي يتم التعبير عنها في أكثر من عاصمة حيال إمكان أن تفضي هذه الانتخابات الى إمساك «حزب الله» وحلفائه بالغالبية البرلمانية.

ورغم أن قطار الانتخابات انطلقَ وسط تأكيداتٍ أنه ماضٍ حتى بلوغ صناديق الاقتراع في 6 مايو المقبل، فإن مناخَ تشكيكٍ بحصولها في موعدها دهم المَشهد السياسي في الأيام الماضية وهو ما عكَسه كلام رئيس البرلمان نبيه بري عن أن «هناك مَن لا يريد الانتخابات داخليّاً وخارجيّاً»، وعن أن المطالبات بإدخال تعديلات على قانون الانتخاب تحت عنوان الإصلاحات والتي يتصدّرها «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس عون) تستنبط محاولات لتطيير هذه الانتخابات، راسماً خطاً أحمر أمام فتْح باب البرلمان لوضْع القانون تحت «مبضع التعديلات» من جديد كما أمام أي إرجاء للانتخابات التي يؤكد الجميع التمسك بإجرائها والتي باتت جزءاً من «المعركة الاستراتيجية» لـ «حزب الله».

وجاء «الغبار» الذي لفّ الانتخابات النيابية في غمرة احتدام الأزمة بين عون وبري حول مرسوم منْح سنة أقدمية لضباط دورة 1994 في الجيش، وهي الأزمة التي تُسابِق الوساطات لحلّها، وسط بروز ملامح «توازن ردْع» ضمني حيال مناخ رغبة المكوّن الشيعي في تكريس وزارة المال له في كل الحكومات وتثبيت توقيعها على كل المراسيم في السلطة التنفيذية بما يوازي «الفيتو» فيها الى جانب توقيعيْ رئيس الجمهورية المسيحي ورئيس الحكومة السني، وهو ما عبّر عنه الغمز من قناة إمكان أن تفتح أي مطالبة بذلك الباب أمام الدعوة لتعديل مواد دستورية بما يقيّد الوزير المختص بمهلة محدّدة لتوقيع المراسيم قبل ان تصبح نافذة بعدها.

وإذا كانت «أزمة المرسوم» باتت بمثابة «الحديقة الخلفية» لصراعٍ مكتوم حول النظام وتوازناته لا يُعرف ما ستكون تداعياته على علاقة رئيس الجمهورية بـ «حزب الله»، فإن الحزب الذي يراقب الوضع اللبناني بـ «عيْن استراتيجية» يقف أمام تحديات خارجية متعاظمة عبّرت عنها اندفاعة أميركية متجددة بوجهه، بدءاً من دعوة الرئيس دونالد ترامب «جميع الحلفاء لدعمنا من أجل التصدي لنشاط إيران، وعليهم أن يعترفوا أن«حزب الله»هو تنظيم إرهابي»، مروراً بقرار وزارة العدل الأميركية فتح تحقيق في قضايا عمليات تهريب مخدرات وغسل أموال، ذكرت أن «حزب الله» متورط بها وتشكيلها فريقاً من المحققين، أفادت «وكالة الانباء المركزية» أن وفداً منه في طريقه الى بيروت وتترّكز مهمته على جمع معلومات عما تعتبره واشنطن «شبكات تجارة المخدرات التي يستفيد منها«حزب الله»لتمويل نشاطاته»، على ان يرفع في ضوئها تقريراً الى القضاء الاميركي لاتّخاذ الاجراءات المناسبة.

وترافق ذلك مع إعلان البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة «انّ النظام الإيراني ينفق 200 مليون دولار على الأقل سنوياً لدعم«حزب الله»اللبناني».