IMLebanon

“حزب الله” حدّد “الهدف الأمّ”… “الثلث المعطّل”!

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية انه في حين بدأتْ مختلف الأطراف السياسية بـ “تزييت ماكيناتها الانتخابية” والتهيؤ لحسْم التحالفات التي تتداخل في رسْم خريطتها اعتباراتٌ متضاربة بين أفرقاء يرون في الانتخابات المقبلة فرصة لتكبير كتلهم البرلمانية أو الحفاظ على «أوزانهم» ربْطاً باستحقاقات مقبلة وبين آخرين لا يتعاطون معها إلا من الزاوية الاستراتيجية التي لطالما قاربوا من خلالها الواقع اللبناني، فإن إقامة «عازِل صوتٍ» عن صخب «المعركة» السياسية – الدستورية بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري حول «أزمة المرسوم»، كما عن ضجيج «تتمتّها» على «محور» عرض فيلم ستفين سبيلبرغ  «the post»، يَسمح بتلمُّس أن «حزب الله» حدّد «الهدف الأمّ» من الاستحقاق النيابي والمتمثّل بالإمساك بـ «فيتو» الثلث المعطّل (43 نائباً من أصل 128 يتألّف منهم البرلمان) عبر «كتلة متراصة» و«صافية» للحزب وحلفائه (من دون «التيار الوطني الحر» أي حزب عون).

وترى أوساط سياسية لصحيفة “الراي” الكويتية انه رغم أن هذا «الهدف» قد يبدو للوهلة الأولى متواضعاً إذا قيس بالمخاوف التي سادتْ داخلياً وخارجياً من إمكان أن يفوز «حزب الله» بالغالبية البرلمانية، فإن مصادر مطّلعة ترى أن الحزب يضع هدفيْن متلازميْن، الأوّل والأهمّ حصْد الـ 43 مقعداً بما يضمن التحكّم بمسار العمل البرلماني في المسائل الجوهرية التي تحتاج إلى نصاب وأكثرية الثلثين وأبرزها الانتخابات الرئاسية المقبلة، والثاني تشكيل تحالف عريض يضمّه وحلفاءه مع «التيار الحر» لضمانِ تكوين أكثرية في مجلس النواب العتيد.

ورغم أن من السابق لأوانه الحديث عن تبايناتٍ على خط “حزب الله”- “التيار الحرّ” تُخرِجهما من التحالف الاستراتيجي ربْطاً بالمواجهة المفتوحة بين عون وبري، فإن المصادر نفسها ترى أن تعميق الانطباع بوجود تَباعُدٍ ما بين التيار والحزب من شأنه أن يخفّف من «الوقع السلبي» خارجياً لأي نتيجة للانتخابات تفضي إلى فوزهما بالنصف زائد واحد وما فوق، في حين يكون الحزب «وضع في الجيْب» مفتاح الثلث المعطّل بما يجعله يدفع بالمركب اللبناني رسمياً من الخلف بما يخدم أجندته الاستراتيجية، على أن يكون التلاقي «على القطعة» مع «التيار الحرّ»، بمعنى أن يكون التحالف الانتخابي بينهما في بعض الدوائر وليس شاملاً كل لبنان.

وحسب هذه المصادر، فإن «تضييع بوصلة» مَن يُمسِك بأكثرية برلمان 2018 – 2022 قد يكون أمراً يلقى صدى إيجابياً لدى المجتمع الدولي غير الراغب في أن يتحكّم “حزب الله” بمفاصل اللعبة السياسية في لبنان انطلاقاً من نتائج الانتخابات، وصولاً الى ما كان جرى كشْفه عن ربْط تسييل المساعدات التي ستقّر للبنان في مؤتمر «روما 2» لدعم الجيش المتوقع عقده نهاية شباط المقبل ومؤتمر «سيدر 1» في باريس أوائل ابريل لدعم الاستثمار في لبنان، ثم مؤتمر بروكسيل للنازحين نهاية ابريل بما ستفرزه صناديق الاقتراع على هذا الصعيد.

من جهتها، كتبت صحيفة “الانباء” الكويتية أنه منذ لحظة إقرار القانون الجديد للانتخابات، بدأ يترسخ اعتقاد أن هذا القانون الذي يبدل قواعد اللعبة الانتخابية بشكل ملموس سيعيد خلط الأوراق السياسية على نطاق واسع، على مستوى العلاقات والتحالفات، وأيضا على مستوى النتائج.

فإذا كان لبنان ينتقل انتخابيا ولأول مرة من النظام الأكثري الى النظام النسبي، فإن الأكثرية النيابية ستنتقل ولأول مرة منذ العام ٢٠٠٥ من فريق المستقبل وحلفائه وما عرف بـ «فريق ١٤ آذار» إلى فريق حزب الله وحلفائه وما عرف بـ “٨ آذار”.

وفي اعتقاد أصحاب هذا الرأي أن القانون النسبي هو «قانون حزب الله» المستفيد الأول منه والرابح الأكبر في الانتخابات المقبلة، بحيث سيكون قادرا على زيادة كتلته النيابية المباشرة (مع حلفائه ومن دون التيار الوطني الحر) من ٣٥ نائبا الى ما يلامس عتبة الـ ٥٠ نائبا. وهذه الزيادة تتحقق من خلال:

ـ استرجاع المقاعد الشيعية الثلاثة من المستقبل (زحلة ـ عقاب صقر/ بيروت ـ غازي يوسف/ البقاع الغربي ـ أمين وهبي)، وبالتالي استحواذ الثنائي الشيعي ( ««أمل» حزب الله) على كل المقاعد الشيعية الـ ٢٧.

ـ دعم فرص وصول حلفاء لم يكن وصولهم ممكنا في ظل قانون الـ ٦٠، وهؤلاء الحلفاء «النواب الجدد» موزعون على كل الطوائف ومنهم سنة (عبدالرحيم مراد- جهاد الصمد- أسامة سعد- وجيه البعريني…) ومسيحيون (فريد هيكل الخازن ـ ميريام سكاف ـ إبراهيم عازار…) ودروز (فيصل الداوود- وئام وهاب…)، وبالتالي فإن النقص الذي سيلحق كتلتي المستقبل والتيار الوطني الحر يصب في مصلحة حزب الله ليكون لديه هذا الفائض الجديد.

في حسابات أصحاب هذا الرأي المناهضين لحزب الله، أن الحزب مع حلفائه المباشرين، مضافا إليهم التيار الوطني الحر، قادر على بلوغ عتبة النصف زائد واحد (٦٥ نائبا).

ولكن التجاوز لا يقف عند هذا الحد وعند هذا الرقم. فإلى الأكثرية العددية الطفيفة، ثمة أكثرية سياسية ستكون متوافرة لحزب الله وتتجاوز عتبة الثلثين، لأن كتلة جنبلاط مؤيدة للثنائي الشيعي وكتلة الحريري منخرطة في هذا الخط وتحت عنوان «التسوية».

وبالتالي لا يعود أمام «القوى السيادية» إلا مهمة صعبة وشبه مستحيلة وهي تجميع طاقاتها وصفوفها لتأمين «الثلث الضامن» (مع احتساب القوات اللبنانية من ضمن هذا الثلث والرهان على تحولها الى المعارضة، ومن دون احتساب المستقبل استنادا الى سياسته الحالية) للحؤول دون سيطرة مطلقة للحزب تتيح له تشريع وضعه وتغيير وجه لبنان.

ولكن هناك الرأي الآخر الصادر عن فريق حزب الله وغير الموافق على مجمل هذا التحليل الذي يعطيه أكثرية نيابية سياسية تصل الى عتبة الثلثين، فيما هو يخوض، وبسقف سياسي واقعي، معركة الثلث الضامن أو المعطل الذي يوفر له حق الفيتو الذي استخدمه في معركة رئاسة الجمهورية ليعطل نصاب جلسات الانتخاب لسنتين.

ذلك أن الخارطة السياسية لما بعد الانتخابات تفيد أن التصنيف على أساس ٨ و١٤ آذار سقط نهائيا، وأن التيار الوطني الحر والمستقبل في «محور واحد» بعدما تأكد تحالفهما السياسي والانتخابي.