IMLebanon

لبنان يُطْلِق العنان لـ”معارك” الانتخابات… وما بعدها

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: تَكرّس رسمياً أمس «التوازن السلبي» في لبنان في ما خصّ «الحرب المتعدّدة الجبهة» التي اندلعتْ قبل أسابيع بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري وشكّل «رأس جبل الجليد» فيها مرسوم منْح سنة أقدمية لضباط دورة 1994 في الجيش، قبل أن «تتدحْرج» لتتحوّل أزمة سياسية – دستورية وُضع معها نظام الطائف وتوازناته الطائفية في مرمى الاشتباك بالصلاحيات والتواقيع، ليأتي بدء العدّ العكسي للانتخابات النيابية في 6 ايار المقبل ويجعل هذا «المناخ المشحون» أقرب الى «وقودٍ» لـ «تسخين» الماكينات الانتخابية وشدّ العصَب و«ربْط نزاع» مع مرحلة ما بعد الاستحقاق النيابي التي تفترشها «ألغام» داخلية وخارجية كثيرة.

وبعدما كان رئيس الجمهورية «قال كلمته ومشى» في موضوع مرسوم الأقدمية معزَّزاً برأي استشاري (من وزارة العدل) يؤكّد موقفه بعدم الحاجة الى توقيع وزير المال (حالياً شيعي) على المرسوم مع تَمسُّكه بأن الأخير بات نافذاً وليعترض مَن يُريد أمام القضاء، سُجّل أمس تطور بارز مع إعلان رئيس «التيار الوطني الحرّ» (حزب الرئيس عون) وزير الخارجية جبران باسيل «خسارته» معركة الإصلاحات التي تَمسّك باعتمادها في الانتخابات المقبلة، كما معركة تمديد فترة تسجيل اللبنانيين المغتربين في السفارات والقنصليات (للمشاركة في الانتخابات بعدما كانت انتهت في 20 تشرين الثاني الماضي)، والتي تحتاج الى تعديلات في القانون وقف بوجهها بري سداً منيعاً باعتبار أنها ستعني فتْح الباب لتطيير الاستحقاق برمّته.

واعتُبر هذا التطور بمثابة «هدف التعادل» في سياق «المعركة المفتوحة» بين الرئاستيْن الأولى والثانية والتي ستكون أمام أكثر من «جولة تتمّة» في الانتخابات المقبلة، كما في مرحلة ما بعدها، وتحديداً على جبهتيْ رئاسة البرلمان ووزارة المال التي برزت إشارات متقدمّة من المكوّن الشيعي إلى رغبته في تثبيتها له كما بتكريس توقيعها على كل المراسيم في السلطة التنفيذية الى جانب رئيس الجمهورية (المسيحي) ورئيس الحكومة (السني)، في موازاة اتّهام قريبين من بري رئيس الجمهورية بالرغبة في «الانقلاب على الطائف» واستعادة صلاحيات ما قبله.

وأتى اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة البحث في تطبيق قانون الانتخاب، الذي ترأسه الحريري غداة عودته من دافوس، ليؤكد المؤكد لجهة «أن ما كُتب قد كُتب» على صعيد قانون الانتخاب وسقوط إمكان إدخال أي تعديلات عليه أرادها باسيل، وهو ما كان حسمه بري قبل أيام معلناً أن «باب البرلمان لن يُفتح أمام اي تعديل»، قبل أن يقول باسيل في ختام الاجتماع أمس: «للمرة الثالثة خسرتُ وخسر معي اللبنانيون الإصلاحات»، مضيفاً «خسرت أمام القرار السياسي بوقف الإصلاحات، وهذه خسارة لحريّة الناخب».

ورغم الإشارات إلى رغبة لدى وزير الخارجية في السعي الى الاستحصال على «ضمانة بالنص» تؤكد أن الإصلاحات التي لم يُعمل بها «علّقت استثنائياً لمرة واحدة على ان يُعمل بها في الانتخابات المقبلة»، فإنّ فصلاً من «المواجهة» مع بري انتهى ولكن على طريقة «سباق البدَل»، إذ استمرّ «الكباش» وعلى أعلى مستوى على أكثر من محور بينها الطائف واستحقاقات مقبلة ناهيك عن ملفات مستجدة سادها «تمتْرسٌ» تُرجم على مواقع التواصل الاجتماعي ولا سيما حول عرْض فيلم «the post» والذي دخل على خطه ايضاً جمهور «حزب الله» وسط دعوات لعدم التصويت لمرشحين لـ «التيار» في مناطق «تماسٍ شعبي».

وعبّر المؤتمر الصحافي لباسيل ظهر أمس عن فصل جديد من «التدافُع» مع بري، وسط إشارةٍ بارزة الى رغبة «التيار» في عدم اهتزاز العلاقة بينه وبين «حزب الله» رغم تأكيدات رئيس البرلمان «اننا والحزب جسد واحد».

فوزير الخارجية اكد ان «الألاعيب الصغيرة لن تقوى على تفاهمنا مع (حزب الله)»، لافتاً الى «أن طرح التيار الحر دائما هو الدولة المدنية حتى في الأحوال الشخصية أيضاً»، مقترحاً مرحلياً ومن دون تعديل الدستور «إلغاء المذهبية السياسية (في الوظائف الإدارية) مع المحافظة على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين»، ومشيراً الى «ان الاتهام بالانقلاب على الدستور يأتي من قبل مَن يريد ايجاد أعراف جديدة»، ومذكّراً بـ «اننا انتقلنا من المداورة في الوزارات الى محاولة تكريسها» في إشارة ضمنية الى وزارة المال.

ولفت الى «اننا بتنا نُتهم بثنائية»مسيحية – سنية»ضد»الشيعة»وهذه محاولة لجرّ البلد لمكان ما، كما حصل قبل انتخاب رئيس الجمهورية، وهذه السياسة المتبعة في الداخل يحاولون نقلها إلى المنتشرين في الخارج»، غامزاً من قناة مؤتمر الطاقة الاغترابية المقرَّر في 2 و3 شباط في ابيدجان حيث ذكرت وسائل إعلام «التيار الحر» انّ بري يوعِز لأنصاره بمقاطعته.

ويأتي مجمل هذا المناخ المحتدم مع انطلاق قطار الانتخابات على الأرض في ظل الاستعدادات لتقديم الترشيحات ابتداءً من 5 فبراير المقبل وحتى 6 اذار، فيما باشرتْ الأحزاب إطلاق ماكيناتها الانتخابية كما فعل «حزب الله» أمس في الجنوب بإشارةٍ من نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، ما اعتُبر مؤشراً حاسماً على أن «لا صوت سيعلو على صوت» الانتخابات من الآن وحتى 6 ايار وهو التاريخ الذي سيسبقه التئام 3 مؤتمرات دولية لدعم لبنان وجيشه واقتصاده، وسط معاينةٍ دقيقة للمجتمع الدولي للاستحقاق النيابي ونتائجه لجهة ما اذا كان سيسمح لـ «حزب الله» بالقبض على مفاصل السلطة.

وكانت لافتة إشارة قاسم الى «اننا مهتمون بإنجاح الانتخابات المفصلية لأنها ستأتي بإنتاج سلطة جديدة بعد مخاض طويل في المنطقة»، مؤكداً ان «حزب الله» «ربح قانون النسبية الذي يُعتمد للمرة الاولى وإجراء الانتخابات بموعدها». وأضاف: «لا نبحث عن غالبية نيابية ولا عن الثلث الضامن لأن المرحلة المقبلة تفرض تحالفات تختلف عن السابق والأهمّ هو سعة التمثيل وليس الاصطفافات».