IMLebanon

الأزمة تَخْرُج من الشارع إلى… “الطائف”

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: خطِر سياسياً وطائفياً، أعيدت الأزمة المتفجّرة بين رئيسيْ الجمهورية العماد ميشال عون والبرلمان نبيه بري إلى الانضباط تحت سقف «ربْط النزاع»، وسط ملامح سحب فتيل التحركات الاحتجاجية التي نفّذها مناصرو حركة «أمل» (يتزعّمها بري) الاثنين والثلاثاء الماضيين رداً على وصْف رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل لبري بأنه «بلْطجي» متوعِّداً بـ «تكسير رأسه» وما رافَقَها من دعوةٍ للأخير الى الاعتذار العلني أو الاستقالة.

وحَمَل يوم أمس موقفيْن لكل من عون وبري «وضعا الإصبع» على جوهر الأزمة الذي لفّه «غبار» الاحتجاجات في الشارع والصراخ السياسي بما أوحى بأن الجميع أفرغوا ما في جعبتهم في لعبة «حافة الهاوية» بعدما كان رئيس الجمهورية حدّد إطاراً لمخرجٍ يقوم على «التسامح» عن «خطأ كبير (التحركات الاحتجاجية) بُني على خطأ (كلام باسيل)»، واكتفى رئيس «التيار الحر» بـ «الأسف» رافضاً الاعتذار، فيما بدا رئيس البرلمان أمام محكّ ان ترتدّ عليه لعبة الشارع وتسيء الى موقعه وفي الوقت نفسه توفّر هدية تزيد من الرصيد الشعبي لباسيل في الوسط المسيحي.

ويتمثّل جوهر الأزمة في الخلاف بين عون وبري، حليفيْ «حزب الله»، حول الصلاحيات والتوازنات في إدارة الحكم وسط اتهام رئيس البرلمان وفريقه لرئيس الجمهورية بالرغبة في العودة الى ما قبل نظام الطائف واستعادة صلاحيات للرئاسة الأولى بالممارسة، وهو ما «انفجر» مع مرسوم منْح سنة أقدمية لضباط دورة 1994 في الجيش من دون أن يحمل توقيع وزير المال (الشيعي حالياً).

وفي هذا السياق، أكد عون أمس أمام زواره أنه «مصمم على ممارسة الصلاحيات التي حددها الدستور لرئيس الجمهورية من دون زيادة ولا نقصان»، مجدداً التزامه اتفاق الطائف، وداعياً الى «تطبيقه من دون انتقائية واحترام مبادئ وثيقة الوفاق الوطني التي تحمي الوحدة الوطنية وتحقق التوازن بين مكونات المجتمع اللبناني».

وأكد انه لا يمكنه «أن يتغاضى عن المخالفات القانونية التي تحصل»، لافتاً الى «أن من يعرقل مسيرة الاصلاح لا يريد الخير للبنان واللبنانيين، كما لا يريد بناء دولة القانون والمؤسسات»، مشدداً على «أن الشارع لم يكن يوماً مكاناً لحل الخلافات السياسية، واللجوء اليه يؤذي الاستقرار الذي ينعم به لبنان وسط جواره المتفجر»، ولافتاً الى «أن ما حصل في اليومين الماضيين يجب ألا يتكرر».

وجاء كلام عون في ردّ ضمني على ما نُقل عن بري من في توصيفه لما يَجري اذ قال: «إنّ أخطر ما يحصل أنّ هناك مَن لم يغادر مرحلة ما قبل (الطائف)، ويُراد فعلاً نسفُ (الطائف) والدستور وإيجاد أعراف جديدة، ولا يتوقّع أحد أنّني أنا نبيه بري قد أقبل بذلك أو بتثبيت هذه القواعد والأعراف المخالفة للدستور».

ولم تمرّ ساعات قليلة على هذا الكلام الذي أكد استمرار الأزمة مع عون في جانبها السياسي – الدستوري حتى أعطى بري أمام مَن التقاهم في «لقاء الأربعاء» النيابي إشارة الى إخماد التحركات في الشارع موجهاً في الوقت عيْنه رسالة ضمنية تحضّ باسيل على جرأة الاعتذار من اللبنانيين بعدما بادر رئيس البرلمان الى تقديم «اعتذار إلى كل اللبنانيين، الذين لحق بهم أذى على الأرض، على الرغم من أن الجميع يعرف أن لا بري ولا (حركة أمل) لها علاقة من قريب أو بعيد بما حصل على الأرض».

وفي ردّ غير مباشر على ما اعتبره فريقه موقفاً من رئيس الجمورية يساوي بين «الظالم والمظلوم»، قال بري: «هناك كلام كثير قيل في الصالونات وعلى الشاشات حول ما حصل في المرحلة الأخيرة، ويهمني أن أقول إن السبب دائماً لا يكون مثل النتيجة»، مؤكداً أنه لم يطلب اعتذاراً «بل المطلوب تقديم اعتذار إلى اللبنانيين، كل اللبنانيين، للإهانات والإساءات التي حصلتْ».

وحرص رئيس البرلمان على وضع حدّ للتكهنات حول إمكان استقالة الوزراء الشيعة من حكومة الرئيس سعد الحريري رداً على رفض باسيل الاعتذار، اذ أوضح «أن كل كلام يشاع حول استقالة الحكومة وغيرها لم يناقش، ولم يطلب من أحد اللجوء إلى هذا الخيار»، قبل ان يتَدارك: «لكننا في السياسة ما زلنا على مواقفنا، وفي الملفات أيضاً، ولم نتراجع قيد أنملة عن مقارباتنا الدستورية والنظامية والقانونية»، ملمحاً الى احتمال تعثُّر العمل الحكومي بفعل الأزمة الحالية. وعلى وقع استمرار الهجوم الكلامي العنيف من نواب في كتلة بري على الوزير باسيل، لفتت عملية إقحام مطار رفيق الحريري الدولي أمس في الاشباك المستجدّ، إذ نفّذ عدد من مناصري «أمل» من اتحاد النقل الجوي تحركاً أمام المطار قرب مدخل المسافرين احتجاجاً على كلام وزير الخارجية بحق رئيس البرلمان، مع تلويح بـ «عصيان» في المطار بحال لم يحصل الاعتذار.