IMLebanon

أين نلتقي بشريك العمر؟

كتبت سابين الحاج في “الجمهورية”:

يعيش كثيرون على أمل الالتقاء بشريك العمر الذي ينتظرونه منذ وقت طويل. وتزيد وطأةُ العزوبية عليهم عشية عيد الحبّ، الذي يذكّرهم بوحدتهم وواقعهم. البعض يواسي نفسَه لأنه اتّخذ قرارَ العزوبية والوحدة بكامل قناعته إيماناً منه أنّ البقاء وحيداً أفضل من الارتباط بالشخص غير المناسب، فهؤلاء الأشخاص على يقين مِن أنهم لم يلتقوا بعد بالشخص المنتظر. في المقابل، يتحسّر آخرون على أنفسهم على مشارف عيد العشاق، آسفين لا بل شافقين على ذواتهم، ومتذمّرين من عزوبيّتهم.

إذا كنتم لم تلتقوا بشريك العمر بعد، وتأملون أن تجمعكم صدفةٌ به، ربّما في الشارع، في مكان العمل الجديد، أو خلال هذه النزهة إلى المقهى المجاور… لا تنسوا أنه موجود في مكان ما يأكل، يشرب، يقصد عمله، وربما يعاني اليأس في هذه اللحظات أو يتذمّر أيضاً من وحدته. ولكن أين تجدونه فعلاً؟

أين سيجمعكما القدر؟

سعت الكثير من الدراسات حول العالم إلى تحديد الأمكنة ذات السحر الرومانسي حيث تعلو احتمالات التعارف، ولكن بدا بكل بساطة أن ليس المكان هو الأساس في عالمنا المعاصر إنما الشاشة! فقد تكونون في منزلكم، أو في العمل، أو حتّى في الحمام… يكفي أن تحملوا الهاتف بين يديكم أو «فارة» الكومبيوتر لتنتقلوا إلى أيِّ محادثة قد تفتح لكم باباً جديداً يغيّر حياتكم.

كشفت دراسة عالمية أجراها موقع Meetic للتعارف عبر الانترنت بهدف معرفة: «أين يمكن إيجاد الحب»، أنّ 50 في المئة ممَّن شملتهم الدراسة تعرّفوا الى نصفهم الثاني عبر الانترنت. إلى ذلك، سجّل التعارف عبر الأصدقاء نسباً عالية أيضاً وصلت إلى 48 في المئة.

وتشكّل الحانات مكاناً جيداً للتعارف على شريك الحياة إذ جمعت 39 في المئة بحب حياتهم، بحسب الدراسة. والتقى 37 في المئة من المستطلعين بالحب في المدرسة أو في مكان العمل، بينما كانت الصدفة حليفة 35 في المئة من الذين شاركوا في الدراسة إذ وجدوا شريكهم أو شريكتهم في الشارع أو في المترو فكان الحبُّ منذ اللقاء الأول كما في الأفلام، ولم ينتظروا الأصدقاءَ ليدبّروا لهم شريكاً.

إلى ذلك، أكّد 17 في المئة أنهم تعرفوا الى شريك العمر ضمن مجموعة اجتماعية، فالانتساب إلى جمعية أو مجموعة، تهدف إلى الصلاة أو المساعدة الاجتماعية… يجمعكم بأشخاص يحملون نفس أهدافكم ويعملون لنفس قضاياكم. فبعيداً من العمل للوصول إلى رفع هذه القضايا قد تنسجون مع هؤلاء خبرات اجتماعية غنيّة، عبر تشكيل شبكة أصدقاء وربما تلتقون بحب العمر!

ماذا عن التعارف عبر الانترنت؟

هل فعلاً يمكن إيجاد الحب عبر الانترنت؟ أم إنّ الشبكة تجمعنا غالباً بأشخاص يسعون إلى التسلية والضحك على الآخرين لتمضية الوقت؟

لازال تفكير المجتمعات ومدى انفتاحها حاكماً أساسياً في مجال كيفية التعارف. فبينما لازالت مجتمعات لا تثق إلّا بزواج «التدبيرة» أو الزواج المدبّر وتعتبره الحلَّ الأنسب للقاء «بنت الحلال» و«الشب الآدمي»، حيث يتعارف العروس والعريس حاملين شهادة حسن سلوك من الأقارب أو الأصدقاء، انخرطت مجتمعات أخرى بعالم الشبكة العنكبوتية حتّى إنها باتت تتّكل عليها في عملية ايجاد الشريك الملائم.

وها هي دراسة أميركية حديثة تؤكّد أنّ مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع التعارف الخاصة باتت في الولايات المتحدة الواحة الأساسية لإيجاد الحب في عالمنا المعاصر. فلم تعد أولى شرارة العلاقات تبدأ بنظرة، فابتسامة، فسلام، فكلام… بل بنظرة إلى صورة البروفايل فإعجاب فسلام، فكلام… وتشير هذه الدراسة إلى أنه لم يعد من النادر أن تنتهي اللقاءات عبر الانترنت بالزواج، علماً أنّ عدد هذه الزيجات آخذ في التزايد عبر السنوات.

في المقابل، لم تنتشر حمى الزواج عبر مواقع التعارف في عدد من الدول إلى حدٍّ كبير حيث ينحصر عددها بـ 9 في المئة في فرنسا مثلاً.

وعلى رغم عدم وجود دراسات في لبنان، إلّا أنّ مرتادات مواقع التعارف الخاصة من بلادنا بحثاً عن الزواج غالباً ما لا يجدن ضالتهن، بحسب شهاداتهن بل يتعرّفن الى شباب يهوون التسلية وبينهم متزوّجون.

تروي جيهان (35 عاماً) لـ«الجمهورية» عن تجربتها، فتؤكد: «أبحث عن عريس لأنني ضجرت من وحدتي وقد بحثت عنه في الحياة اليومية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي وأيضاً في مواقع التعارف إلّا أنّ الشباب في بلادنا لا ينظرون بعين الجدّية إلى الفتاة مرتادة هذه المواقع. فبدل أن تجدَ عريساً قد تجد مَن يبحث عن الدردشة والتسلية وربما عن الخدمات الجسدية والجنسية، أو حتّى عن فتاة لنصب مالها».

وتضيف: «أما مَن يطلبون التعارف عبر مواقع التواصل الاجتماعي إثر إعجابهم بصورة الفتاة، غالباً ما يكونون من هواة التعارف بالجملة، فكلما أعجبته صورة فتاة سلم عليها وكلمها لبضعة أيام ليبدلها بأخرى في وقت قياسي… وتتابع ضاحكةً بسخرية: «البروفايلات عبر فايسبوك لا تنقص كما لا ينقص بعض الشباب طموح التعارف إلى ما لا نهاية».

وبينما يعتبر كثيرون أنّ التعارف في العالم الواقعي أضمن من الافتراضي، مشدّدين على نجاح الأساليب التقليدية للزواج التي تتدرّج من الزواج المدبّر إلى الالتقاء بالشريك في العمل أو في بيئة الأصدقاء، لا يمكن أن ننكر اجتياح الانترنت لحياتنا كأحد أبرز وسائل التعارف.