IMLebanon

جبران باسيل إن حكى… (بقلم رولا حداد)

استطاع وزير الخارجية والمغتربين، رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أن يشغل الرأي العام اللبناني والأوساط السياسية في المرحلة الأخيرة، وخصوصاً وتحديداً في الأسابيع الأخيرة. وإذا كانت شخصية باسيل جدلية بتركيبتها لأنها تجمع ما بين الحظ والوصولية من جهة لكونه دخل المعترك السياسي من باب مصاهرة العماد ميشال عون يوم كان لا يزال في المنفى الباريسي، وما بين الذكاء والدهاء السياسيين المرتبطين بمجهود خارق يبذله في متابعة كل الملفات السياسية، ما جعله “دينامو” على الساحة السياسية اللبنانية، سواء أحببته أم كرهته!

لكن الأسابيع الأخيرة شكلت مفترقاً بالغ الحساسية في مسيرة هذا الشاب الطامح أن يصبح “زعيماً” بالمعنى التقليدي اللبناني، ولو أنه أتى من باب الإرث السياسي والحزبي لتيار الرئيس العماد ميشال عون. فجبران باسيل الذي فرض رهاناته داخل “التيار الوطني الحر” اعتباراً من توقيع “التيار” على وثيقة التفاهم مع “حزب الله” في كنيسة مار مخايل في شباط 2006، هو نفسه الذي صرّح لتلفزيون “الميادين” عن حق إسرائيل بالعيش بسلام وأمان إن التزمت بحقوق الشعب الفلسطيني، وهو نفسه الذي انتقد “حزب الله” من باب أن “ثمة قرارات يتخذها “حزب الله” في الموضوع الداخلي لا تخدم الدولة، وهذا ما يجعل كل لبنان يدفع الثمن، وأن بنداً أساسياً هو بناء الدولة في وثيقة التفاهم لا يُطبّق بحجة قضايا السياسة الخارجية”!

وهنا لا بدّ من سؤال أساس وهو: هل الخلاف حول بند “بناء الدولة” تفصيلي أم محوري في العلاقة بين طرفين سياسيين؟ وكيف يمكن أن يكون هناك اتفاق استراتيجي بين طرفين إذا كانا يختلفان حول بند “بناء الدولة”؟ وألا يعرقل وجود سلاح خارج الشرعية مبدأ “قيام الدولة”؟

ولا بد من السؤال عن إمكانية وجود “مسار جديد” في خطابات باسيل ومواقفه السياسية، وتحديداً بعد الاشتباك المباشر والعنيف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وحركة “أمل”، توأم “حزب الله” ضمن الثنائية الشيعية، وخصوصاً أن هذا الاشتباك يأتي بعد تحالف وشبه تكامل بين “التيار الوطني الحر” وتيار المستقبل، وفي ظل تناغم غير مسبوق في العلاقة بين باسيل ورئيس الحكومة سعد الحريري توّجه أداء باسيل ورئيس الجمهورية خلال مرحلة استقالة الحريري من السعودية وما رافقها من التباسات.

وهنا تصبح كل الأسئلة مشروعة، بدءاً من هل ثمة تموضع استراتيجي جديد لباسيل ينتقل إليه تدريجياً؟ وهل ثمة رسائل سياسية يسعى إلى إيصالها إلى كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية؟ أم أن باسيل يدمن ويتقن الشعبوية على مسافة 3 أشهر من الانتخابات النيابية، ويفعل كل ما يفعله بغطاء ضمني من “حزب الله” لمحاولة حشد أكبر تأييد مسيحي ممكن لحصد أكبر عدد من المقاعد النيابية ضمن كتلته التي ستبقى ضمن التوجه الاستراتيجي لـ”حزب الله”؟

الثابت أن “جبران باسيل إن حكى…” يصلح عنواناً للمرحلة الانتخابية من اليوم وحتى 6 أيار المقبل، لكن الحقيقة لن تظهر سوى في خطابات ما بعد الانتخابات لتبيان الخط الأبيض من الخيط الأسود بين مواقف باسيل الحقيقية والمزايدات الشعبوية الانتخابية!