IMLebanon

استنفار لبناني لمواجهة الجدار الإسرائيلي

كتبت كارولين عاكوم في صحيفة “الشرق الأوسط”:

تحوّل الاهتمام اللبناني بعد الاتفاق على تجاوز الخلافات، إلى التهديدات الإسرائيلية، التي تمثّلت يوم أمس ببدء ببناء الجدار عند الحدود الجنوبية، إضافة إلى الادعاءات الإسرائيلية بامتلاك البلوك النفطي رقم 9، وهو الأمر الذي كان محور اجتماع المجلس الأعلى للدفاع أمس ولقاءات نائب وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد بالمسؤولين اللبنانيين.

وأوضحت مصادر وزارية مشاركة في اجتماع «المجلس» أنه كان تأكيد على رفض بناء الجدار الفاصل وهو الأمر الذي كان أبلغه لبنان إلى إسرائيل عبر القوات الدولية خلال الاجتماع الثلاثي الذي يوم الاثنين الماضي في الناقورة، جنوب لبنان. وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن المعطيات المتوفرة لغاية الآن تفيد بأن إسرائيل ماضية في مخططها، بينما لبنان الجاهز دائما للتصدي إلى أي اعتداء سيمضي في اتصالاته عبر القنوات الدبلوماسية والسياسية مع الدول الفاعلة في هذه القضية، وهو ما جاء على لسان رئيس الجمهورية الذي ترأس اجتماع المجلس أمس.

وفي حين لفتت المصادر إلى أن «المجلس» أوعز إلى قيادة الجيش مواجهة أي اعتداء مع التأكيد على أن تفاصيل هذا الأمر تبقى سرية، أكدت مصادر أمنية، لـ«الشرق الأوسط» أن كل الخيارات تبقى متاحة بالنسبة إلى الجيش اللبناني، بما فيها العسكرية رفضاً لأي تجاوزات على الأراضي اللبنانية.

وبينما أعلن أمس، عن أن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الذي يتجول الأسبوع المقبل في عدد من دول المنطقة، سيصل إلى بيروت الخميس 15 فبراير (شباط) الحالي، في زيارة تستمر يوماً واحداً، يلتقي خلالها المسؤولين اللبنانيين، كان نائبه يستكمل جولته على المسؤولين اللبنانيين الذين يعولون، بحسب المصادر الوزارية، على «نجاح جهود الدبلوماسي الأميركي في منع أي مواجهة بين بيروت وتل أبيب بسبب الخلاف على ترسيم الحدود بينهما، خصوصاً أن زيارته إلى لبنان كانت للبحث في هذا الموضوع».

وكان ساترفيلد قد التقى، أمس، كلا من رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل ورئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط، من دون أن يصدر عنه أي تصريح رسمي، واكتفت البيانات الصادرة بالإشارة إلى أن البحث ارتكز على التطورات الراهنة في لبنان والمنطقة، بينما وصف باسيل لقاءه بالدبلوماسي الأميركي بـ«الجيد والجدي».

وباشر الجيش الإسرائيلي يوم أمس، أعمال بناء الجدار الإسمنتي في رأس الناقورة، وسط استنفار كبير، ورصدت مصادر أمنية وشهود عيان من بلدة الناقورة استقدام بلوكات من الإسمنت من قبل قاطرات إسرائيلية إلى نقطة الناقورة b – 23 المتنازع عليها، التي تمتد إلى المياه الإقليمية اللبنانية، وشوهد، بحسب «وكالة الأنباء المركزية»، عناصر من سلاح الهندسة وآخرون من الصيانة يعملون على إنزال البلوكات في نقطة الناقورة قرب الخط الأزرق، وسط استنفار إسرائيلي خلف الأحراش والصخور، فيما كانت الجرافات تستكمل بناء خندق الجدار الذي كانت أنجزت 40 في المائة منه سابقاً. وقالت مصادر أمنية للوكالة، إن ما يتم بناؤه هو في مناطق غير متحفظ عليها وقد قامت إسرائيل حتى الساعة بتركيب 15 «بلوكاً» إسمنتياً.

وفي حين أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «الموقف اللبناني موحد، تجاه التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية أكان بالنسبة لموضوع الجدار أو بالنسبة للنفط والغاز»، أوضح المشنوق بعيد الانتهاء من اجتماع المجلس، أن «هناك قراراً باستعمال كل الوسائل السياسية والدبلوماسية لمواجهة تهديدات إسرائيل». ووفق ما جاء في بيان للمجلس الأعلى للدفاع الذي عقد برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور رئيس الحكومة والوزراء المعنيين وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، «قرر المجلس الأعلى للدفاع الاستمرار في التحرك على مختلف المستويات الإقليمية والدولية للمحافظة على حقوق لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة بمساحة تبلغ 860 كيلومترًا مربعاً، لا سيما فيما خص الرقعة رقم 9 في المياه البحرية الخاضعة للولاية القضائية اللبنانية. وأعطى المجلس توجيهاته للتصدي لهذا التعدي من قبل إسرائيل «لمنعها من بناء ما يسمى الجدار الفاصل على الأراضي اللبنانية»، معتبراً تشييده قبالة الحدود الجنوبية وضمن الأراضي اللبنانية، «اعتداء منها على لبنان سيكون بمثابة خرق واضح للقرار (1701)». كما شدّد المجلس «رفض التصريحات والادعاءات الإسرائيلية المتعلقة بالثروة النفطية والغازية في المياه البحرية الخاضعة للولاية القضائية اللبنانية».

وقسم لبنان المنطقة التي يفترض أن تحتوي الغاز والنفط إلى عشر رقع، وقد عرضت السلطات خمساً منها للمزايدة عليها، وجاءها عرض من ائتلاف بين الشركات الثلاث على الرقعتين 4 و9. وتقع الرقعة الرقم 9 بمحاذاة منطقة متنازع عليها بين لبنان وإسرائيل مساحتها 860 كيلومتراً مربعاً، ولا تشملها أعمال التنقيب.

من المقرر أن يوقع لبنان خلال أيام عقوداً مع ثلاث شركات دولية هي «توتال» الفرنسية و«إيني» الإيطالية و«نوفاتيك» الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في الرقعتين 4 و9 في المياه الإقليمية اللبنانية، على أن تبدأ عمليات الاستكشاف العام المقبل. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان اعتبر في تصريحات سابقة أن الرقعة الرقم 9 «ملك» لإسرائيل، منتقداً «التصرف الاستفزازي» للحكومة اللبنانية.