IMLebanon

كليمانس أشقر: لأجله… لم أمانع أن أشوِّه نفسي

كتبت رنا اسطيح في صحيفة “الجمهورية”: 

تحمل ملكة الجمال عادةً قضية إنسانية واحدة تساندها خلال العام الأوّل من انتخابها، ولكن هذه المعادلة لا تُطبّق في حالة كليمانس أشقر التي ما زالت، وبعد 19 عاماً على انتخابها ملكة على عرش الجمال اللبناني، ناشطة بشكل فاعل في دعم القضايا الانسانية والاجتماعية الملحّة، وآخرها مشاركتها في الحملة الوطنية للتوعية على التشوهات الخلقية الفموية، حيث لم تمانع ان تظهر في الإعلان الخاص بالحملة مشوّهة الشفة على رغم حملها اللقب الجمالي الأوّل في لبنان لتوصِل رسالة إنسانية قوية. كليمانس أشقر، وفي حديث خاص لـ«الجمهورية»، تتحدّث عن سرّ جمالها شكلاً وفكراً، وتكشف عن إمكانية عودتها قريباً إلى الشاشة الصغيرة من باب تقديم البرامج، مُفصحة عن جوانب شائقة من حياتها تحت الأضواء وبعيداً منها…

بعد قرابة العقدين على انتخابها ملكة جمال لبنان لم تخرج كليمانس أشقر عن صورة تلك الصبية التي فتنت عيون لجان التحكيم في المسابقات الجمالية. بجمالها وطبيعيّتها وفكرها الحاضر ما زالت تقارب الحياة بابتسامة تفاؤلية تجعل أصعب المعضلات تبدو أسهلها. بالنسبة لها الاستمرار بالعمل الانساني أمر طبيعي ونتيجة تلقائية للاهتمام الصادق بالقضايا المهمّة.

كليمانس السفيرة

وتؤكّد في حوار خاص لـ«الجمهورية»: «من المنطقي أن يزيد هذا الاهتمام لا أن يضمحل، وذلك لأنّ إمكانات الإنسان وقدراته تزداد مع الوقت كما أنه ينضج ويَعي أكثر ضرورة الالتفات إلى الناس ومساعدتهم. في فترة سابقة، كنتُ شخصاً ناشطاً في مجال البيئة وعملت مع عدد من الجمعيات المختصة، وكان لدي اهتمامات بقضايا عدّة في فترات متفرّقة إلى حين تواصل معي القيّمون على جمعية «Global Smile Foundation MENA» فتأثّرتُ كثيراً بالقضية التي يهتمون بها، وهي تعني الأطفال المصابين بالشفّة المشقوقة، وأنا حالياً سفيرة هذه الجمعية الإنسانية».

كليمانس البعيدة نسبياً عن الإطلالات الإعلامية، شاركت مؤخراً في الحملة التي دعمتها وزارة الصحة للتوعية على التشوهات الفموية وما كان يُعرَف سابقاً بـ«الشفة الأرنبية»، وتقول في هذا الخصوص: «كان الهدف من المؤتمر الصحفي الذي أقيم في وزارة الصحة التشديد على استبدال تعبير «الشفة الأرنبية» واستخدام تعبير «التشوه الفموي الخلقي» أو «الشفة المشقوقة»، وذلك كي لا نشبّه الانسان بالأرنب.

الكثير من الأشخاص لا يعلمون شيئاً عن هذه الحالة، كما أنّ هناك عددا كبيرا من الأهل الذين يولد لهم طفل بـ»سقف حلق مشقوق» أو «شفة مشقوقة»، ولا يدرون بحالة ولدهم… ولا يعلمون أنه يمكنهم إجراء عمليات له قادرة على إحداث فارق إيجابي كبير في حياته… كما لتوعية الناس حول الأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة، التي يُمكن تجنّبها من خلال سبل وقاية معينة».

من لهفتي كأم

وتشدّد: «لأنني «أمّ»، وهذه الحالة تحصل للأطفال، لا يمكن إلّا أن تمسّني وتهمّني، فمشاعري وعاطفتي كأم تدفعني إلى المساعدة لأنني أشعر أنني أستطيع تغيير حياة هؤلاء الأشخاص الذين قد يتعرضون للرفض من مجتمعهم أو أهلهم، خصوصاً أنّ هناك حظوظا كبيرة للشفاء عبر إجراء عمليات جراحية، في ظل تطور الطب. فالمشكلة غير مُقتصرة على الشكل، إذ إنّ هذه الحالة تؤثر في الولد وتخلق مشكلات نفسية له وللمحيطين به، كما تؤثّر فيه صحياً، وفي نموّه تحديداً، ومُمكن لعملية جراحية واحدة أن تغيّر كل هذا الواقع المرّ».

وعن قبولها الظهور بشفة مشقوقة رغم أنها ملكة جمال والشكل قد يكون مهماً جداً في حياتها، توضح: «أعتقد أنه تمّ اختياري للمشاركة في الإعلان حول «الشفة المشقوقة» لأنني أتمتّع بملامح طبيعية. أما ظهوري الصادم بـ»شفة مشقوقة» خلال الإعلان فهدفه جذب انتباه المشاهدين كي يقوموا بالاستفسار عن هذه الحالة. الموضوع يستفزّني ولم أمانع أن أشوّه شكلي لكي ألفت النظر إلى قضية تستحق كل الاهتمام».

سرّ الجمال

وعن محافظتها على جمالها وعدم انجرارها إلى المبالغة بإجراء عمليات التجميل على غرار ملكات جمال أخريات، تقول: «بشكلٍ عام، لستُ ضد إجراء عمليات تجميل ولا أحب التعميم في هذا الموضوع، ولكنّ الإكثار من عمليات التجميل يغيّر معالم الأشخاص، الذين أصبحوا يشبهون بعضهم بعضاً، وهذا الأمر لا أحبه شخصياً، ولكنني أعتبر أنّ لكل شخص الحرية بفِعل ما يريد.

أما أنا فلا أحب تغيير ملامحي، على رغم أنني من الممكن مع مرور الوقت أن أقوم بعملية تجميل تصحيحية أو «صغيرة». حالياً، لا أفكر بالموضوع وأتركه لوقته. ولكنني ضد أن يصبح للجميع الشفاه نفسها والنظرات نفسها والخدود نفسها…

وعمّا إذا كان الشكل أدّى دور البطولة في حياتها، تعترف: «لا يُمكنني القول إنّ الشكل لم يؤد دوراً مهماً في حياتي، أو أنني لا أهتم بشكلي، فأنا أحب أن أكون جميلة وأن أحافظ على جمالي، فأنا «امرأة» لديّ أنوثتي وأهتمّ بشكلي بطبيعة الحال، وإن قلت العكس أكون كاذبة. ولكنني ضد أن أتحوّل إلى عبدة للشكل فقط، لأنني حينها سأخسر نفسي، فالشخص الذي يكون عبداً لشكله يصبح إنساناً سطحياً.

وبقدر أهمية الشكل يوجد أشياء أخرى مهمة أيضاً لا بل أهم، مثل المقاربة الإنسانية للحياة واهتمامات الشخص ومبادئه، إضافةً إلى مضمونه ووقته. وهذه الأمور تعطي بدورها رونقاً خاصاً لشكل الشخص، وإلّا يكون باهتاً جداً».

عودة تلفزيونية

وعن ابتعادها عن الأضواء، تقول: «لم أتخذ هذا القرار، ولكنّ الظهور إعلامياً من أجل إثبات أنني موجودة أو من أجل الشهرة، أمرٌ سهل، والعروض التي تُقدّم إلي كثيرة وفي أكثر من مجال. ولكنني أرفض أن أطلّ من أجل الظهور بحدّ ذاته فقط، بل أطلّ من خلال ما يناسب شخصيتي ورغباتي وطموحي، ومن الصعب في هذه الأيام إيجاد ما يقنعك وما ترينه ملائماً للظهور».

وكليمانس التي سبق لها أن خاضت تجربة تقديم البرامج، تكشف:

«يهمني مجال الإعلام كثيراً، ولكنني لم أكمل فيه لأنني لم أجد أنّ ما عُرض عليّ في هذا الإطار يلبّي طموحي، كما أنّ العروض لم تكن تشبهني نهائياً. ولكنني أفاوض حالياً حول مشروع على صعيد تقديم البرامج يشبهني كثيراً، وأنا متحمسة لإمكانية عودتي التلفزيونية.

فأنا لا أخوض أي تجربة من دون حماس، وبالتأكيد أنا متحمّسة للمشروع الذي أعمل عليه، وهو برنامج ذو طابع اجتماعي، ليس ترفيهياً ولا سياسياً، إلّا أنّ الامور ما زالت في طور الدراسة».

بين الغناء والعائلة

وكلميانس التي تملك أيضاً موهبة الغناء، خصوصاً بالأجنبية، تتشارك هذه الهواية مع زوجها رجل الأعمال اللبناني اليكو حبيب. وتقول في هذا الخصوص: «الغناء بالنسبة لي هواية وأمر مشترك بيني وبين زوجي. صحيح أنه رجل أعمال، إلّا أنه فنان أيضاً فهو موسيقي ويجيد الغناء، وأشارك معه حين يقدّم حفلات، فأغني من أجل الهواية والتسلية.

ومن الصعب على من يغني بالفرنسية أو لغة أجنبية أخرى أن يمتهن الغناء، فالغناء باللغة العربية منتشر أكثر في بيئتنا، والأغنية العربية ثقافتها مختلفة عن ثقافة الأغنية الأجنبية، لذلك لم أفكر يوماً بالغناء بشكلٍ جدي».

ولدى سؤالها إذا كانت العائلة والزواج سرقاها من طموحاتها المهنية؟ تجيب: «لديّ رضا ذاتي، فبالنسبة لي العائلة هي الأهم، وأنا سعيدة في حياتي ومع عائلتي، لكن ذلك لا يعني أن لا طموحات لديّ، بل على العكس، أحبّ تجربة العديد من الأمور وتعلّمها و»المشوار طويل»، وبالتأكيد لن أقف عند هذا الحد.

لإبني ألكس الأولوية في حياتي، وأنا اخترتُ ذلك، وهذا الأمر لا يعني أن ليس هناك من أمور أخرى تأتي في المراتب اللاحقة فـ»المساحة واسعة»، وزوجي يحترم استقلاليتي المهنية وهو من أوّل المشجعين لي».