IMLebanon

هكذا تربّون أطفالاً سعداء وفاعلين

كتبت سابين الحاج في صحيفة “الجمهورية”:

يتساءل الآباء والأمهات دائماً عن كيفية منح السعادة لأطفالهم، وتربيتهم على أسس صحيحة من خلال تلقينهم العادات الحسنة والمفيدة. دراساتٌ كثيرة تُثبت أنّ سعادة أبنائكم تتعلّق بنمط حياة سهل وباتّخاذكم مبادرات بسيطة ولكن ناجعة.

غالباً ما يشعر الأهل بالذنب بسبب كثير من مواقف الحياة، ومنها عدم تمكّنهم من تمضية الكثير من الوقت مع الأطفال، أو لأنهم غير قادرين على طهو ما يحبّه صغارهم يومياً في المنزل، أو لأنهم بادروا إلى تخصيص بعض الوقت لهم تاركين الأولاد في بيت الجد والجدة أو مع مدبّرة المنزل.

لا تشعروا بالكثير من الذنب جراء مجريات حياتكم وظروفها فيمكن لأطفالكم أن يكونوا أكثرَ سعادة حتّى وأنتم تخوضون غمار حياتكم اليومية. ونعرض في ما يلي دراسات تؤكّد أنّ سعادة أولادكم تتعلّق بنمط حياة بسيط.

كوني أمّاً عاملة

عمَل الأم ينهكها إذ تقسم وقتها بين البيت والعمل فتشعر بذنب كبير تجاه أبنائها خصوصاً أنها لا تتمكّن من تخصيص كامل وقتها لهم. ولكن، ها هي دراسة أجرتها جامعة هارفرد تشير إلى منافع عمل الأمهات على الأبناء والبنات.

بحسب الدراسة، تساهم الوالدة العاملة في نجاح أبنائها وبناتها مهنياً وفكرياً في المستقبل، وخصوصاً البنات. فبنات النساء العاملات يحظين بفرص توظيف أكبر في مراكز قيادية عندما ينهين دراستهن. وبالتالي يحصلن على رواتب أعلى بنسبة 23 في المئة مقارنةً بغيرهن من اللواتي كانت أمهاتهن غير عاملات. فأن تحظى الفتاة بوالدة تقود حياة منزلية ومهنية يؤثر عليها بشكل إيجابي.

أما بالنسبة للصبيان فإن حظوا بأمهات عاملات خلال فترة طفولتهم وبلوغهم نشأوا رجالاً يهتمون بتربية أولادهم وتعليمهم، إذ يخصص هؤلاء الرجال 7 ساعات ونصف لتعليم أولادهم أسبوعياً. كما يشاركون في الأعمال المنزلية إلى جانب زوجاتهم بنسبة أكبر من غيرهم.

هذه النتائج تؤكّد أنّ عمل الأمهات لا يحدّ فقط انتقال الأفكار المكرِّسة للتمييز المبني على النوع الاجتماعي عبر الأجيال، إنما يغيّر حياة الصبيان والبنات ويجعلهم أكثرَ انخراطاً في مجتمعهم وأكثرَ فاعلية في بيوتهم.

النوم باكراً

لطالما حدثنا أهلنا عن منافع النوم باكراً، وها هي دراسة جديدة تؤكّد المزيد من هذه المنافع على الصحة ولكن أيضاً على المزاج. نوم الصغار قبل الساعة الثامنة لا يساعدهم فقط على التمتع بذاكرة جيدة وبالمزيد من التركيز في الصف، بل يجعلهم أيضاً أكثرَ سعادة. بحسب الخبراء إنّ أخْذ الطفل إلى الفراش قبل الساعة التاسعة مساءً يُكسبه 78 دقيقة نوم إضافية، فيصحو في اليوم التالي أكثرَ انتباهاً وفرحاً واستعداداً بدنياً.

وفي هذا السياق، ينصحكم الخبراء بأخذ أطفالكم إلى الفراش قبل عشرين دقيقة من الوقت الذين ينامون فيه عادةً، وذلك لبضعة ليالٍ. فإذا لاحظتم أنّ الطفل نام بسهولة هذا يعني أنه يحتاج للخلود إلى النوم يومياً في وقت أبكر من المعتاد. وتأكّدوا أن لا يشاهد التلفزيون ولا يستخدم الأجهزة الذكية قبل النوم، لأنها تعيق نومه.

دعوا جانباً الهواتف الذكية

إنّ تعلّقَ الأهل بوسائل التكنولوجيا الحديثة لا يشتّت تركيزهم عن أبنائهم وبناتهم وحسب بل يرتدّ بمفعول سلبي على هؤلاء الصغار أيضاً.

درس الباحث الأميركي في شؤون العائلة والاستهلاك براندون ماك دانيال علاقة الأهل المهووسين بالتكنولوجيا ومشكلات السلوك التي تنتج عن ذلك عند الأطفال.

شملت هذه الدراسة 170 شخصاً، وأظهرت أنّ الأهل المفرطين في استخدام وسائل التكنولوجيا والمتعلّقين بهواتفهم الذكية إلى حدِّ مراقبتها طوال الوقت والشعور بالضياع بدونها، أكّدوا أنّ علاقاتهم مع أطفالهم لطالما قطعها الهاتف. هذه المقاطعات دفعت الأطفال إلى الاحتفاظ بالكثير من مشاعرهم بدل مشاركتها مع أهلهم، فباتوا أكثرَ عدوانية أو أصبحوا أكثرَ ميلاً لتفجير غضبهم من خلال نوبات البكاء.

غنّوا للصغار

تربّت أجيال على أصوات الأمهات اللواتي لم ينسين دندنة أغنية جميلة لأولادهن قبل النوم. فقد أدركت الأمهات عبر التاريخ أنّ هذه العادة تساعد الصغير على الاستسلام للأحلام، ولكنّ الدراسات الحديثة تكشف اليوم أنّ فوائدها تتعدى ذلك بكثير. تؤكد دراسة أجرتها جامعة مونتريال أنّ الغناء للطفل يهدّئه أكثر بمرتين من الكلام معه.

دراسة أخرى قادها أطباء نفسيون أميركيون في جامعة ستانفورد تشير إلى أنّ سماع الأطفال الصغار لأصوات أمهاتهم وهنّ يغنين يزيد من قدرتهم على التفاعل الاجتماعي في المستقبل. فصوت الأم بمثابة مهدّئ عاطفي للطفل بحسب المشرف على الدراسة الدكتور دانيال أبراهام. حتى إنّ ثمّة خبراء يؤكدون أنّ سماع الأطفال في صغرهم لغناء ودندنات أمهاتهم يجعلهم أكثرَ كفاءة في الرياضيات والعلوم في سنّ المدرسة.