IMLebanon

لبنان “يتأهّب” على خطّ 3 مسارات متوازية

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: اجتماعاتٌ ماراثونية خلف الكواليس بين القوى السياسية لجسّ النبض حيال التحالفات الانتخابية، لقاءاتٌ مكثّفة في إطار التحضيرات لمؤتمرات الدعم الدولية للبنان، متابعةٌ ديبلوماسية عن كثب لمسار الوساطة الأميركية في شأن النزاع البري والبحري مع اسرائيل… 3 عناوين تختزل «يوميات» بيروت التي تبدو وكأنّها تخوض «الرهان الكبير» على إمكان الفصْل بين «الشرّ المستطير» الذي يحوط بها ولا سيما من «علبة الكوابيس» في سورية وبين ان تَمضي في «أجندتها» وما تنطوي عليه من استحقاقاتٍ كالانتخابات النيابية ومشاريع النهوض الاقتصادي بمؤازرة خارجية فيما لبنان يقبع عملياً في «عين العاصفة» في المنطقة عالقاً «في شِباك» المواجهة التي تخوضها كل من واشنطن وتل أبيب مع إيران وذراعها الأبرز «حزب الله».

وتَقاسمتْ هذه العناوين بالتوازي المشهد اللبناني أمس بدءاً من ملف الانتخابات التي ستجرى في 6 ايار المقبل والتي ما زالت التحالفات التي ستحكمها ضبابية بفعل عامليْن: الأوّل خلْط الأوراق الذي شكّله «اختفاء» اصطفاف 8 – 14 آذار، والثاني طبيعة قانون الانتخاب الذي يعتمد نظام الاقتراع النسبي مع الصوت التفضيلي بما يجعل «الشراكات الانتخابية» تُحسب «على القلم والورقة» و«على الصوت» وسط استشعار غالبية القوى بأنه قد يكون من الأفضل لها دخول السباق الانتخابي بـ «أحصنتها» الذاتية، فيما «حزب الله» بدا مُمْسكاً بـ «خيوط اللعبة» بعدما أَنجز تفاهماً مع شريكه في الثنائية الشيعية رئيس البرلمان نبيه بري ما أتاح لهما «الفوز» بحصة المكوّن الشيعي والرهان على «الأكل من صحن» خصومه المفترضين في الطوائف الأخرى وتالياً انتزاع ثلث معطّل «صاف» في البرلمان الجديد بمعزل عن «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون).

وكانت لرئيس الحكومة سعد الحريري، الذي يقارب الانتخابات من زاوية الحدّ من الخسائر المحتملة وتوفير أفضل الظروف لتثبيت مكانته كرقم صعب في المعادلة السياسية، مواقف أمام وفود زارتْه اذ أكد «ان لوائح تيار المستقبل في الانتخابات المقبلة ستشمل تمثيلاً مميزاً للشباب والمرأة. لكن تحالفاتنا الانتخابية ما زالت في طور النقاش»، ومشدداً على «أهمية الاستقرار السياسي والأمني في تحقيق الازدهار الاقتصادي»، ومشيراً إلى «أن الحكومة تعتزم القيام بعدد من الخطوات في هذا الاطار».

ويعكس كلام الحريري الانشداد الداخلي الى الواقع الاقتصادي والمالي في ظل العدّ التنازلي لمؤتمرات الدعم الدولية للبنان بدءاً من روما (لدعم الجيش) في 15 اذار المقبل ثم سيدر 1 في باريس في 6 نيسان (لدعم الاستثمار) وصولاً الى بروكسيل أواخر الشهر نفسه (لدعم لبنان في تحمل عبء النازحين).

ويبدو واضحاً في سياق التحضيرات لهذه المؤتمرات ان لبنان يقف أمام تحدٍّ مزدوج يتمثّل أولاً في إنجاز إصلاحاتٍ مالية تعبّر عنها موازنة 2018 التي يسابق العمل لإقرارها موعد مؤتمر باريس خصوصاً، وثانياً في إطلاق تحرك خارجي لحضّ الدول الصديقة ولا سيما الخليجية على المشاركة في «سيدر 1» وتقديم مساهماتٍ تخدم تطلعات بيروت.

وكانت لافتة أمس حركة السفير المنتدب من الرئاسة الفرنسية بيار دوكازن، المكلف الإعداد والتنسيق مع الحكومة اللبنانية لمؤتمر «سيدر»، في بيروت حيث التقى الحريري قبل ان يوضح ان «مؤتمر»سيدر«يضم المنظمات الحكومية الدولية مع نحو 50 دولة من الأسرة الدولية ستكون مدعوة من لبنان وفرنسا».

وحين سئل دوكازن: هل تمّ الانتهاء من تحديد لائحة البلدان المشارِكة وخصوصاً دول الخليج والسعودية؟ أجاب: «اننا بمرحلة وضع اللمسات الاخيرة على لائحة المدعوين، وهم جميعاً سيكونون من المدعوين، وبالطبع سيرسلون أجوبتهم، ولا أستطيع قول إنهم قالوا إنهم لن يشاركوا. فلم يؤكد أحد أصلاً مشاركته، لأن الدعوات الرسمية لم تُوجَّه بعد، لكنها ستوجه لاحقاً».

وكانت معلومات تحدثت عن ان الموفد الفرنسي زار 4 دول خليجية في سياق جس النبض حيال المؤتمر، فيما كشف مستشار الرئيس الحريري لشؤون النازحين نديم المنلا ان «قطر والكويت أكدتا حضورهما المؤتمر، والسعودية والامارات أبدتا رغبة بذلك، لكن لم تقدما جوابا نهائيا الى حين العودة الى قياداتهما»، وان رئيس الحكومة «سيجول على عدد من الدول تحضيراً للمؤتمر،على ان تحدد تفاصيل الجولة خلال الاسبوعين المقبلين».

واذ كان موعد مؤتمر باريس حُدّد، فإن حماسة المشاركة فيه تبدو في جزء منها مرتبطة بتعقيدات الواقع اللبناني ونظرة العديد من الدول ولا سيما الخليجية الى أدوار «حزب الله» في المنطقة والخشية من إمساكه بالغالبية في البرلمان المقبل، وفي جزئها الآخر بالمناخ المحتدم بين لبنان واسرائيل على خلفية النزاع البحري على منطقة الـ 860 كيلومتراً مربّعاً.

وقد أوحتْ الجولة الجديدة من وساطة الديبلوماسي الأميركي ديفيد ساترفيلد الذي التقى أمس في بيروت وزير الخارجية جبران باسيل وقائد الجيش العماد جوزف عون بوجود طرْح جديد حمله بعدما أبلغ تل أبيب رفْض لبنان التنازل عن أي من حقوقه في المنطقة المتنازَع عليها.

وفيما لم تشأ مصادر الخارجية اللبنانية الإفصاح عن الأفكار الجديدة التي طرحها ساترفيلد قبل مغادرته الى جنيف (على ان يعود الى بيروت)، كان لافتاً ما نُقل عن هذه المصادر من ان الوزير باسيل أكد موقف لبنان من البلوك 9 (وقّع لبنان عقود التنقيب والاستكشاف فيه مع البلوك 4) أما المنطقة المتنازع عليها فسيحاول لبنان تحصيل منها أكبر قدر من المكتسبات. واذ شددت على «عدم تنازل لبنان عن حقوقه النفطية»، قالت ان البحث مع ساترفيلد تناول المنطقة المتنازع عليها فقط وان عمليات البحث والتنقيب لن تتأثر لأن «إسرائيل» ستتضرر كما لبنان.

وفي موازاة ذلك، أنهى الرئيس اللبناني العماد ميشال عون زيارته للعراق حيث بحث في العلاقات الثنائية وملف الإرهاب وتعزيز التعاون على مختلف المستويات، الى جانب قضية عدد من الموقوفين في لبنان الذين تطالب بهم بغداد وأموال مستثمرين ورجال اعمال لبنانيين تقدر بنحو ثمانية مليارات دولار وتعود الى ثمانينات القرن الماضي في عهد صدام حسين.

ومن بغداد انتقل عون الى ارمينيا التي اكد منها«ان العدالة يجب ان تتحقق في قضية الابادة الجماعية الارمنية لتنقية الذاكرة واعادة الثقة بانتصار الحق على الباطل».