IMLebanon

دعمُ النساء في الإنتخابات «حَكي ما علَي جمرك»!

كتبت سابين الحاج في صحيفة “الجمهورية”: 

قبل أيام على إقفال أبواب الترشّح، عددُ المرشّحات لازال محدوداً جداً. حملات إعلانية، برامج إعلامية، ومؤتمرات خُصِّصَت للتوعية وتشجيعِ النساء على الترشّح. ولكن هل الكلام التشجيعي يكفي لتتقدّمَ امرأةٌ بترشيحها؟

يؤكّد مصدر ناشط في مجال حقوق النساء والإنسان لـ«الجمهورية» أنّ إجراءات كثيرة يمكن اتخاذها لتشجيع النساء على الترشّح إلى الإنتخابات، بعضُها من مسؤولية الدولة وبعضها الآخر من مسؤولية النقابات والمؤسسات الإعلامية، فلماذا لم تُتّخَذ بعد؟

سَقطت أبرزُ أدوات إيصال كتلة نسائية إلى مجلس النواب بعد إقرار المجلس قانونَ انتخاب لا يلحظ كوتا نسائية. وتُرِكت النساء الراغبات في التقدّم سياسياً لمصيرهنّ وسط ضجيج إعلاميّ يشجّعهنّ على الترشّح، ولكن كيف؟

إنّه الواقع لا يَعرف لبنان تجدّداً في النخَبِ السياسية، بل يَرتكز نظامه السياسي على التوارث العائلي، ما يعوق التجدّد ودخولَ جيلِ الشباب إلى الدائرة السياسية، فـ«طبيعة الأحزاب في بلدنا، شخصية عائلية وليست أحزاباً حديثة».

والنتيجة برلمان عدد النساء فيه لا يتخطى عددَ أصابع اليد الواحدة، غالبيتهنّ أختُ رجلٍ سياسي أو ابنتُه أو زوجتُه، بينما لبنان غني بالشباب والشابات الكفوئين والكفوءات.

كلّ ذلك، ومعظم الأحزاب تدعم المرأة شفهياً، بينما تصرّ فعلياً على عدم إدراجِ إلّا قلّة من النساء على لوائحها، قد تقتصر على امرأةٍ واحدة بالنسبة للوائح حزبٍ في كلّ المناطق أو حتّى ولا أيّ امرأة.

إلى ذلك، لا يسلّط الإعلام الضوءَ على قدرات النساء، بل بالعكس، غالباً ما يقيّد المرأةَ بالصور النمطية، فتُستضاف للحديث عن التجميل والموضة والقضايا الإجتماعية.

هذه العوائق تكبَح وصولَ النساء وتحول دون ترشّحِهنّ، فلماذا تترشّح امرأة أملُها في الوصول ضئيل، وسط وجود مَن «يفركِشها» بدل أن يَدعمها.
ولتترشّح، عليها دفعُ مبلغ 5000 دولار غير قابل للإسترداد، هذا غير المال للظهور إعلامياً، بالإضافة إلى نفقات الحملة التي تكلّف الكثير.

وفي الواقع، غالبية النساء لا يملكن هكذا مبالغ ليصرفنَها سدىً، خصوصاً أنّ رؤوس الأموال الكبيرة في أيدي الرجال. ومن النادر أن يبادر صاحبُ ثروةٍ إلى دعمِ زوجته لتترشَّح.

الإمتيازات تدعمها

التمييز ضدّ النساء يجتاح المجتمعات، لذا إعترفَت معظم الدول بفاعلية الكوتا الموقّتة لإدخالهنّ في اللعبة السياسية، واعتمدَتها أكثرُ مِن 86 دولة، إلّا أنّها سقطت في لبنان.

ولكن اليوم، يشدّد المصدر على أنّه لم يفُت الأوان بعد لاتّخاذ تدابير إستثنائية أخرى، بمثابة خطوات تشجيعية للنساء على الترشّح، منها:

  • أن تسمح الدولة للمرأة باسترداد المبلغ الذي تدفعه مقابل الترشّح، في حال لم تفُز بالإنتخابات.
  • أن تُعطى النساء مساحةً إعلانية وإعلامية أكبر من الرجال، ما يشجّع الأحزاب على تبنّيهن على اللوائح. ويشير المصدر إلى أنّه يمكن لوزارة الإعلام أن تمنح كلّ مرشّحة الحقّ بوقتٍ إضافي إعلامي معيّن، أو تخصّص نقابة الصحافة صفحة أسبوعية لإحدى المرشّحات في الصُحف.
  • رفعُ سقف مصروف النساء الإنتخابي، وخَفضُه عند الرجال.
  • السماح للمرأة المرشّحة بأن يتمّ التصويت لها بشهرتها أو شهرة زوجها. فالقانون الحالي يحصر ترشّحها بإسمِ شهرتها فقط، علماً أنّ قيد النساء يُنقَل بالزواج إلى قرية الزوج، وقد تكون في دائرة أو محافظة أخرى، حيث لا يعرفها الناس بإسم شهرتها، بينما يُكسِبها الترشّح بشهرة زوجها أصواتاً.

    هل سنتراجع!
    وجود 4 نساء في البرلمان الحالي وضَع لبنان في ذيل الترتيب العالمي. وتتعرّض النساء السياسيّات لمراقبةٍ حثيثة من مجتمعٍ ذكوري، يُسطّر إخفاقاتهن ويَسخر منهنّ، بينما في الحياة السياسية عشرات الرجال، وصَلوا «بالبوسطات» أو بالوراثة، ولم يقدّموا أدنى الإنجازات.

وسط مرارة هذا الواقع، يؤكّد المصدر أنّنا بحاجة اليوم إلى نساء يَدخلن البرلمان ليس لجنسهنّ بل لدورهنّ وإنجازاتهن، فيكنَّ قدوةً وخيرَ نموذج لصورةِ المرأة والسياسية الناجحة في المجتمع اللبناني. نساءٌ قادرات على رسمِ السياسات الإنمائية والتنموية، خصوصاً أنّ التقارير العالمية تؤكّد أنّ المرأة أقلّ فساداً من الرَجل.

فهل سنرى وجوهاً نسائية جديدة أم أنّ اعتماد نظام انتخابي جديد لا يلحظ كوتا ومبنيٌّ على الصوت التفضيلي سيُقصي النساء أكثر فأكثر في ظلّ غياب الدعم لهنّ، فيتقلّص عددهنّ في البرلمان بعد السادس من أيار بدل أن يزيد؟!