IMLebanon

لبنان يستعيد “شبكة الأمان” الخارجية في عزّ ملامح “الانفجار”

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: قبل أربعة أيام من قفْل باب الترشيحات الى الانتخابات النيابية في لبنان (الثلاثاء المقبل)، بقي المسْرح الانتخابي – السياسي على انتظارِه عودة رئيس الحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري من السعودية التي كان قَصَدَها يوم الأربعاء في زيارةٍ رسمية شكّلتْ منعطفاً ايجابياً في مسارِ علاقته بالمملكة التي اهتزّت إبان مرحلة استقالته الملتبسة، كما في الطريق الى معاودة تطبيع العلاقات بين بيروت والرياض التي مُنيت بانتكاسةٍ على خلفية المَلامح المتزايدة لانزلاق لبنان الى المحور الإيراني من خلال استخدام «حزب الله» التسوية السياسية (التي أنهتْ الفراغ الرئاسي) وعنوان «الاستقرار خط أحمر» للإمعان في قضْم مَفاصل القرار وجرّ البلاد الى «حضن» طهران.

وفيما كان الترقُّب سائداً للقاء المنتظَر بين الحريري وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وسط أسئلةٍ عما إذا كان تَأخُّر انعقاده (كان مُتوقَّعاً الخميس) على صلةٍ بعملية إنضاج تفاهماتٍ ترتبط بالمرحلة المقبلة في لبنان وعلاقته بالمملكة وبالعلاقات بين رئيس الحكومة وبعض حلفائه «السابقين» وما يمكن ان تقوم به السعودية على صعيد دعْم «بلاد الأرز» عشية انطلاق مسار المؤتمرات الدولية الثلاث، فإن أوساطاً سياسية ترى أنّ توقيت «العودة» السعودية الى لبنان يعبّر في واقع الحال عن قرار تدعمه عواصم الثقل في العالم بعدم «تقديم» لبنان الى إيران عبر ترْكه من دون «ظهيرٍ» سعودي يبقى الأكثر قدرة على توفير عنصر التوازن الداخلي من خلال حلفاء المملكة وعلى رأسهم الحريري (كما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع) الذي عاودت الرياض «مدّ اليد» له من ضمن مقاربةٍ بدت أقرب الى تفهُّم مسار «الواقعية» الذي يسْلكه وإن مع تَمسُّكها بوجوب ألا يعني ذلك تسليماً بمفاهيم تشكّل ضرباً للشرعية المؤسسات ولا استسلاماً لحزب الله.

وفي رأي هذه الأوساط ان لبنان مقبلٌ على مرحلةٍ من تكريس «ربْط النزاع» مع «حزب الله» داخلياً «على البارد» في ملاقاة الانتخابات النيابية التي يتم التعاطي معها خارجياً بوصْفها محطة مفصلية في سياق تعزيز «مقومات الصمود» بوجه الحزب وامتداده الإيراني من ضمن سياقٍ لا يمكن فصْله عن مجمل مسار المواجهة مع المشروع التوسّعي لطهران في المنطقة.

وبحسب الأوساط نفسها، فإنه في لحظة تبلور ملامح «الحرب الباردة» المستعادة بين الولايات المتحدة وروسيا على «رقعة شطرنج» الأزمات «المتشابكة» من اوروبا الشرقية وشرق آسيا الى الشرق الأوسط، وفي غمرة ما تشهده سورية من «سباق القواعد العسكرية» بين موسكو وواشنطن و«صراع القواعد» بين إيران – «حزب الله» وبين اسرائيل التي تواصل استخدام «لغة الحرب» التي يشكّل لبنان «هدفاً» رئيسياً فيها، فإن من مصلحة الأخير استعادة المظلّة السعودية واستطراداً الخليجية – العربية، مع الدولية، على قاعدة تثبيت «خطوط الدفاع» داخلياً بانتظار تبلْور ملامح «العواصف» المحيطة به وبما يقطع الطريق على إدخاله في لعبة مقايضاتٍ قد يفرضها مسار الحلول لأزمات المنطقة متى دقّت ساعتها، كما على ضمّه الى «ملاعب النار».

وما يعزّز هذه القراءة ان المجتمع الدولي ولا سيما فرنسا والولايات المتحدة اللتين يتردّد انهما لم تكونا بعيدتيْن ومعهما الإمارات العربية المتحدة عن رسْم «خريطة الطريق» المتدرّجة لطيّ صفحة أزمة استقالة الحريري ومعاودة وصْل ما انقطع بينه وبين الرياض كما وضع علاقة بيروت بالمملكة على سكة التطبيع، مصرّ على رفْد لبنان بمقوّمات الدعم من خلال المؤتمرات الثلاث في روما وباريس وبروكسيل التي يسود تَرقُّب لما ستحمله ولا سيما بعدما برزتْ إشارات الى ان السعودية ستساهم فيها بما يلزم، الأمر الذي سيعكس استمرار «الحاضنة» الخارجية للوضع اللبناني.

وكانت باريس نقلتْ الى بيروت عبر سفيرها برونو فوشيه خلال زيارته رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان مؤتمر سيدر 1 سيُعقد في 6 أبريل في العاصمة الفرنسية، كما أبلغت اليه قراراً مفاجئاً بإرجاء زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون التي كان ينوي القيام بها للبنان والعراق في النصف الاول من ابريل وذلك نظراً الى تضارب الاجندات، مع تأكيده ان الزيارة تبقى قائمة وسيحدد موعدها الجديد لاحقاً.

وفي غمرة المحاولات الداخلية لتكييف الواقع المالي اللبناني مع مقتضيات المؤتمرات الدولية، وهو ما يصطدم بمناخ الانتخابات الذي يجعل أي إجراء إصلاحي يُقاس بـ «كلفته الشعبية»، كان لافتاً أمس ما نقله زوار القصر الجمهوري عن الرئيس عون من اطمئنانه الى الوضع العام في البلاد، وتأكيده رغم المخاوف التي يتم تداولها منذ ايام أن لا مؤشرات تصعيد اسرائيلية في الافق على ما يحلو للبعض تصويره.

ولفت رئيس الجمهورية على ما نقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن زواره الى «أن المشكلات التي اثارتها تل ابيب في الاسبوعين الماضيين في ملفي الحدود البرية والبحرية وحق لبنان في أرضه وثروته تراجعت وحتى هدأت، علماً انه يجب عدم الركون الى ما تضمره اسرائيل من شرور واطماع، ومن الضروري التزام الحذر الدائم»، مؤكداً «ان الأميركيين طمأنونا الى أن لا تصعيد من قبل اسرائيل على رغم ما يشاع في الاعلام ومواقف المسؤولين الاسرائيليين. كما أن التقارير التي تلقاها لبنان من الامم المتحدة تنفي المعلومات عن امكان اقدام اسرائيل على شن حرب على لبنان وسورية لخربطة(الستاتيكو)القائم أو لتحقيق أطماع وأهداف غير معروفة ومعلنة».

ويختم الزوار بقول عون «إن الحذر واجب لكن الخوف ممنوع، ليس من اسرائيل وحسب وانما على كافة الصعد والمستويات».