IMLebanon

بلى… نعتذر منك زياد عيتاني! (بقلم رولا حداد)

بلى نعتذر زياد عيتاني… وربما يجب أن نعتذر من أنفسنا أولا كلبنانيين.

نعتذر لأننا كنا جبناء ومتخاذلين في الدفاع عنك زياد عيتاني، وعبرك عن أنفسنا، عن كل ضعيف من بيننا قد يتعرّض في أي لحظة إلى اختلاق ملفات وفبركة أفلام بحقه، ولا يجد من يدافع عنه!

نعتذر لأننا نصاب بحالة رعب حين يلصقون بأحدنا تهمة “العمالة”، فلا نعود نجرؤ أن نسأل ونحاسب، ولا حتى أن نواجه الظلم لأننا جبناء.

هذه التهمة المقيتة التي بات استعمالها في أحيان كثيرة يهدف إلى تصفية الحسابات السياسية ليس أكثر، أو إلى استعمالها لأغراض لم ننسها بعد منذ أيام الذين تم اتهامهم بالعمالة لمحاولة التملص من إثباتات “داتا الاتصالات” في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أمثال الضحايا الذين سبقوك كطارق الربعة وزملائه!

نعتذر منك يا زياد لأننا تركناك وحيداً في سجنك الصغير، ربما لأننا عدنا جميعاً إلى سجن كبير يخضع إلى سجّان يفبرك على سجيّته من دون رادع، وكأننا كنا نخاف أن ينقلونا إلى جنبك!

نعتذر منك عن أبواق إعلامية قبلت أن تتآمر عليك وتجلدك لإرضاء ضابط من هنا وأمني من هناك، وبهدف إجراء “scoop” رخيص في زمن المتاجرة بالكرامات… وكم كثر السلاخون يوم سقطت يا زياد!

نعتذر منك لأن جهازاً أمنياً أراد تسطير إنجازات وهمية واستعراض بطولاته لإثبات وجوده، فكنت أنت الضحية، ولم يتوانَ هذا الجهاز عن التشهير بمجموعة كبيرة من الزملاء الإعلاميين بهدف استباق أي محاولة للتضامن معك، فعمد إلى التسريب بهدف التشهير والترهيب. نعتذر منك لأن هذا اسمه جهاز أمني لبناني يُفترض أن يحميك ويحمينا، فإذا به يتآمر عليك وعلينا!

نعتذر منك زياد، من كل الإساءات إلى سمعتك والتشهير الذي لحق بك.نعتذر منك عن كل التعذيب الذي قد تكون تعرضت له بحسب روايات عائلتك ومن تجرّأ أن يكتب عنك. ربما يجب أن نعتذر منك لأننا لسنا واثقين من أي محاسبة لأي مسؤول أمني أو قضائي أو سياسي في وطننا!

ونعتذر من زوجتك المظلومة ومن ابنتك عن كل ما تعرضتا له في هذه الأشهر، وخصوصاً من بعض الإعلام المريض والموبوء، ومن التهويل الأمني الذي لم يرحمهما.

نعتذر لأننا فشلنا في بناء دولة، ولأننا يوما انتفضنا في 14 آذار 2005 ويوم أخرجنا الاحتلال السوري في26 نيسان 2005 لم نجرؤ على القيام بعملية تطهير شاملة لبعض الأجهزة الأمنية من رواسب ممارسة النظام الأمني السابق، وكذلك في القضاء.

نعتذر لأننا استسلمنا من جديد لنظام مشابه يحاول أن يستعيد الأساليب القديمة البالية إياها، ونحن نتفرّج ولا نصرخ، لا ننتفض، لا نثور. نخاف على أنفسنا، ولا نعلم أن دورنا قد يأتي في أي لحظة، لأننا إن لم ننتفض متحدين سيتم استهدافنا مفرقين!

نعتذر منك زياد عيتاني لأنك دفعت ثمناً باهظاً اليوم. قبلك دفع الكثيرون أثماناً باهظة لتلك الألاعيب الأمنية الخطرة. لا يمكن أن ننسى كل المسرحيات الأمنية التي استهدفت “القوات اللبنانية” في تسعينيات القرن الماضي ولا المحاكمات الجائرة والتي شابتها عيوب- فضائح. ولن ننسى كل ما جرى من يومها حتى اليوم من استهدافات لفئة محددة من اللبنانيين، في حين ينعم مجرمون وإرهابيون كثر بغطاء وحصانة وكل أجهزة الدولة لا تجرؤ على الاقتراب منهم، والأمثلة تعرفها كما يعرفها جميع اللبنانيين.

عذراً زياد عيتاني…