IMLebanon

تَرقُّب للخطوة التالية للحريري … العائد من السعودية

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

خضع الخطوات التي سيتّخذها رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري للمواقف التي سيطلقها ابتداءً من اليوم لمعاينة دقيقة في بيروت التي عاد إليها أمس منهياً زيارةً بالغة الأهمية للمملكة العربية السعودية استمرّت خمسة أيام، التقى خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وحملتْ مغادرة الحريري للسعودية إشاراتٍ بروتوكولية – سياسية مشابهة لتلك التي استُقبل بها، حيث حرصتْ المملكة على وداعٍ رسمي في مطار الملك خالد الدولي، في ختام زيارة اكتسبتْ أهمية استثنائية كونها أعقبتْ برودةً في العلاقة بين زعيم «تيار المستقبل» والرياض على خلفية استقالته الملتبسة من العاصمة السعودية والتي عاد عنها في بيروت في نوفمبر الماضي.

وإذا كانت عودة المياه الى مجاريها بين الحريري والسعودية بدت مؤكدة بفعل طبيعة لقاءاته في المملكة خصوصاً مع الأمير محمد بن سلمان الذي تردّد أنه التقى رئيس الحكومة مرة ثانية يوم السبت بعد اجتماعهما الجمعة، فإن التحريات السياسية ستنشط في بيروت في محاولةٍ لاستكشاف طبيعة التفاهمات التي جرت وانعكاستها على الواقع اللبناني.

وفي رأي أوساط سياسية لبنانية، ان «حزب الله» سيكون أوّل المهتمّين بفهْم مرتكزات مرحلة ما بعد زيارة الحريري للمملكة وما عكستْه، بعد زيارة الموفد الملكي نزار العلولا لبيروت التي سيعود إليها قريباً، من قرارٍ سعودي بالإحاطة مجدداً بلبنان والسعي الى توفير مقوّمات استعادة «التوازن» فيه والذي كان اختلّ بقوة لمصلحة إيران عبر «حزب الله».

وتعتقد هذه الأوساط انه رغم تَفهُّم الرياض موجبات استراتيجية الواقعية التي يصرّ عليها الحريري لحفظ استقرار لبنان وتلافي جعْله «حلبة نار» جديدة بين اللاعبين الإقليميين، فإن «حزب الله» الذي يستعدّ لخوض انتخابات نيابية يعتبرها مدخلاً لترجمة تفوُّق محوره الاقليمي وجد نفسه امام «عودة مباغتة» للسعودية ترسم مسبقاً ملامح مرحلة الطريق الى الانتخابات وما بعدها بما يعزّز موقع حلفائها عبر تعويم السنَد الإقليمي لهم.

وما جَعَل محطة الحريري في المملكة محور متابعة لصيقة أنها تأتي على وقع حركة سعودية في اتجاهات عربية ودولية تحمل دلالات كبرى ارتباطاً بواقع المنطق ومستقبلها بدءاً بالزيارة التي باشرها ولي العهد الى مصر أمس وتليها محطتان في كل من بريطانيا والولايات المتحدة، الأمر الذي يعكس رغبةً من المملكة في تكريس حضورها كلاعبٍ لا يمكن القفز من فوقه.

وفي حين يجري رصْد الخطوة التالية للحريري على المسْرح الداخلي، فإن مصادر مطلعة تستبعد اي تحوُل في خيارات زعيم «تيار المستقبل» المعلَنة لجهة مضيّه في التسوية السياسية شريكاً لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومع «ربْط نزاع» مع «حزب الله» على قاعدة «الاستقرار أولاً» واستناداً الى قرار النأي بالنفس عن صراعات المنطق والتدخل في الشؤون العربية الذي شكّل جسر عودته عن استقالته.

ولن تكون هذه الثوابت بعيدة عن البرنامج الذي سيخوض «المستقبل» الانتخابات على أساسه والذي سيعلنه الحريري يوم كشْف أسماء مرشّحيه الى الانتخابات النيابية هذا الأسبوع، وسط ترقُّب المرحلة التالية المرتبطة بالتحالفات رغم الاقتناع بأن طبيعة القانون ستجعل التيار متحرِّراً من الحاجة الى الآخرين في العدد الأكبر من الدوائر، ومكتفياً بتفاهمات موْضعية لزوم مصلحة انتخابية أو عملية مراعاة سياسية لمسار ما بعد استحقاق 6 مايو المقبل.

ورغم الانشداد أمس إلى عودة الحريري الى بيروت، فإن «الدويّ الفضائحي» الذي أحدثتْه صدمة «ملف المفبْرك» للفنان المسْرحي زياد عيتاني الذي يُنتظر إطلاقه اليوم بقرار من القضاء العسكري لم يخفت، وسط ترقُّب لما ستحمله هذه القضية من مفاجآت جديدة ولا سيما على صعيد التحقيقات الجارية مع المديرة السابقة لمكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية في قوى الأمن الداخلي سوزان الحاج التي يتم الاستماع إليها كمشتبه بها في «فبْركة» ملف عيتاني عبر «قرصان معلوماتية» (هاكر) تولى «شبْك» خيوط تلفيق تهمة التواصل له مع ضابطة «وهميّة» في «الموساد» تُدعى «كوليت».

وفيما ساهم موقف كلّ من رئيسيْ الجمهورية والحكومة أول من امس في احتواء التفاعلات السياسية والطائفية التي انفجرتْ على خلفية الكشف عن المسار الجديد لقضية عيتاني (كان اوقف في 23 نوفمبر الماضي) والذي برز مع إحالة الملف من جهاز أمن الدولة (المحسوب على فريق الرئيس عون) الى شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي (محسوبة على فريق الرئيس الحريري)، الى جانب إعلان البراءة المبكر الذي أطلقه وزير الداخلية نهاد المشنوق للفنان المسرحي قبل قول القضاء كلمته، الأمر الذي تسبّب بموجة ردود وتعليقات ربطتْ بين هذا التطور وبين الانتخابات المقبلة.

ولم يحجب غبار السجالات السياسية الوقائع الفضائحية المتصلة بملف عيتاني الذي عاود تركيز الأنظار على سلوك و«ضوابط» عمل بعض الأجهزة في هذا الملف وربما غيره، ولا سيما بعدما أظهرتْ «التحقيقات الجديدة» ان مَن تولى نصْب الفخّ للفنان المسرحي هو مخبر يعمل لحساب «امن الدولة» ويدعى ايلي.غ وقد اعترف بأن المقدّم الحاج هي مَن طلبتْ منه تلفيق التهمة.

ورغم استمرار التحقيقات بسرية مع الحاج وآخرين، فإن ما تكشَّف عن اختراق المُخْبر لحساباتٍ تعود الى عيتاني على مواقع التواصل وغيرها كما توليه فتْح حسابات وهمية لفبْركة تهمة التعامل مع ضابطة الموساد الوهمية، بدأ يزيل بعض الالتباسات حيال مسار الإيقاع بالفنان المسْرحي لتبقى جوانب أخرى من دون توضيح كامل حتى الساعةـ وبينها هل استُدرج عيتاني لتواصلٍ مع الشخصية الوهمية أم ان عملية القرْصنة جعلتْ الفبْركة تشمل كل نواحي هذا الملف من ألفه الى يائه؟

وكان لافتاً في سياق هذا الملف ما أعلنته شقيقة عيتاني، رنا، من «أن المقدم سوزان الحاج انتقمت من زياد بعد الصورة المتداولة لإعجاب قامت هي به لتغريدة للمخرج شربل خليل يهاجم فيه السعودية، وبعد فصلها من عملها قررت الانتقام منه، فلفقت له التهمة (…) وبعد الضجة التي أثارتها الصورة، حذف زياد التعليق وقام بالاتصال بالمقدم الحاج محاولاً الاعتذار منها، إلا أن زوجها أقفل الخط بوجهه، إلى أن اتهم أخي بالعمالة»، كاشفة لـ «النهار» ان الرئيس الحريري «تواصل ثلاث مرات مع العائلة من السعودية قبل اعلان براءة زياد، وخلال الاتصال قال (الحريري) للوالدة (ابنك حياخد حقو واللي ظلمو حيتعاقب أمام الجميع… انتظري ساعات وستسمعين اخباراً طيبة عن ابنك)».