IMLebanon

اعترفوا بحقيقة هذه الانتخابات! (بقلم رولا حداد)

أسقطت هذه الانتخابات كل أوراق التين عن معظم الأطراف السياسية في لبنان. الأكثرية الساحقة من المتنافسين تسعى إلى محاولة زيادة “مكاسبها” الانتخابية من خلال محاولة زيادة عدد نوابها بعيداً عن المبادئ والشعارات.

هذا ببساطة ما يمكن استنتاجه من كل مشهد التحالفات والمفاوضات حول التحالفات التي نتابعها من أكثر من شهرين. فلا شيء ثابتاً وسقطت معظم الاصطفافات السياسية رغم أن الوقائع والمعطيات لم تتبدّل، لا بل ربما تزداد سوءًا!

فلنعترف بالحقيقة المؤلمة وهي أن لا عناوين سياسية لانتخابات الـ2018، بل عنوان واحد تعمل عليه الأكثرية الساحقة من المرشحين وهو المنافسة في معركة تقاسم السلطة ليس أكثر. لا شك أن أداء البعض أفضل من أداء البعض الآخر في ممارسة السلطة وبأشواط كثيرة، إنما القدرة على التغيير تكاد تكون معدومة نتيجة الواقعية السياسية التي تفرض إعادة إنتاج مجلس نيابي جديد يشبه الذي سبقه مع تعديلات تجميلية طفيفة لا يمكن لها أن تُخفي قباحة الطبقة الحاكمة ولا أن تُنتج عملية إنقاذية من الواقع المأزوم وتجنبنا الانهيار الآتي حتماً!

ما تقدّم يوجب على الجميع القيام بفعل تواضع كبير في مقارباتهم للانتخابات والتحالفات والشعارات، لناحية الاعتراف أولاً أن مبدئية المعركة سياسياً وسيادياً كما شهدناها في انتخابات الـ2005 والـ2009 سقطت إلى غير رجعة، مع أن سلاح “حزب الله” لم يسقط، لا بل هو يمعن في الإساءة للبنان من خلال استمرار قتاله في الخارج ومن خلال الإساءة لسمعة لبنان دولياً ولعلاقاته العربية، وأيضاً من خلال البدء بتنفيذ تهديد الأمين العام لـ”حزب الله” باستقدام المقاتلين الشيعة من كل المنطقة إلى لبنان، والزيارات المتكررة لمسؤولي الميليشيات الشيعية إلى الجنوب اللبناني أكبر مؤشر على ذلك. وهكذا تبقى الشعارات السيادية برّاقة إنما لا تجد لها سبيلاً إلى التطبيق في الانتخابات.

أما شعارات الشفافية ومحاربة الفساد فتكاد تصبح لزوم المعركة الإعلانية ليس أكثر أو ربما حرب طواحين هواء، لأننا كلبنانيين لم نعد نعرف من هم الفاسدون فعلاً في انتخابات يتحالف فيها الجميع وكأن الفساد مسؤولية كائنات فضائية!

والأسوأ من كل ذلك أن التحالفات الانتخابية تحصل بين قوى السلطة الموجودة، ما يعني أن إمكانية تحقيق تغيير جذري في لبنان شبه معدومة لأن هذه القوى ستعيد إنتاج نفسها، ولو بتغيير بعض الوجوه ليس أكثر.

فلنعترف بالحقيقة في الخلاصة وهي أن هذه المعركة الانتخابية فقدت عناوينها السياسية، وباتت أشبه بالسعي وراء مصالح خاصة وحزبية ليس أكثر. وحده أشرف ريفي يصرّ على تكريس ثوابته في تحالفاته مهما كان الثمن باهظاً… فهل يدفع الثمن؟!

المطلوب إذا من الجميع التخفيف من خطابات التخوين والشعارات الكبرى، لأن كل طرف مهتم بتحقيق مصالحه الخاصة بعيداً من أي مصلحة عامة، وهذا ما يفسّر الاشتباكات المتكررة بين من يُفترض أنهم حلفاء أو في الخط نفسه في كل دائرة وعلى كل مقعد، وإن كان البعض يعتبر هذا التنافس مشروعاً فالحري به ألا يرشق أي أحد يسعى إلى تحقيق مصلحته الانتخابية الخاصة… ولو بوردة!