IMLebanon

إلتهاب العظام… بين البتر والسرطان

كتبت جنى جبور في “الجمهورية”:

يخاف المرضى في غالبيتهم خلال خضوعهم للجراحات التي تتطلب وضع الشرائح والمسامير الحديدية من الاصابة بالتهاب العظام الذي يُعتبر من الأمراض الرائجة والصعبة لكثرة الألم الذي تسبّبه. فهل يعود سبب الالتهاب الى قلة نظافة غرفة العمليات؟ وهل يسبّب الالتهاب السرطان؟

تصاب العظام بالالتهاب إثر إنتقال الجراثيم اليها أو الى نخاعها، وذلك إما جرّاء إصابة خارجية مثل الكسر والجرح الذي إذا لم ينظَّف ويعقَم ويغطَى جيداً، يسبب تجمّع الميكروبات فيه، أو في حال وجود الصفائح الحديدية في جسم الانسان كالشرائح والمسامير التي في حال لم تكن معقّمة جيداً تسبّب الالتهاب.

في هذا السياق، حاورت «الجمهورية» الاختصاصي في جراحة العظام والمفاصل الدكتور إيلي لبكي الذي استهلّ حديثه شارحاً أنّ «عوارض إلتهاب العظام تكون واضحة جداً، ولا صعوبة في تشخيصها وترتكز على الألم المفرط في العظم، الاحمرار، إرتفاع حرارة المريض، السخونة في العضو المصاب، وظهور بعض الإفرازات كالقيح مثلاً».

نتوء العظمة والسكري
ثمة فئات تُصنَّف على أنها الاكثر عرضة للاصابة، وبحسب د. لبكي من ضمنها «الذين أجروا عملية معيّنة في العظم دون أن يعقّموا جرحَهم جيداً، أو الذين تعرّضوا لنتوء العظم في الرجل أو اليد جرّاء كسر أو أيّ عامل خارجي آخر. بالاضافة الى الذين يعانون من نقص في المناعة ومرضى السكري». في المقابل، يلجأ الاختصاصي الى تأكيد الاصابة عبر اتّباع بعض الطرق التشخيصية كفحص الدم، الصور الشعاعية المفصّلة، وفي الحالات القصوى يتمّ أخذ عيّنة من العظم الملتهب لمعرفة نوع الجرثومة التي أصابته، وبالتالي يصف الطبيب بعدها الدواء المناسب لحالة المريض».

الالتهاب بعد الجراحة
قد يدخل المريض إلى المستشفى للقيام بعملية جراحية تستدعي تثبيت الشرائح والمسامير الحديدية، ليخرج بعدها مصاباً بالتهاب العظام. فكيف تفسَّر هذه الحالة؟ يجيب د. لبكي أنّ «غالباً ما يعود سبب هذا الالتهاب الى تلوّث غرفة العمليات التي لم تخضع الى درجة التعقيم اللازمة. وهنا يعمد الطبيب الى إزالة الأجسام الحديدية أولاً، ليعطي المريض بعدها الأدوية المناسبة. وإذا كان المريض قد تسمّم من الأجسام الحديدية، نعمد إلى إزالتها فوراً، ومن ثمّ نعطيه المضادات الحيوية، وبالتالي يشفى المريض دون اللجوء الى العلاجات المعمّقة».

العجز عن الحركة
علاج واحد لا غير، يرتكز على معالجة التهاب العظام، ويلفت د. لبكي الى أنّ «الادوية هي الحل المناسب، فنصف للمريض إمّا مضادات الالتهاب أو المضادات الحيوية، والتي تختلف طريقة استخدامها باختلاف مكان الإصابة، فقد تعطى عن طريق الفم أم يعطى الدواء مباشرةً في العظم. أمّا فترة العلاج فتختلف من مريض إلى آخر، وذلك باختلاف درجة تفاقم الالتهاب لديه، ففي الحالات غير المتطوّرة، لا تقلّ فترة العلاج عن الستة أسابيع، أما إذا كانت حالته متطوّرة فلا يمكننا تحديد فترة معيّنة، بل علينا مراقبته ومعرفة مدى تفاعل جسمه مع الأدوية الموصوفة.

ويمكن مراقبة وضعه الصحي من خلال فحوصات الدم، زرع الدم وصور الأشعة المفصّلة. في المقابل، من المهم تأمين الراحة التامة للعضو المصاب لمنع زيادة الالم، فمثلاً اذا كانت الرجل مصابة يحبَّذ أن لا يمشي المريض عليها. وفي طبيعة الحال، عند الاصابة بالالتهاب، يصبح المريض عاجزاً عن التعامل مع عضوه المصاب بطريقة طبيعية وقد يعجز أيضاً عن الحركة».

البتر والسرطان
عدد من المضاعفات ممكن أن يؤثر على المريض في حال اهمل حالته، ولكن هل يمكن للالتهاب أن يسبّب سرطان العظام؟ يوضح د. لبكي أنّ «أبرز المضاعفات التي قد تصيب المريض إذا لم يلجأ فوراً للطبيب، هي تفاقم الالتهاب وتزايد رقعة انتشاره، ليتغلغل في الجسم كاملاً.

أمّا بالنسبة لمرضى السكري فتُعتبر حالتهم أصعب كونها تؤدّي في اكثر الأحيان إلى بتر العضو الملتهب، وذلك بسبب عدم وصول الدم إلى الشرايين لسوء حالتها، وبالتالي لن يصل العلاج بطريقة سليمة للعضو المصاب. من جهة أخرى، وخلافاً لما يُشاع حول علاقة إلتهاب العظم بالسرطان، فمهما تطوّر الإلتهاب لن يصل إلى مرحلة السرطان، فهو كأيّ التهاب آخر يمكن أن يصيب مختلف أعضاء الجسم ويقتصرعلاجه على الأدوية التي ذكرناها سابقاً».

أهمّية التعقيم
بدوره، يلعب المريض دوراً مهماً في منع الإصابة بالالتهاب، ويشير د. لبكي الى أنه «من الضروري تعقيم وتنظيف الجروح بطريقة محكمة، والإبتعاد بقدر الإمكان من الأجسام الملوّثة. وفي حال شعور المريض بأيّ عوارض غريبة بعد العملية، من المهم إستشارة الطبيب، تجنّباً لتفاقم الإلتهاب وتصعيب علاجه».