IMLebanon

الدولة المهترئة تنتظر الخطاب المقبل! (بقلم محمد عيتاني) 

النظام اللبناني مهترئ… صحيح، هذه العبارة هي الصحيح الوحيد الذي ورد في كلام رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين. أما في توصيف الحلول للاهتراء فالمغالطات كثيرة. وصحيح أكثر أن “حزب الله” هو أحد أبرز أسباب الاهتراء وأن هيمنته على الدولة وقضمه لهيبتها وإضافة لسلطاتها واستباحته لمقدراتها أسباب مباشرة للاهتراء الذي أصابها.

قد لا يكون مجدياً تكرار ما يعرفه اللبنانيون والعالم من أن “حزب الله”، الممعن في ضرب كل صورة من صور قيام الدولة، هو أبرز مواطن ضعفها من حيث بنيتها وقدرتها على السيطرة وفرض هيبة القانون.

من المفيد جداً التأكيد أن المجتمع الدولي، الذي التأم قبل أيام في روما لدعم الجيش، هذا المجتمع يؤمن بأن دعم الدولة ومساعدتها على النهوض بمؤسساتها إنما هو الحل الأفضل لكبح شهية حزب الله في قضم الدولة نهائياً. هناك صيغة متعارف عليها عند المجتمع الدولي وهي أن ضعف الدولة يصب في مصلحة إبراز قوة “حزب الله”، ولذلك فإن تأمين الحد الأدنى من القدرات لأجهزة الدولة يبقى الحل الأمثل لاستمرارية لبنان.

ثم إن صفي الدين آثر إنكار وجود أي وسيلة لإصلاح النظام في شكل جذري وكأنه ينعى مؤسسات الدولة وقدرتها على الخروج من دوامة الفساد، بل وكأنه يتهم اللبنانيين جميعاً بالفساد والانتظام في دائرته. ماذا إذاً عن المطار والمرفأ والمعابر غير الشرعية التي يديرها الحزب كلها؟ وماذا عن كميات البضائع المهرّبة من دون الخضوع الى رسوم جمركية؟ ماذا عن نقل الاسلحة من الخارج الى الداخل وبالعكس؟ ثم ماذا عن الاتجار بالبشر وتهريبهم وتبييض الاموال وتجارة المخدرات في اميركا اللاتينية؟ أليس كل هذا ضروب من الفساد في بنية حزب الله بالذات؟ إذاً فالفساد وإن كان موجوداً في الدولة منذ عقود، فإن الداء ذاته هو من أصل تكوين حزب الله الذي قام على أساس فاسد سمح ببلورة فكرة إنشاء حزب إيراني بلباس لبناني يكون مؤهلاً للانقضاض على الدولة المركزية ساعة تكون الفرصة مواتية.

ولتوضيح مكمن الخطر فإن كلام صفي الدين عن الفساد المستشري واستعصاء اصلاحه ليس معزولا عن كلام أمين عام حزب الله حسن نصرالله عن أن سلطة ولاية الفقيه فوق الدستور اللبناني، الصورة متكاملة، أحد الرجلين يتحدث عن سلطة فوق الدستور ليأتي الثاني ويعتبر أن أي إصلاح للاهتراء الموجود غير ممكن.

ولأننا نُقدّر اللبناني وفكره فليس ثمة مجال للاعتقاد أن أحداً من اللبنانيين هو بالغباء الذي لا ييتيح له استخلاص العبر.

في سياق خطابه قال صفي الدين: “إن حل هذه الأمور في بلد يعاني من مشاكل كبيرة وكثيرة في الاقتصاد والمسائل الاجتماعية والإدارة، يحتاج إلى عقلية دولة التي لا نقول إنها غير موجودة تماما، ولكنها ضعيفة…”. فإذا لم يعمل اللبنانيون بجد ومعهم اصدقاء لبنان العرب والأجانب فإن الخطاب المقبل لأحد زعماء الحزب قد يحمل في سطوره عبارة تقول “الدولة غير موجودة بالكامل، فلنستلهم دستورنا من ولاية الفقيه”.