IMLebanon

رفض قانوني وشعبي لمبادرة باسيل!

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:

فجّر وزير الخارجية جبران باسيل قنبلة اجتماعية في الأوساط اللبنانية، عبر تقديمه مشروع قانون يسمح بإعطاء أولاد اللبنانية المتزوجة من أجنبي الجنسية اللبنانية، مشترطاً ألا تكون متزوجة من أحد مواطني دول الجوار، (فلسطين وسوريا)، كما أنه ساوى بين المرأة والرجل عندما حظر المشروع إعطاء الجنسية لأولاد الرجل اللبناني المتزوّج من سورية أو فلسطينية، إذا دخلت لبنان بصفة لاجئة، مبرراً ذلك بمنع التوطين، وهو ما أثار استياء عارماً لدى الجمعيات التي تعنى بحقوق الإنسان، وحملة عنيفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وصفت المشروع بـ«العنصري».

وقال باسيل خلال مؤتمر صحافي عقده بمكتبه في وزارة الخارجية إن مبادرته تهدف لـ«المساواة بين اللبنانيين؛ نساءً ورجالاً، انطلاقاً من الدستور والاتفاقات الدولية واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة»، كاشفاً أن المبادرة «مشروع قانون لتعديل القانون الصادر عام 1925 لمنح المرأة اللبنانية حق منح الجنسية لأولادها إذا كانت متزوجة من غير لبناني، ومساواة الرجل بها باستثناء دول الجوار للبنان لمنع التوطين». وأكد أن «ما يمنع عن المرأة يمنع عن الرجل في استثناء هذه الدول».

وعدّ وزير الخارجية أن مشروعه «ينسجم مع ما ينص عليه الدستور اللبناني بعدم التمييز بين اللبنانيين على أساس الجنس، كما يتماشى مع مقدمة الدستور التي تحظر التوطين، والدولة متمسكة بحق العودة للاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين، ولهذا السبب ينبغي التنبه لموضوع التجنيس الجماعي»، لافتا إلى أن «مفهوم (اللبنانية) هو ما يجمعنا كلبنانيين»، مضيفا أنه «تقدمنا بمجموعة خطوات؛ منها قانون استعادة الجنسية في محاولة للمساواة بين المقيمين والمنتشرين».

وفي القراءة القانونية لهذا المشروع، رأى وزير العدل السابق إبراهيم نجّار، أنه «على الصعيد السياسي قد يكون الاقتراح مفهوماً تحت عنوان الخوف من التوطين، لكن على الصعيد القانوني قد يعد مخالفاً للدستور». وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، اقترح نجار «إعادة صياغة مشروع القانون، حيث لا يشير إلى تمييز بين النساء والرجال وجنسية من يتم الزواج منهم، لأن ذلك يعد مخالفاً لمبدأ المساواة أمام القانون».

غير أن طرح وزير الخارجية أثار موجة استياء لدى الأوساط السياسية والشعبية، أيضا؛ إذ أكد الخبير القانوني والدستوري النائب السابق صلاح حنين، أن «القانون لا يُجتزأ ولا يُجزّأ». وشدد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على «حقّ المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي بأن تعطي جنسيتها لأولادها حكماً، كما هو حقّ اللبناني المتزوج من أجنبية أن يعطي الجنسية لأولاده». وأوضح أن: «القاعدة القانونية واحدة لا انتقاء فيها ولا استثناء ولا استنساب، وكل ما هو خلاف ذلك يعدّ عنصرية».

أما الجمعيات الأهلية التي تعنى بحقوق المرأة، فكان صوتها الرافض للمبادرة أعلى وأقوى، حيث وصفت زويا روحانا، مديرة مؤسسة «كفى» للدفاع عن حقوق المرأة، هذه المبادرة بأنها «طرح عنصري، كرّس التمييز بين المرأة والمرأة وبين الرجل والرجل». وأسفت لأن المبادرة «تعبّر عن خطاب يكرس النهج العنصري تجاه الفلسطينيين والسوريين». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «كنّا نطالب بإنصاف المرأة المتزوجة من أجنبي حتى لو كان سورياً أو فلسطينياً، ومنحها حق إعطاء الجنسية لأولادها، واليوم بتنا أمام مشكلة جديدة، وهي أن الرجل اللبناني المتزوج من سورية أو فلسطينية لديها صفة لاجئة يحرم أولاده من الجنسية اللبنانية، فبدل أن ينصف المرأة، ساوى بالظلم بينها وبين والرجل».

وعلى وقع التلويح بتحركات تصعيدية، حذّر النائب السابق صلاح حنين، من «بناء القوانين على قواعد الانتقاء العنصري أو العرقي أو الديني». وقال: «يجب أن ننتهي من هذا التمييز، فللمرأة الحق بإعطاء أبنائها الجنسية كما هو حقّ الرجل أيضاً»، عادّاً أن «كلّ قانون لا يكرّس المساواة بين المواطنين، هو سبب للانقسام».

بدورها، كشفت زويا روحانا عن موقف سيتبلور خلال الساعات المقبلة، وقالت: «نحن في مؤسسة (كفى) وغيرنا من الجمعيات التي تعنى بحقوق الإنسان، سنبدأ تحركاً في أكثر من اتجاه، لمواجهة هذا المشروع ووأده». وطالبت المسؤولين في الدولة بـ«تكريس حقّ المواطنة، والمساواة بين أفراد المجتمع، وأن تضع حداً لهذا الطرح العنصري المغلّف بشعار منع التوطين، في حين أن هناك ضوابط لمنع التوطين يمكن اعتمادها من دون أن نلحق الظلم بالمواطنين وأولادهم».