IMLebanon

المعركة الانتخابية تحتدم و”حزب الله” يخوضها كأنّها… “حرب”

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

غداً يوم آخر في بيروت التي تُسْدِل الستارة اليوم على الفصل الأخير ما قبل فتْح صناديق الاقتراع والمتمثّل في تسجيل اللوائح التي ستخاض من ضمنها الانتخابات النيابية في 6 ايار المقبل لاختيار 128 نائباً يتقاسمهم مناصفة المسيحيون والمسلمون.

وفيما لا يُستبعَد أن يقارب العدد النهائي للوائح التي سيتمّ تسجيلها في وزارة الداخلية الـ 100 ستتنافس في 15 دائرة وفق قانونٍ يَعتمد، للمرة الأولى في تاريخ لبنان، نظام الاقتراع النسبي مع صوتٍ تفضيلي، فإن يوم 27 آذار سيشكّل رسمياً الانطلاقة الفعلية للمعركة الانتخابية التي اختلط فيها «الحابل بالنابل» على صعيد التحالفات التي طغى فيها معيار «الفوز بأي ثمن» على كونها اقتراعاً على الخيارات السياسية وبرامج الأحزاب.

وما ان تُطلق «صافرة» نهاية مهلة تسجيل اللوائح التي لا يمكن خوض الانتخابات إلا من ضمنها (لا يسمح القانون بالترشيحات المنفردة)، حتى تنكبّ الماكينات الانتخابية على عمليات «محاكاةٍ» شاملة لاستخلاص «الرسْم التشبيهي» لما ستفرزه الصناديق استناداً إلى «خريطة اللوائح» و«أوزانها» واستطراداً الحاصل الانتخابي المفترض في كل دائرة واتجاهات الصوت التفضيلي.

كما أن طيّ صفحة المرحلة التمهيدية الفاصلة عن 6 ايار سيسمح بإجراء «مسْح» سياسي لمغزى ما استقرّت عليه التحالفات وسط خلاصات أوّلية أمكن رصْدها على النحو الآتي:

* ان «تيار المستقبل» الذي يقوده رئيس الحكومة سعد الحريري نجح في «محاصرة» خصوم داخل البيئة السنية، مستفيداً من حال الاستنهاض الشعبي الكبيرة التي برزتْ منذ أزمة استقالته من الرياض في تشرين الثاني الماضي وما تلاها، وأيضاً من الدعم السعودي المتجدّد له، وهو ما برز خصوصاً في عكار والبقاع الغربي حيث استقطب «المستقبل» شخصيات قادرة على إضعاف خصومه وحيَّد أخرى.

* ان «المستقبل» شبَك تحالفاً قد يكون الأكثر امتداداً مع «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) في دوائر عدة، في تطوّرٍ حمل رسالة مزدوجة، أولاً في اتجاه الداخل لجهة تأكيد استمرار التسوية السياسية التي أنهتْ الفراغ الرئاسي على قاعدة عون رئيساً للجمهورية والحريري في رئاسة الحكومة، لمرحلة ما بعد الانتخابات. وثانياً تجاه الخارج والرياض خصوصاً أن «المستقبل» نجح في إبعاد «التيار الحرّ» لدرجة كبيرة عن التحالف مع «حزب الله» في غالبية الدوائر، الأمر الذي من شأنه أن يعزّز «حيثيات» خيار الحريري باعتماد «المواجهة الناعمة» مع «حزب الله» واستقطاب حليفه المسيحي (التيار الحر) تدريجياً.

* ان «التيار الحر» ابتعد عن «حزب الله» في عدد كبير من الدوائر، ما خلا بعض الدوائر وبينها بعبدا وبيروت الثانية، في مقابل إما تحالفه مع «المستقبل» في دوائر «لا تماس انتخابياً» فيها مع الحزب وإما انخراطه بمواجهات مع الحزب في دوائر أخرى مثل جبيل وصيدا – جزين وزحلة وسواها، الأمر الذي فسّرتْه أوساط سياسية على أنه في سياق إعطاء إشارات «الابتعاد خطوة» عن «حزب الله»، وبالتفاهم مع الحزب، في ظل «سيف» العقوبات الأميركية عليه، ومراعاة المزاج العربي – الخليجي.

* ان «القوات اللبنانية» لم تنسج أي تحالف مع «التيار الحر»، شريكها في «تفاهم معراب» الذي مهّد الطريق لانتخاب العماد عون رئيساً، الأمر الذي عكَس افتراقاً غير معلن بين الجانبيْن يجري رصْد تداعياته في مرحلة ما بعد الانتخابات ولا سيما في تشكيل الحكومة.

كما أن تحالف «القوات» مع «المستقبل» بدا وكأنّه أقرب إلى «أفضل الممكن» بعد «الندوب» التي أصابت علاقتهما إبان أزمة استقالة الحريري، علماً أن هذا التحالف اكتسب أبعاداً سياسية بارزة ولا سيما في بعلبك – الهرمل بوجه «حزب الله»، فيما جاء تشارُكهما في لائحة واحدة في كل من عكار والشوف – عاليه (مع حزب النائب وليد جنبلاط) ليشكّل استجابة الى نصائح من السعودية التي جاهرتْ بعلاقتها المميّزة مع «القوات» ورئيسها الدكتور سمير جعجع.

* ان تحالفات «حزب الله» اقتصرت على حلفائه الخلص في «8 آذار» وأنه في موازاة نجاحه في تثبيت الشراكة مع حركة «أمل» (بزعامة الرئيس نبيه بري) لم يتمكّن تماماً من ضبْط ايقاع التناقضات بين أطراف حليفة له، وأنه وجد نفسه أمام معركة سياسية بامتياز في «عرينه» بعلبك – الهرمل حيث يجهد للحدّ من خسائر يمكن أن يتسبب له بها خصومه الذين شكّلوا لائحة مدعومة من «المستقبل» و«القوات» وفاعليات شيعية من المنطقة، كما حال الاستياء ضمن بيئته جراء واقع الإهمال التنموي للمنطقة وأهلها.

واعتُبر إعلان الرئيس السابق للبرلمان حسين الحسيني أمس انسحابه من السباق الانتخابي بمثابة خطوة تعزّز حظوظ اللائحة المعارضة لـ «حزب الله» في بعلبك – الهرمل والتي يقابلها الحزب بخطاب «الهجوم الدفاعي» محملاً خصومه مسؤولية الفساد الذي أطلق برنامجاً لمواجهته «رفعه إلى مستوى مقاومة العدوان التكفيري والصهيوني».

وإذ تحدّث «حزب الله» بلسان نائبه نواف الموسوي عن «حرب الانتخابات»، كان الرئيس الحريري خلال إعلانه لائحة «المستقبل» في دائرة طرابلس – المنية – الضنية عصر أمس يواصل «شدّ العصَب» الانتخابي متحدثاً عن تدخل «حزب الله» والنظام السوري في تركيب لوائح الشمال المناهضة لتياره، في موازاة شنِّه هجوماً على كل من الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي ووزير العدل السابق أشرف ريفي، من دون تسميتهما.

وقال الحريري: «ينسون كيف بدأ كل وجودهم السياسي، وغير السياسي. ربما نسوا العام 2005 كيف تألفت الحكومة ومن سمّى رئيس الحكومة. وربما نسوا العام 2009، كيف شُكلت اللائحة ومن أعلنها»، واضاف: «قالوا إن طرابلس ترفض الوصاية على قرارها. ولن أناقشهم بالوصاية، لأنهم هم خبراء وصاية وشركاء وصاية، وممثلو وصاية. هل عرفتم من هو؟ أو أقول لكم أول حرف من اسمه؟ بالأمس في عكار، قلتُ إن هناك لوائح لبشار وحزب الله تُركّب في الشمال وغير الشمال. ويبدو أن الشباب حنوا لزمن الوصاية، ولزمن تسليم قرار طرابلس والشمال لجماعات الممانعة. دعوهم يعرفوا جميعاً، من هم في لوائح بشار والحزب، مباشرة أو بالواسطة: زمن الاستيلاء على قرار الشمال لن يعود! وزمن الفتن لن يعود! وزمن الاستقواء بالمخابرات وبالسلاح، لن يعود».

وإذ أعلن «انني اليوم آت أطلب وصاية طرابلس والمنية والضنية عليّ»، تحدّث عن «بطل العالم في قلة الوفاء والذي يقول ليل نهار إنه يحارب حزب الله»، وقال: «نحن، تيار المستقبل، نخوض الانتخابات بلوائح في كل لبنان تقريباً بمواجهة حزب الله. وإذا كنت إلى هذه الدرجة ضد حزب الله، لماذا كل لوائحك، تخوض الانتخابات في مواجهة لوائح المستقبل؟»، مؤكداً «مشروعنا أن نحمي البلد والشمال، بالعمل وليس بالكلام، بالاعتدال وليس بالتطرف، بصلابة الموقف والحكمة، وليس بالصراخ والحروب الوهمية».

وأضاف: «نحن الحرب كانت علينا، على سعد الحريري وتيار المستقبل، ولم تكن على أي واحد من جماعات الكلام. هؤلاء أساساً، لا أحد يحسب لهم حساب، لا في الداخل ولا في الخارج. ونحن الذين نقلب المعادلة ونضمن بالفعل أن ما من شيء ممكن أن يتقدم على الشرعية والدولة، ونحن الذين قلبنا المعادلة ودفعنا الجميع للاعتراف بأن حماية لبنان تكون بوقف التدخل بشؤون الأشقاء العرب، ومنْع الحريق السوري من الانتقال لبلدنا. ونحن قلَبنا المعادلة، وقلنا إن السنّة في لبنان ليسوا حرفا ناقصاً أبداً وأن دورهم بالمعادلة الوطنية أقوى من أي سلاح ومن كل سياسات الممانعة».