IMLebanon

جلسة الموازنة.. منصّة لتدشين الحملات الانتخابية

كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:

كثيرةٌ المفارقات والمغازي التي تحملها جلسة إقرار مشروع قانون موازنة 2018 في لبنان التي انطلقتْ جولاتها أمس وتنتهي اليوم… فـ «ساحة النجمة» (حيث مقر البرلمان) التي غالباً ما تحوّلت الجلسات العامة التي تشهدها منبراً لمزايداتٍ سياسية – شعبية، وجدتْ نفسها مع انطلاق «موسم» الانتخابات النيابية «منصّة طبيعية» لإدارة محركات «حملات التحشيد» التي ركّزتْ على عناوين مالية – اقتصادية – اجتماعية – سياسية ارتفعتْ «النبرة» حيالها، لتشكّل جلسة إنجاز الموازنة «فرصة مجانية» لبدء مسار «تحمية» الماكينات من خارج «موازنات» الإنفاق الانتخابي (وتمويل الحملات) التي تخضع لرقابةٍ «نظريّة».

وجاء توقيت الجلسة العامة غداة اكتمال «بازل» اللوائح و«قوس ألوانها» وتحالفاتها التي «لا تركب على قوس قزح» في غالبيّتها، ليجعل مقر البرلمان، الذي «يودّع» في 21 مايو المقبل ولايةً هي الأطول لمجلس نوابٍ بعد «برلمان الحرب الأهلية» إذ استمرت منذ 2009 (بفعل 3 تمديدات في 2013 و2014 و2017)، ساحةً لقرْع «جرس» الى الانتخابات دُر، وذلك قبل 38 يوماً من موعد فتح صناديق الاقتراع في 6 مايو الذي يشكّل محطةً تنشدّ إليها أنظار الداخل، كما الخارج، لما ستظهّره من أحجام وتوازنات ستحكم المشهد السياسي المفتوح على «صراع الجبابرة» في المنطقة وعلى امتداد ساحاتها المشتعلة.

ورغم أن العنوان الرئيسي للجلسة العامة هو إقرار «موازنة العجلة» لزوم ملاقاة مؤتمر «سيدر 1» الذي تستضيفه باريس في 6 ابريل ويراد منه تمويل برنامج مشاريع استثمارية وضعتْه الحكومة ويمتدّ على 12 عاماً وسيُعرض على الدول المانحة، إلا أن مداخلات النواب كانت «انتخابية» بامتياز.

… بعضها على شكل «خطب وداع» أو «هذه وصيتي» من شخصيات طبعتْ الحياة البرلمانية كالرئيس فؤاد السنيورة والنائب انطوان زهرا اللذين اختارا عدم الترشّح، ومثلهما نحو ثلث أعضاء البرلمان (أبرزهم النائب وليد جنبلاط والنائب سليمان فرنجية والنائب لنحو 6 عقود متوالية عبد اللطيف الزين) الذي يُتوقّع أن يجمع في دورته المقبلة بين القديم والجديد بنسبة «نص نص».

… بعضها الآخر على شكل «خطب تحفيزٍ» استفادت من النقل المباشر و«الهواء المفتوح» للمضيّ في لعبة «شدّ العصَب» الانتخابي بلغة «ما يريد سماعه الجمهور» من وعود وانتقاداتٍ لم تَخلُ من استحضار ملفاتٍ تُعتبر «مادة دسمة» للأخذ والردّ وتحوّلت محور سجالات وتبادُل اتهامات بين أطراف وازنين، مثل «مسلسل البواخر التركي» لتأمين الكهرباء (نسبة إلى الشركة التركية التي يراد استئجار بواخر اضافية منها).

… وبعضها الثالث، تَصدّره «حزب الله»، وجاء على شكل تكريس حال «ربْط نزاع» مع مرحلة ما بعد الانتخابات انطلاقاً من آليات مواكبة نتائج مؤتمر «سيدر 1» و«الحرب على الفساد» التي أعلنها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله قبل أيام ورفَعَها الى مرتبة «الوعد» في سياق مزدوج: الأول اعتُبر «هروباً الى الأمام» بعد «اندفاعة الاستياء» في بيئته بفعل حال الإهمال في مناطق عدة ولا سيما بعلبك – الهرمل حيث «يحشد» خصومه لخرق لائحته وخصوصاً بمقعد شيعي، والثاني حمل أبعاد رسْم «خطوط دفاعية» بإزاء ملامح ارتباط مؤتمرات الدعم للبنان بدفتر شروطٍ يلاقي التضييق الدولي على الحزب بوصْفه الذراع الأبرز لإيران في المنطقة ويتّصل بالدرجة الاولى بوضعية سلاحه خارج الدولة وأدواره الخارجية.

وفي هذا الإطار كان كلامٌ عالي السقف لنواب «حزب الله» الذين أضاؤوا على مزارب الهدر والفساد وتحدّثوا عن «طغمة مالية تتحكم بمفاصل البلاد ولم تشبع بعد وفي حال أفلس لبنان تحمل أغراضها وتسافر»، داعين الى «شدّ الأحزمة» بدل العصَب.

وفيما كان عنوان «خطر الإفلاس» يحضر في البرلمان بعدما كثرت التحذيرات منه في الفترة الأخيرة، خرج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليُطمئن الى ان «الحديث عن إفلاس هو مزايدات سياسية والعملة اللبنانية بأمان وليست هناك أزمة»، مؤكّداً أن «لبنان بأمان لأنه يملك موجودات بالعملات الأجنية مرتفعة جداً، وقطاعا مصرفيا يتمتع بسيولة وملاءة ورأسملة، ولأن هناك فريقاً كبيراً من المستثمرين المؤمنين بالاستثمار في لبنان».

وفي موازاة ذلك، كان وزير الداخلية نهاد المشنوق (المرشح على لائحة تيار المستقبل في دائرة بيروت الثانية) يشنّ هجوماً نارياً على «حزب الله»، في ردّ ضمني على كلام نُسب الى السيد نصر الله أمام كوادر حزبه عن «خطر داخلي يفوق الخطر الإسرائيلي».

وقال المشنوق «فليسمحوا لنا، الأخطر هو الفريق المتورط بالاعتداء على العرب في كل حروب الفتنة، من سورية إلى العراق إلى اليمن. والأخطر هو راعي خلايا التفجير في كل مكان، والأخطر والأخطر هو تعميم سلاح ما يسمى بـ(سرايا المقاومة)وهي سرايا الفتنة المأجورة. وهناك شخصية كبيرة انتقدت وصفي للسرايا، واعتبرت أنني قلت كلاماً مذهبياً. أقول لهم: وأنا قلت كلاماً ذهبياً وليس مذهبياً. أما الأخطر فهو مَن يهلل لصورايخ الغدر والعدوان التي يطلقها عملاء إيران على المملكة العربية السعودية. صواريخ الفتنة التي لا تزيد المملكة إلا صلابة وعروبة، ولا تزيد المهلل بإطلاقها إلا سقوطاً».