IMLebanon

ماذا سيبقى من الشعارات بعد 7 أيار؟ (بقلم رولا حداد)

نعيش في لبنان في “سوق عكاظ” شعارات انتخابية لا تنتهي، شعارات باتت ممجوجة ومُجترّة اجتراراً مقززاً، مع إدراك اللبنانيين ليس فقط لواقع أن لا إمكانية لتطبيق هذه الشعارات، بل أن لا نية حتى لتطبيقها، وأن رفعها من الأساس يهدف فقط إلى محاولة رخيصة وفاشلة لكسب أصوات انتخابية، وهي محاولات لم تعد تنطلي على أحد.

تخيلوا أن السيد حسن نصرالله رفع شعار محاربة الفساد. طيب لماذا اليوم عشية الانتخابات؟ ما الذي كان يمنعه منذ سنوات طويلة من محاربته طالما أنه قادر على تعطيل مختلف أنواع المؤسسات، وسبق له أن فعلها؟ وهل سيحارب السيد نصرالله الفساد والتهرّب الجمركي في المطار وفي مرفأ بيروت، ومن ضمنها كل ما يُحكى عن خط تهريب مفتوح باسم “المقاومة”؟ ومن من اللبنانيين لا يعرف “الموسوي” في الضاحية الجنوبية حيث تباع البضائع بأبخس الأثمان لأنها لا تخضع للرسوم الجمركية؟ وتخيلوا أن جميع الذين رفعوا شعارات محاربة الفساد يعرفون هذه الوقائع وغيرها ولا يحرّكون ساكناً أو حتى هم عاجزون عن فعل أي شيء!

تخيلوا مثلاً كيف أن الرئيس سعد الحريري علّى سقف الخطاب السياسي بوجه “حزب الله” وسلاحه في محاولة مكشوفة لشد العصب السني، في حين يعلم الجميع أنه في 7 أيار سيعود لمحاورة الحزب وستسقط كل شعاراته، لا بل ثمة من يعرف أن “حزب الله” أرسل للحريري أكثر من إشارة وضمانة على بقائه في رئاسة الحكومة لمرحلة ما بعد الانتخابات، وبالتالي ما نفع هذه الشعارات؟ أما رفع الحريري للشعارات الإنمائية لمناطق الشمال مثلاً فتجعلنا نظن للوهلة الأولى أن تيار المستقبل هو تيار معارض ولم يمثّل يوماً هذه المناطق، أو انه لم يكن يوماً في السلطة!

تخيلوا مثلاً كيف أن الرئيس نبيه بري وحركة “أمل” يرفعان شعار “التنمية والتحرير” منذ العام 1992، وبعد 26 سنة لا يزال الشعار هو نفسه لأن التنمية لم تعرف طريقاً إلى مناطق سيطرة الثنائي الشيعي وخصوصاً مثلاً في منطقة البقاع الشمالي التي تشتهر بعض قراها كبريتال بسرقة السيارات وبقية المناطق بزراعة الممنوعات لأن الدولة لم تؤمن الزراعات البديلة… فمتى إذا سيتحقق الإنماء؟

تخيلوا مثلاً كيف أن “التيار الوطني الحر” يرفع شعارات مثل أن “أحداً لم يفعل شيئاً لكسروان وجبيل”، ويتناسى أن نواب كسروان وجبيل هم منذ 13 عاماً أعضاء في تكتل “الإصلاح والتغيير” المشارك في الحكومات من دون انقطاع، وبوزارات أساسية، منذ العام 2008، وكان له في إحدى الحكومات 10 وزراء!

وأسوأ ما يحصل في الشعارات والمعارك الانتخابية أن الجميع يسوق للجميع كل أنواع الاتهامات، من دون أن يتجاوز الأمر سياق الاتهامات الشعبوية، وكلنا يدرك أنه في 7 أيار ستسقط كل الاتهامات تحت شعار أن “البلد لا يُحكم إلا بالتوافق”، وسيشارك الجميع في حكومة ما بعد الانتخابات وفق منطق تقاسم السلطة والوزارات، ليتضّح أن الشعارات الانتخابية في لبنان لا تعدو كونها أكثر من فقاقيع صابون انتخابي تنتهي بـ”غسيل قلوب” بعد الانتخابات ليغرق البلد بعدها في المزيد من الفساد والمديونية والاهتراء السياسي والأخلاقي!