IMLebanon

زحلة: ميريام سكاف في دائرة الخطر!

كتبت ملاك عقيل في صحيفة “الجمهورية”:
لم يلتزم الرئيس سعد الحريري الوعد الذي قطعه خلال إحياء ذكرى 14 شباط الماضي حين وَعَد بلوائح مستقلة لـ تيار»المستقبل» عابرةٍ للمناطق. زحلة واحدة من البقَع الانتخابية، كما في الدوائر كافة، التي احتاج فيها إلى تحالفات تُمكّنه من إيصال مرشّحيه إلى مجلس النواب. هنا أيضاً اختار الحريري الصعود إلى مركب «التيار الوطني الحر» في مواجهة حليفِه الطبيعي «القوات اللبنانية» أكبرِ قوّة مسيحية تجييرية في القضاء!

خمسُ لوائح تتنافس في زحلة، لكن عملياً المنافسة بين أربعة «بلوكات».

بلوك «المستقبل»- «التيار الوطني الحر» ويدعمه «الطاشناق»، بلوك «القوات»- «الكتائب»، بلوك «حزب الله» والنائب نقولا فتوش، ولائحة ميريام سكاف.

في انتخابات عام 2009 بلغت نسبة الاقتراع السنّي (البلوك العددي الأكبر في القضاء) أكثرَ من 70 في المئة. تسعى الماكينة الانتخابية لـ»المستقبل» إلى رقمٍ مماثل، في حين أنّ الحريري يركّز في شكلٍ أكبر على رفع نسبة التصويت الى حدّه الأقصى في بيروت الثانية.

خلال ولايتين نيابيتين تغيَّر المزاج السنّي بنحو ملحوظ في دائرة زحلة. ثمّة من يَجزم بأنّ نسبة ملموسة من الناخبين السنّة خرجَت من دائرة «زي ما هيّي»، لكن من دون أن تتحدّد وجهتها إنْ لمصلحة الخطاب المتطرّف الذي يُعبّر عنه اللواء أشرف ريفي أو الانحياز إلى خيارات من خارج الملعب السنّي، مع العِلم أن «التيار الازرق» إستطاع عام 2009 أن يُجيّر ما نسبتُه 89 في المئة من البلوك السنّي لمصلحته، بما في ذلك بلوك المجنّسين الذين يحاول بعض المرشحين المتمولين إستمالتهم.

يبلغ عدد الناخبين السنّة في زحلة 48867 في مقابل 27538 (الشيعة)، 32295 (كاثوليك)، 16470 (ارثوذكس)، 27049 (موارنة)… الثقل العددي السنّي في الدائرة لم يعد يتمتّع بالامتيازات نفسِها كما في المعارك السابقة. القانون الجديد غيّر قواعد اللعبة، والمعركة الحقيقية هي على المقاعد المسيحية الخمسة من أصل سبعة، وسط غموض يحوط بالنتائج ويساهم في إزكائه تضارُب استطلاعات الرأي.

مِن باب التحصيل الحاصل حُسم منذ الآن فوز المرشّح السنّي على لائحة «المستقبل» و«التيار» فيما المقعد الأرمني غير محسوم، خصوصاً أن لا مرشّح رسمياً لـ»الطاشناق» على اللائحة، إضافةً إلى المرشح الشيعي على لائحة «حزب الله» وفتوش. بقية المقاعد (كاثوليكيان، ماروني، أرثوذكسي) هي في دائرة «التناتش»، تحت وطأة «الصوت التفضيلي»، الذي لن ينتهي إلّا مع فرزِ الأصوات.

حتى النائب السابق سليم عون، المرشّح الماروني على لائحة «التيار» و«المستقبل» الذي كان يُعَدّ من الأسماء المحسوم فوزُها يتعرّض، وفق المعلومات، لضغوط زملائه في اللائحة، ولا سيما منهم ميشال ضاهر وأسعد نكد، خصوصاً أنّ القواعد العونية متداخلة بين هؤلاء المرشّحين بفعل الخدمات. كذلك «فتّ الأموال» هو مشكلة مشتركة بين اللوائح، والمرشّح العوني بالتأكيد أحد ضحاياه!

«الصوت التفضيلي» يضع الجميع في دائرة الخطر، لكنّ الخطر الأكبر يهدّد فعلياً رئيسة «الكتلة الشعبية» ميريام سكاف بحِرمانها من الحاصل الانتخابي البالغ نحو 12 ألف صوت، وهو الأمر الذي يشير إليه عدد من استطلاعات الرأي. حتى أن القريبين من سكاف قلقون من أن تكون فعلياً «لوحدها في المعركة»، حيث لا عصبية مسيحية داعمة لها، ولا حليف سنّياً أو شيعياً ولا مساندة أرمنية. مع ذلك، فإن الماكينة الانتخابية لميريام تُروّج لفوزٍ حتمي يتمّ استهدافه مسبقاً بكمٍّ من الإشاعات التي تواجه وضع لائحتها.

خصوم سكاف يراهنون على أنّه بمقدار ما يَشعر ناخبو زحلة، وحتى مَن يدور في فلك «الكتلة الشعبية»، أنّها رهان خاسر سلفاً، بمقدار ما يجيّر هذا الواقع لمصلحة رفعِ حواصل لوائح أخرى، وتحديداً لائحة تحالف «التيار»-»المستقبل» الذي يضمّ المرشّح ميشال سكاف رافع لواء التمسّك بثوابت «الكتلة الشعبية» والمصِرّ على حيثيته المستقلة عن الكادر الحزبي للّائحة، والمرشّح ميشال ضاهر الخيار الكاثوليكي الملتزم بـ «التيار».

وبخلاف اللوائح الأخرى التي تضع نصبَ عيونها تأمين أوّلِ حاصلٍ انتخابي والمنافسة على الثاني عبر تبنّي أسماء غير لامعة، إعتمدَت لائحة الحريري- باسيل منطقَ لائحة «المرشّحين الأقوياء» تأميناً للعدد الأكبر من الحواصل الانتخابية.

وقد تُسهّل عليها الأمر لائحة «القوات»-»الكتائب» غير المتماسكة والتي تخوض من خلالها «القوات» معركة إيصال مرشّحِها الكاثوليكي جورج عقيص، مع العِلم أنّ اللائحة تُعاير، وعلى الرغم من جوّها «اليميني»، بأنّها تضمّ رموزاً إرتبطت بالوصاية السورية سابقاً. وفقَ الأرقام والتقديرات، النائب إيلي ماروني هو «مشروع شهيد» في صناديق الاقتراع!

في مقابل ذلك، تروّج أوساط لائحة «حزب الله» لقدرتها على حصدِ حاصلٍ وكسرٍ أكبر يؤمّن انتقالَ المرشح الشيعي أنور جمعة وفتوش إلى مجلس النواب.