IMLebanon

إقامة مقابل شقّة… طرحٌ مشبوه ام تحفيز مشروع؟

كتبت تاليا قاعي في صحيفة “الجمهورية”:

حملت موازنة 2018 بعد طول انتظار العديد من المفاجآت، وكان للقطاع العقاري حصة في هذا الموضوع. آخرها كان المادة 50 التي تمنح كل عربي أو أجنبي يشتري وحدة سكنية في لبنان، إقامة دائمة. كيف يمكن لهذه المادة أن تساعد القطاع العقاري؟ وما هي سلبياتها؟

لقيت المادة 50 الكثير من ردود الفعل، افرقاء اعترضوا عليها باعتبار انها مضرة للواقع الاجتماعي والاقتصادي، وآخرون أكدوا أهميتها لجهة تنشيط وتحفيز القطاع العقاري. تعمد المادة 50 من موازنة 2018، الى منح كل عربي أو أجنبي يشتري وحدة سكنية في لبنان، إقامة دائمة له ولزوجته وأولاده القاصرين في لبنان، على أن لا تقل قيمة تلك الوحدة السكنية عن 750 مليون ليرة في مدينة بيروت، و500 مليون ليرة في سائر المناطق.

من هذا المنطلق كشف الخبير العقاري رجا مكارم الى ان توقيت المبادرة جيد جدا، ولكن كفكرة وليس كتفاصيل. ولفت لـ»الجمهورية» الى ان «هذه الفكرة تعمل على مساعدة القطاع العقاري، ولكن في تفاصيل المادة أي في موضوع الاقامة الدائمة من الممكن الاعتراض عليها في ظل توقيت هذا الموضوع، اذ لا يمكن للبنان أن يستوعب العدد الكبير من المقيمين باعتبار انه من الممكن أن يرتفع بالالآف، وبالتالي هذه النقطة ليست عملية سهلة كما يقال».

وأشار مكارم الى انه «على الرغم من أهمية القطاع العقاري وضرورة تحفيزه، يجب ان يتم أيضًا وضع خطوط سليمة للبلد، علمًا انها معتمدة في العديد من البلدان، سواء عند الاستثمار في البلد أو عند شراء وحدة سكنية، يتم منح اقامة أو الجنسية، وذلك بحسب البلد».

تابع: «في المطلق لا شك ان هذه الخطوة ايجابية، على سبيل المثال في حال أقدم 100 ألف شخص على شراء وحدات سكنية بـ500 ألف دولار للوحدة، يتم توظيف ما يوازي 50 مليار دولار. لكن السؤال هو الى اي حد يمكن للبنان استيعاب هذا العدد، مع العلم انه يساعد في تحريك الاقتصاد على كافة الاصعدة».

من جهة أخرى قال مكارم انه كان من الممكن الاستعانة بطريقة اخرى لتشجيع القطاع العقاري، من خلال تعديل المادة نفسها و»اعطاء كل توظيف بمبلغ 500 ألف دولار عبر شراء وحدة سكنية، اقامة لمدة 3 سنوات على ان يكون هناك شروط مدروسة أكثر حتى تكون الاقامة دائمة. أو من خلال رفع الحد التوظيفي الى المليون دولار على سبيل المثال، حتى تكون الاقامة دائمة. وبالتالي، يمكن اجراء بعض التعديلات البسيطة واضافة بعض الشروط لتخفيف آثار هذه المادة على الرغم من انها عامل قوي لتحفيز القطاع العقاري».

وعن توقعاته في شأن الاقبال على شراء الشقق بناء على هذا التعديل، علق مكارم «ليس من الأكيد ان تحمل هذه الخطوة الكثير من الاقبال، اذ سبق وأن استقبل لبنان عددا كبيرا من السوريين، وبالتالي فان ارتفاع عدد المقيمين في هذا الاطار سيحملنا مسؤؤلية كبيرة، ويجعلنا متحفظين أكثر في هذا الاطار».

الاتحاد العمالي

بدوره أكد الاتحاد العمالي العام في بيان، أن «ما جاء في المادة 50 من موازنة العام 2018، يتضمن جملة من التجاوزات والمخاطر الوطنية والاقتصادية والاجتماعية.

ولفت الاتحاد إلى أنه «على المستوى الوطني، وفي ضوء التطورات الخطيرة في المنطقة يفتح الباب أمام عدد واسع من المقيمين في لبنان أو الراغبين في الإقامة فيه أمام شراء وحدات سكنية بأسعار متدنية والحصول على إقامة دائمة يخشى أن تكون مقدمة لتوطينهم أو على الأقل لتأبيد وجودهم في لبنان. وعلى المستوى الاقتصادي، فإنه مقابل حفنة قليلة من المنافع المالية للدولة يجري تغليب منفعة الشركات العقارية ومصالحها على المصلحة العامة وهو قرار مدسوس في الموازنة العامة لغايات وحسابات ضيقة».

واعتبر أن «هذه المادة تشكل خطرا اجتماعيا لأنها تأتي خارج سياق أي خطة سكنية للبنانيين، وبوجود قانون إيجارات أقل ما يقال فيه أنه غير عادل».

المطوّرون العقاريون

أما جمعيَّة مطوّري العِقار REDAL في لبنان فاعتبرت أنَّ «إقرار موازَنَة العام 2018 إنجاز وخطوةً إلى الأمام تصبُّ لِصالِح ماليَّة الدولَة اللبنانيَّة».

وأوضحت في بيان، بعض النقاط المتعلِّقَة بالمادّة 50 من قانون الموازَنَة الذي أثار بعض التساؤلات، وهي:

1 – إنَ رزمَة التحفيزات التي تربِطُ حقّ الإقامَة الدائِمَة أو الموقَتَة بشرط تملّك وِحَدَة سكنيَّة أمرٌ من بديهيات سياسات تَحفيز القِطاعات العِقاريَّة في العالَم والعَديد من القِطاعات الرديفَة والمكمّلَة لَها، والنماذِج الأوروبيَّة واضِحَة مِن حيثُ الآثار الإيجابيَّة التي تَرَكتها سياسات مماثِلَة على الإقتصاد الوَطَني لهذه الدّول.

2 – إنَ المَخاوِف الناجِمَة عن تحوّل المادّة 50 إلى تمهيدٍ للتوطين أو لاستقرارٍ دائِم للنازِحين لا ينطبِقُ على مندَرَجات هذه المادَّة إنّ مِن حيثُ أسعار الشِقق السكنيَّة في بيروت أو خارِج بيروت، ما يَجعَل التملّك حِكراً على أصحاب مِحفَظات كبيرَة، خصوصاً في ظلّ رَبط استِمرار الإقامَة باستِمرار الملكيَة وسقوط الإقامَة بسقوط الملكيَّة.

3 – تأمَل جمعيَة مطوري العِقار في لبنان إخراج المادّة المَذكورَة مِن التجاذب السياسي خصوصاً أنها تندرِج ضِمن الضوابط الصارمة لقانون تملّك الأجانِب وتشكّل بدايَة مشجّعَة لِتَحفيز الاقتصاد.

4 – إنَ المادَّة 50 من قانون الموازَنَة لا تيسِّر القِطاع العِقاري فَحَسب بَل تؤدي في مَفاعيلِها إلى إنعاش أكثَر مِن ستين قِطاع رَديف ما يَعني تنشيط للحرَكَة الإقتصاديَّة والاقتِصاد الوَطَني ككلّ.

5 – إنَ الجمعيَّة إذ تَعتبر المادَّة 50 خطوَة أولَى في رحَلَة الألف ميل، تتطلّع إلى تَعديل المواد 27 و36 و54 و56 المتعلِّقَة بقانون ضريبَة الأملاك المبنيَّة آملة في أن يتمَّ إقرارها في موازَنَة العام المقبِل كونَها لا تخدمُ مطّوري العِقار فَحَسب، بَل تَطال شَريحَة واسِعَة من اللبنانيين وتحفّز الاقتِصاد اللبناني ككلّ».