IMLebanon

الغبار الانتخابي لم “يبْتلع” العناوين الـ”ما فوق محلية”

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: لم «يبْتلع» الغبارُ الانتخابي المتصاعدُ بكثافةٍ في بيروت مع العدّ التنازلي لفتحِ صناديق الاقتراع بعد أسبوعين «بالتمام والكمال»، العناوين الكبرى الـ «ما فوق محلية» التي أطلّت من واشنطن مع خطوة إضافية في سياق المسعى الأميركي لـ «الإطباق» على «حزب الله»، فيما يَضْرب ملف النازحين السوريين موعداً في بروكسيل يومي الثلاثاء والأربعاء في المؤتمر المخصص لدعم الدول التي تستضيفهم ولا سيما لبنان.

فبيروت التي تحوّلت «حلبة مصارعة» انتخابية بين القوى ذات «الأوزان الثقيلة»، دهمها مشروع «قانون نزْع سلاح حزب الله» الذي تقدّم به عضوا الكونغرس الأميركي اللذان يمثلان الحزبين الديموقراطي السيناتور توم سيوزي والجمهوري ادم كينزينغر والذي جاء ليلاقي تشريعات أخرى وضعت الحزب في دائرة العقوبات المالية ربْطاً بتصنيف الولايات المتحدة الحزب «منظمة إرهابية» وشبكة إجرامية وبأدواره المزعزعة للاستقرار في المنطقة كأحد أبرز الأذرع الإيرانية.

وإذا كان من السابق لأوانه التكهن بمسار هذا المشروع وتداعياته، فإنه عكَس في رأي دوائر سياسية في بيروت إرادة أميركية تصاعُدية في التصدي لـ «حزب الله» من ضمن المواجهة مع إيران، متوقفّة عند استناد المشروع الى قرارات مجلس الأمن الدولي 1701، 1559، 2373 ذات الصلة بلبنان والوضع في جنوبه وسلاح الميليشيات، واعتباره «حزب الله» «خطراً جسيماً على الولايات المتحدة ومصالحها وحلفائها من خلال تدخله المسلح في صراعات عدة، أبرزها اليمن والعراق وسورية»، وصولاً إلى تحديد سياسة واشنطن حيال الحزب وقوة «اليونيفيل» بأنها تهدف الى «تعزيز جهود اليونيفيل لتجريد جنوب لبنان من السلاح وتحييد القدرات الصاروخية لحزب الله»، و«استخدام جميع الوسائل الديبلوماسية والتشريعية والاقتصادية المتاحة لكشْف وردع النقل غير المشروع للأسلحة من إيران إلى حزب الله، إقليمياً ودولياً»، و«العمل مع الحكومة اللبنانية واليونيفيل والشركاء الإقليميين لوضع جدول زمني لتنفيذ استراتيجية تهدف إلى نزْع سلاح حزب الله».

وجاء الكشف عن هذا المشروع بالتزامن مع وجود قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال جوزف فوتيل في لبنان ليُكْسِب زيارة الأخير أبعاداً إضافية، علماً أن فوتيل زار أمس وللمرة الأولى مدينة صيدا، بوابة الجنوب، حيث التقى في ثكنة زغيب قيادة منطقة الجنوب العسكرية بحضور كبار الضباط في الجيش اللبناني.

وفي موازاة اشتداد الضغوط الأميركية على «حزب الله» واقترانها بتزايُد احتمالات مواجهة اسرائيلية – إيرانية في سورية يصعب أن «ينجو» منها لبنان، كان الحزب الذي «يتحسس» من الحضور الأميركي في «بلاد الأرز» والذي رفع مستوى جهوزيته منذ ما قبل الضربة الغربية الثلاثية في سورية قبل 8 أيام يعلن بلسان رئيس كتله ونوابه محمد رعد «أن المقاومة لم تعد مجموعة في بلد اسمه لبنان، والمقاومة أصبحت محوراً له امتداداته الإقليمية والدولية، وهذا المحور سيتعاظم فعله مع تعاظُم إرادتنا وعزمنا».

وفي ملف آخر له امتداد دولي، يحمل لبنان الى مؤتمر بروكسيل يوميْ الثلاثاء والأربعاء ورقة حول قضية النزوح السوري وأكلافه على واقعه، مالياً واقتصادياً وارتباطه بمسار الإصلاحات البنيوية والهيكلية التي تعهّد القيام بها أمام مؤتمر «سيدر 1» في باريس قبل 16 يوماً.

وعشية مؤتمر بروكسيل، طرحتْ أوساط متابعة علامات استفهام حول تأثيرات «المواجهة» بين الخارجية اللبنانية ومكتب المفوّضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان على خلفية البيان الصادر عن المفوّضية حول عودة نحو 500 نازح سوري من منطقة شبعا إلى بيت جن السورية والذي اعتبرت «الخارجية» بعد استدعائها ممثلة المفوضية ميراي جيرار أن «مضمونه يزرع الخوف والتردد في نفوس النازحين السوريين الذين قرروا طوعاً وبملء إرادتهم العودة إلى بلدهم، لكون الوضع الأمني في معظم مناطق سورية بات يسمح بالعودة».

وترافق ذلك مع اتهام منظمة «هيومن رايتش ووتش» بلديات لبنانية «ذات غالبية مسيحية» بـ «إجبار مئات اللاجئين السوريين في لبنان على مغادرة أماكن سكنهم وطردهم من عدد من المدن والبلدات اللبنانية»، وهو ما علّق عليه امس النائب وليد جنبلاط ضمناً سائلاً: «هل إجبار النازحين السوريين في لبنان على العودة الى معسكر الاعتقال والفرز والموت في سورية دون أي حد أدنى من ضمانة سلامتهم هو عمل فردي لبعض البلديات أم نهج عام لأوساط التحالف السلطوي يسمح للغرائز بالاستفراد بالتصرف بدل القانون؟».

ولم تحجب هذه العناوين البارزة الأنظار عن الاستعدادات للانتخابات النيابية في 6 مايو المقبل والتي دخلت عملياً في «ربع الساعة الأخير» الذي احتدمت فيه الحملات الكلامية والإعلامية وسط ارتفاع الشكاوى من مخالفاتٍ وانتهاكاتٍ بدأت ترخي بظلالها على سلامة العملية الانتخابية.

وقد انطبع أمس انتخابياً بالجولة التي قام بها زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة سعد الحريري لبلدات رئيسية في البقاعين الغربي والأوسط تُعتبر «قلاعاً» للتيار الأزرق وذلك في سياق استنهاض القواعد للتصويت لمرشحيه في دائرتيْ البقاع الغربي – راشيا وزحلة، وهي الجولة التي اختُتمت بمهرجان مركزي في مجدل عنجر أكد خلاله الحريري مرتكزات المعركة «بين مشروعيْن»، مؤكداً أنه «في 6 مايو سنريهم» من «تيار المستقبل»، ومتحدثاً عن مسار تراكمي من الاستهداف لتياره منذ ما قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وفي جعبة زعيم «المستقبل» اليوم محطة بارزة في البقاع الشمالي وتحديداً بلدة عرسال التي تُعد «خزاناً» رئيسياً للتيار والتي تمّ ترشيح أحد أبنائها على لائحة «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» (ومستقلين) في دائرة بعلبك – الهرمل بوجه لائحة «حزب الله» – حركة «أمل»، وهي المعركة الوحيدة في لبنان التي تكتسب معنى سياسياً «صافياً» وتستعيد اصطفاف قوى 8 و 14 آذار، والتي أعلن «حزب الله» بملاقاتها ما يشبه «الاستنفار» وصولاً الى إبداء أمينه العام السيد حسن نصر الله، الذي أطلّ عصر أمس مخاطباً مناصريه في دائرة صور – الزهراني، الاستعداد لزيارتها «بيتاً بيتاً».