IMLebanon

لبنان في قلْب “العاصفة الانتخابية” وأول الغيث “جُمعة المغتربين”

قبل 13 يوماً من موعد فتْح صناديق الاقتراع، صار لبنان في قلب «عاصفةِ» الانتخابات النيابية التي «تضْربه» من أقصاه إلى أقصاه والتي هبّتْ معها في «الأمتار الأخيرة» قبل 6 مايو «رياحٌ ساخنة» محمّلة بكل «غبار» الصراع «المستدام» في البلاد منذ 2005 كما «الحروب الصغيرة» ذات الصلة بمقتضيات «شدّ عصَب» الناخبين، وأيضاً معارك ما بعد الاستحقاق الكبير والتي تتقاطع جميعها عند ترسيم التوازنات الداخلية بامتداداتها الإقليمية في لحظةٍ مفصلية في أزمات المنطقة ومساراتها.

وفيما تنطلق الانتخابات في «جولتها الأولى» مع اقتراع المغتربين على دفعتيْن، يوميْ الجمعة المقبل في 6 دول عربية بينها الكويت (1878 ناخباً) ثم الأحد في الدول الأجنبية الـ 34 الأخرى وسط رصْدٍ لنسبة الاقتراع التي ستُسجَّل بين الـ 82.900 لبناني الذين تَسجّلوا للتصويت بأماكن وجودهم في الخارج، فإن المناخ الداخلي في الفترة الفاصلة عما يوصف بـ «الأحد الكبير» في 6 مايو بدأت تشهد مساريْن متوازييْن:

* الأول يحكمه تَصاعُد محموم في عمليات التحفيز على شكل «حرب منابر» وجولاتٍ ماراثونية بهدف استنهاض القواعد وتشكيل «البلوكات الانتخابية» التي تُعتبر «القاطرة» الشعبية للوائح التي تسمح بتأمين الحواصل التي تحدد عدد الفائزين منها وفق القانون النسبي.

ولا تخلو «طقوس التحشيد» الانتخابي من إشكالاتٍ على الأرض وبعضها مسلّح كما حصل مساء الأحد بين أنصار النائب وليد جنبلاط والوزير طلال ارسلان في الشويفات بسبب مواكب سيّارة واستفزازات، إضافة الى توتّر شهدتْه إحدى بلدات عكار بين مؤيدين لتيار «المستقبل» بقيادة رئيس الحكومة سعد الحريري وآخرين للوزير السابق أشرف ريفي تخلله تراشُق بالحجارة.

وفي موازاة إشكالات «فائض الاستقطاب»، شكّل هجوم نحو 40 شاباً من «حزب الله» على المرشّح الى الانتخابات الصحافي علي الأمين في بلدته شقرا (الجنوب) أول من أمس مؤشراً خطيراً على المنزلق الذي يمكن أن يتجه إليه استحقاق 6 مايو ما لم تتولَّ السلطة ضبْط مثل هذا «الانفلات»، ولا سيما أن الاعتداء على المرشّح عن المقعد الشيعي في بنت جبيل (في دائرة بنت جبيل – النبطية – مرجعيون – حاصبيا) اعتُبر «رسالة» الى كل مناهضي الحزب من البيئة الشيعية الذين يخوضون المنافسة بوجه لوائحه في عدد من الدوائر. علماً أن الأمين تلقى سلسلة اتصالات تضامُن واستنكار أبرزها من الحريري الذي أكد «أنّ الجهات الامنية ستعمل على كشف الفاعلين وتطبيق القانون بأسرع وقت وضمان حرية المرشحين».

* أما المسار الثاني الذي يَرْتسم في الطريق إلى 6 مايو فيتمثّل في حرص الحلفاء على لوائح واحدة على تبديد كل صورة سلبية عن العلاقة بينهم وذلك تفادياً لتداعياتٍ كبرى يوم الانتخاب يمكن أن تنسف الحسابات وتقدّم «هدايا مجانية» للخصوم.

وهذا ما يفسّر بدء معالجة «النفور» بين الحريري وجنبلاط بعد تراكمات خلافية ذات صلة بتركيب اللوائح في بعض الدوائر و«زكزكات» رافقتْ بعض جولات زعيم «المستقبل» في حاصبيا (الجنوب) وإقليم الخروب (الشوف)، وذلك تداركاً لأي ارتدادات على اللوائح المشتركة في دوائر الشوف – ‏عاليه، البقاع الغربي – راشيا وبيروت الثانية.

وفي هذا السياق جاء اللقاء الذي جمع الحريري والنائب وائل أبو فاعور (من كتلة جنبلاط) خلال زيارة رئيس الحكومة للبقاع يوميْ السبت والأحد والذي وُصف بأنه لقاء «كسْر الجليد» تمهيداً لمعالجة أعمق قريباً باجتماع بين الحريري وجنبلاط.

وفي موازاة ذلك، وبينما كان رئيس «التيار الوطني الحر» (حزب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون) وزير الخارجية جبران باسيل يعلن ان «الانتخابات سيكون لها نتيجة واحدة وهي الشرعية الشعبية لرئيس الجمهورية»، لم تنتهِ تفاعلات قيام رئيس اتحاد بلديات كسروان – الفتوح جوان حبيش بتقديم مفتاح «عاصمة الموارنة» للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله عبر مرشح الحزب عن المقعد الشيعي في جبيل الشيخ حسين زعيتر.

ورغم اضطرار حبيش تحت وطأة الاعتراضات من خصوم «حزب الله» و«الإحراجات» لحلفاء الحزب ولا سيما «التيار الحر» (حبيش قريب من صهر عون العميد شامل روكز الذي يترأس لائحة التيار في كسروان – جبيل) لإصدار بيان توضيحي، فإن هذا الأمر تَرَك علامات استفهام حول تداعياته على العلاقات داخل هذه اللائحة في ضوء دفاع روكز عن حبيش مقابل انتقاده من المرشّح فيها نعمة أفرام، وسط رصْدٍ إذا كان رئيس اتحاد بلديات كسروان – الفتوح سيتولى رفْد اللائحة التي تَرشّح عليها زعيتر (مع الوزير السابق جان لوي قرداحي وفاعليات من كسروان وجبيل) بأصواتٍ بما يضمن وصول زعيتر إلى البرلمان.

وفيما لفتت أمس «وكالة الأنباء المركزية» الى ان وزير الداخلية نهاد المشنوق طلب من محافظ جبل لبنان استدعاء حبيش للاستماع إليه في قضية تسليمه مفتاح كسروان إلى زعيتر، موضحة ان الاستدعاء «يأتي على خلفية اتخاذ حبيش خطوة من شأنها ان تثير النعرات الطائفية وتؤدي الى فتنة»، فقد أطلّ السيد نصر الله عصراً على دائرة كسروان – جبيل وتحديداً في مهرجان أقيم في الضاحية الجنوبية متحدثاً عن هذه القضية وعن العلاقة الاستراتيجية والمتينة مع «التيار الحر» رغم الافتراق الانتخابي في هذه الدائرة وعن العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين.