IMLebanon

“حزب الله” يلوّح بـ”تعديل” التسوية السياسية بعد الانتخابات

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: يستعدّ لبنان بـ «قضه وقضيضه» الى منازلة «الأحد الكبير» في 6 ايار وسط انشدادٍ كلي الى الانتخابات النيابية التي لن يكون بعدها كما قبلها على صعيد الإمساك بمفاتيح اللعبة السياسية في بلادٍ يحوطها «زنار نار» وتتكىء على تسويةٍ داخلية ستكون على محكِّ التوازنات الجديدة التي تُسابِق تطوراتٍ إقليميةً ودوليةً من النوع الذي سيلفح «بلاد الأرز» التي تشكّل واحدةً من ساحات «الحرب الباردة» بين اللاعبين المؤثّرين في المنطقة.

وفيما بدأتْ التكهنات المبكّرة لما سيكون عليه الواقع اللبناني في 7 ايار وسط علامات استفهام حيال استحقاقات ما بعد اليوم الانتخابي وخصوصاً تشكيل الحكومة رئاسةً وتوازنات ورئاسة البرلمان، ارتسمتْ قبل 8 أيام من فتْح صناديق الاقتراع ملامح نزولٍ سيتوالى للقوى السياسية الى الأرض بـ «أسلحةِ الاحتياط» بما يَخدم استراتيجيةَ «شدّ عصَبِ» القواعد الشعبية ورفْع نسبة الإقبال على الانتخابات وتالياً ضمان «قاطرةٍ وازنة» للأطراف الرئيسية تسمح لها بـ «القبض» على الحصص الأكبر في اللوائح والفوز بكتلٍ مؤثّرة من ضمن القواعد الجديدة التي أمْلاها القانون النسبي مع صوت تفضيلي.

وفيما شكّل انطلاق السباق الانتخابي أمس من دول الانتشار العربية (يُستكمل غداً في 34 دولة اجنبية) ما يشبه «التدليك» لماكينات الأفرقاء الأساسيين الذين أظْهر بعضها مثل حزب «القوات اللبنانية» امتلاكَه براعةً كبيرة وتقنيات نوعية، فإن بيروت والمناطق ستكون في الأيام الفاصلة عن 6 ايار على موعد مع «صولات وجولات» في الميدان وعلى الشاشات، في ظل احتفاظ الجميع بإطلالات و«معاينات» على الأرض تشبه «الطلقة الأخيرة».

وفي هذا السياق، وفيما يُنتظر ان يطلّ الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله من بعلبك – الهرمل يوم الثلاثاء المقبل في سياق رسْم الأبعاد الـ «ما فوق عادية» للمعركة في هذه الدائرة التي تُعتبر الوحيدة من «بقايا» اصطفاف 8 و 14 آذار ويقف فيها الحزب وخصومه «وجهاً لوجه»، يستكمل زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة سعد الحريري جولاته التي يحمل فيها «دمه على كفّه» في إطار سعيه للعودة الى البرلمان بكتلة «تفْرضه» رئيساً للوزراء كونه الأكثر تمثيلاً داخل طائفته وتتيح له في الوقت نفسه البقاء رقماً صعباً في التوازنات الداخلية.

فبعد بيروت والجنوب والبقاع وإقليم الخروب (الشوف)، حطّ الحريري أمس في الشمال، بدءاً من عاصمته طرابلس على ان ينتقل اليوم إلى الضنية والمنية غداً، وعكار غداً، محاولاً استنهاض ما كان يُعتبر «خزاناً» لـ «المستقبل» الذي يواجه في هذه المنطقة تحديات لا يُستهان بها ويخوض معركة مزدوجة بوجه كل من الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي والوزير السابق أشرف ريفي.

وقد أقيمتْ لزعيم «المستقبل» استقبالاتٌ حاشدة جداً في أحياء عدّة من طرابلس، ولا سيما محلّة باب التبانة، حيث كانت له لقاءات مع الفاعليات الدينية والسياسية والاجتماعية للمدينة، وهو توجّه لمناصريه «في 14 شباط 2005 عندما سقط رفيق الحريري نزلتم الى ساحة الشهداء، وطردتم الوصاية السورية من البلد، ونحن سنكمل طريقنا لأجلكم ولأجل الشرفاء»، معلناً «الأيام ستريكم من الوفي ومن الصادق وغير الصادق وفهمكم كفاية».

وفي غمرة الاستعدادات لـ «معارك 6 ايار»، باغت «حزب الله» الجميع بالإطلالة على ما بعد الانتخابات وخطوطها السياسية عبر نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم الذي أوضح في حديث صحافي ان الحزب لم يُقرّر بعد إذا كان سيدعم الحريري لرئاسة الحكومة التي يتم تشكيلها، معتبراً ان هذا الموضوع متعلّق بنتيجة الانتخابات، ولافتاً إلى ان مصير التسوية السياسية مرهون ايضاً بالمرحلة المقبلة، ومشيراً إلى انه بعد الانتخابات هناك مرحلة جديدة يُمكن ان تبنى على التسوية السياسية السابقة أو يُمكن ان يجري فيها تعديلات «لا نستطيع مسبقاً ان نفترض في هذه المحطة الجديدة ان النمط السابق سيبقى كما هو»، ومعلناً ان الحزب سيتجه في المرحلة المقبلة إلى التركيز على عملية بناء الدولة بعد سنوات من التركيز على العمل المقاوم.

وما جعل كلام قاسم يكتسب أهمية لجهة إمكان ان تكون البلاد أمام مرحلة من «شدّ الحبال» السياسي بعد الانتخابات، هو «الفتيل» المتجدد الذي شكّله «لغم» النازحين السوريين في ضوء المقاربة الدولية له في مؤتمر بروكسيل والتي قوبلتْ بما يشبه «إعلان الحرب» السياسية عليها من رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل، وهو ما بدا في وجه رئيس الحكومة الذي كان ترأس وفد لبنان الى المؤتمر، وعكَس مخاوف من عودة التجاذب الداخلي الكبير حول هذا الملف الشائك بامتداداته الاقليمية وما ينطوي عليه من قطب مخفية تتصل بالموقف من التنسيق مع النظام السوري.

فغداة الموقف الشديد اللهجة الذي أطلقه ضدّ البيان المشترك الذي صدر عن الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة بعد اجتماع بروكسيل والذي اعتبر انه في ما تضمّنه من عبارات حول «العودة الطوعية» و«العودة الموقتة» و«ارادة البقاء» و«الانخراط في سوق العمل» يتعارض مع الدستور اللبناني والقسَم الرئاسي «ويعرّض وطني للخطر، لأن ‏مؤداه توطين مقنّع للنازحين السوريين في لبنان»، أبلغ الرئيس عون سفير بريطانيا في بيروت هوغو شورتر ان «رفض لبنان لعدد من العبارات التي وردت في البيان المشترك يعود الى كون هذه العبارات ملتبسة وتتناقض مع توجهات الدولة اللبنانية التي تتمسك بالعودة الآمنة للنازحين السوريين الى بلادهم لا سيما الى المناطق المستقرة امنياً، وتلك التي لم تعد تشهد قتالا، وهي كثيرة على امتداد الاراضي السورية».

وبعدما كان بري حذا حذو عون مكرراً مطالبته بالتنسيق مع الحكومة السورية في سبيل اعادة النازحين «الى المناطق المحررة والتي اضحت آمنة»، معلناً «رفضي باسمي وباسم المجلس النيابي اللبناني جملة وتفصيلا للبيان المذكور»، أصدرتْ بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان ومكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان بياناً أمس أكد «أنه لم يحصل أي تغيير في موقف الأسرة الدولية»، مشدداً على «ان وجود اللاجئين السوريين في لبنان موقت. والحلول التي يتم البحث عنها للاجئين هي خارج لبنان. علاوة على ذلك، يمكن أن تتم المشاركة في سوق العمل حصراً وفقاً لأحكام القانون اللبناني».