IMLebanon

… قبل فوات الأوان! (بقلم رولا حداد)

أقل من أسبوع يفصلنا عن الانتخابات النيابية الأحد المقبل في 6 أيار. انتظرنا هذا اليوم من 5 أعوام، الموعد الدستوري الذي كان مفترضاً لإجراء هذه الانتخابات التي تم إرجاؤها 4 مرات.

لكن شتّان ما بين 7 حزيران 2009 و6 أيار 2018. الفارق أكثر من شاسع، لا بل تفصل بين هذين الزمنين سنوات ضوئية سياسياً واقتصادياً.

في السياسة كانت المعركة في الـ2009 واضحة كالشمس ولا تحمل أي التباس. كانت معركة بين الحق والباطل، بين مشروع الدولة ومشروع الدويلة، بين من يريد لبنان دولة مستقلة سيدة وحرّة وبين من كان يريد استرجاع لبنان إلى الفلك السوري والإيراني، وكانت المعركة باختصار بين مشروعين واضحين: 14 آذار و8 آذار.

في 6 أيار لا معركة سياسية واضحة. تحالفات “على القطعة” وتختلف من دائرة إلى دائرة أخرى. الحلفاء في هذه الدائرة متخاصمون في دائرة أخرى، ولا أساس واضحاً لأي تحالفات سياسية. عنوان المعركة بالنسبة إلى الجميع بالمفرّق ومن دون استثناء: محاولة الوصول إلى مجلس النواب بأكبر كتلة نيابية ممكنة، ولو من دون أسس سياسية.

لا بل إن التطور الأسوأ من الـ2009 إلى اليوم كان في انهيار الدولة بالكامل أمام “حزب الله” الذي تحوّل من ميليشيا لبنانية إلى ميليشيا إقليمية بالشراكة والتضامن مع مجموعة ميليشيات إيرانية يديرها “الحرس الثوري” الإيراني من لبنان إلى اليمن وما بينهما من انخراط كامل في الحرب السورية، ولم يكن تنقصنا غير مشهدية “داعش” البشعة لتكتمل الصورة القاتمة.

أما في الاقتصاد فحدّث ولا حرج. بين الـ2009 والـ2018 ارتفع الدين العام بما لا يقل عن 30 مليار دولار، و”الخير لقدام” مع مؤتمر “سيدر”. بعد انتخابات الـ2009 كان يمكن لسياسات مالية واقتصادية مشددة مع الالتزام بمقررات مؤتمر “باريس 3” الذي كان انعقد في الـ2007 أن يعيد لبنان إلى سكة التوازن المالي والنهوض الاقتصادي، ولكن عوض ذلك سلك لبنان الطريق المناقض: غياب الموازنات والرؤية والخطط الاقتصادية والمالية اللازمة، الإمعان في الاستدانة والغرق المميت في فساد نهرول على سلّمه عالمياً في اتجاه القعر.

بلغت الزبائنية السياسية معدلات خيالية، والتوظيفات العشوائية بناء على المحسوبيات في دولة الرعاية المريضة كسرت كل الأرقام القياسية… ولا من يتحرك. لم ينفع قانون المليار و200 مليون لقطاع الكهرباء في أيلول الـ2011 في وقف النزيف المريع في هذا القطاع ودخلنا الـ2018 والتقنين يزداد، باستثناء فسخة أمل أتت من تجربة زحلة علها تتعمّم يوماً. عجز الكهرباء وحده منذ الـ2009 تسبب حتى اليوم بخسارة ما يزيد عن 13 مليار دولار … ولا كهرباء!

أما في الركود الاقتصادي وانعدام النمو والتضخّم وارتفاع نسب البطالة فحدّث ولا حرج، ناهيك عن أزمات الحرب في سوريا وتداعيات النزوح السوري على اقتصادنا الوطني.

صورة دولتنا باتت أشبه بمريض ينتظر ساعته. لذلك بتنا جميعنا مسؤولين في 6 أيار: فإما أن نجري العملية الجراحية اللازمة لوطننا في صناديق الاقتراع عبر التصويت في اتجاه تغيير فعلي في الممارسة لتحقيق الصدمة المطلوبة، وإما أن نتقبّل التعازي في 7 أيار بوطن لم نعرف كيف نحافظ عليه كمواطنين بل خسرناه كأتباع ومناصرين لهذا الزعيم أو ذاك الحزب أو ذلك التيار!