IMLebanon

معوّض يعلن المواجهة: انتهى زمن الاحتكار في زغرتا الزاوية! (تحقيق رولان خاطر)

“إذا كان أصل كل الشرور الأنانية” فقد يكون الاحتكار جوهرها، لذلك قرر ميشال معوّض كسر الأنانية والاحتكار في زغرتا والزاوية بأسمى طرق الديموقراطية. هو اليوم يدق النفير إنقاذاً لزغرتا الزاوية من الاحتكار والتفّرد، ولتحرير قرارها من الزبائنية والهيمنة السياسية المفروضة عليها.

لماذا أعلن معوّض المواجهة؟

انقلاب الحلفاء!

منذ ما قبل انتفاضة الاستقلال في الـ2005، وثورة الأرز التي حررت لبنان من القبضة السورية سياسياً وأمنياً، بدأت تبرز في زغرتا ملامح وجود خطين متناقضين في السياسة. خط “تيار المردة” الذي يجاهر رئيسه الوزير سليمان فرنجية بعلاقاته المميزة مع النظام السوري ورئيسه بشار الأسد واستطرادا مع “حزب الله” وهو الذي وصف في 30 كانون الثاني 2016 السيد حسن نصرالله بـ “سيد الكل”، وبين خط لبنان السيادة والحرية والاستقلال الذي حمل لواءه رئيس “حركة الاستقلال” ميشال معوّض، بالتحالف مع حلفائه في 14 آذار، رافعاً من قلب زغرتا الزاوية راية مواجهة كل مشروع يناقض مشروع قيام الدولة اللبنانية.

بعد مشاركته في “قرنة شهوان”، و”البريستول”، بات صقرا من صقور ثورة الأرز، فخاض ميشال معوّض في الـ2009 الانتخابات النيابية للمرة الأولى على رأس لائحة 14 آذار في زغرتا، إلا أنّ رياح المساومات الاقليمية كانت عاصفة وطاغية، فتطلّبت تفاهمات “السين- السين” في ذلك الوقت إسقاط معوّض من قبل الفريق السيادي نفسه، وتجيير قسم من الأصوات السيادية “السُنيّة” لصالح “صديق” الأسد في زغرتا.

خسر معوّض المعركة لكنّه قرر اكمال الحرب. فربح محبة وثقة الجمهور السيادي في المنطقة، وبدأ العمل اليومي على رفع استثمار نسبة الـ49% التي حاز عليها في الانتخابات النيابية، لكي تكون قوة شعبية وازنة في أي انتخابات قد تأتي بعد الـ2009، ولمواجهة أيّ انقلابات من داخل البيت السيادي.

في المقابل، لم تخسر قوى 14 آذار الحرب السياسية في الشمال، فربح كل نواب الشمال باستثناء زغرتا، و7 نواب من أصل 10 في الأقضية التي تشكل اليوم دائرة الشمال الثالثة، لكن وعوض أن تعمل على تأمين المعدات اللوجستية والسياسية اللازمة لحليفها في مواجهته مع “تيار المردة” الذي شكل ولا يزال صلب 8 آذار بامتياز، تُرك الحليف لحاله، و”الأنكى” أن بعض فريق 14 آذار تواطأ عليه، وأهمل البعض الآخر زغرتا والزاوية وكل الجمهور السيادي فيها. ونتيجة هذا “التواطؤ والاهمال”، دفعت زغرتا والزاوية والجمهور السيادي فيهما الثمن على مدى 9 سنوات.
التخلّي عنه من قبل رفاقه في صلب معركة الاستقلال، لم يكسره. فاستكمل معوّض عمله السياسي النضالي من خلال “حركة الاستقلال” التي كان قد أسسها على أثر قيام ثورة الأرز في الـ2005. فأثبت كفاءة في إدارة العمل الانمائي، تربّى وربّى على سلوك الثوابت، وأظهر جدارة في لعبة “الشطرنج” الزغرتاوية، فحصار الخصم في “محكمة” الرأي العام، وهو اليوم على طريق إسقاط “الملك”.

مدّ في الـ2016 يده إلى خصمه التاريخي في استحقاق الانتخابات البلدية في محاولة لتحييد الإنماء عن السياسة. نسج تفاهماً “بلدياً” مع طوني فرنجية ابن “رئيس المردة” سليمان فرنجية، جمع فيه “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحرّ” و”المستقبل” من أجل نهج الإنماء والشراكة بين زغرتا والزاوية. هذا التفاهم سقط بعد فترة وجيزة، نتيجة نكس فرنجية بالتزاماته، بدأ مع رفض وصول الدكتور حبيب طربيه إلى رئاسة اتحاد بلديات زغرتا وهو الأمر الذي كان اتفق عليه مسبقاً، وصولا إلى رفض اعتماد منطق الشفافية في العمل البلدي، فبدأت جدران هذا التفاهم تنهار رغم محالاوت معوض الحثيثة لمنعها. لم ينسحب، قرر معوض المواجهة، فنشأت عندها “المعارضة البلدية” داخل المجلس البلدي في زغرتا – اهدن، فرفض معوض وفريقه ان يكونوا شهود زور على نهج الاستئثار والزبائنية والفساد.

سعوا في البلدية لتعزيز المراقبة ووضع حدّ لعمليات الهدر والصفقات في عمليات الشراء عبر مشاركتهم في لجنة المشتريات، رافضين التوقيع على أي عمليات شراء مشبوهة، فعمدت البلدية إلى إقصائهم عن اللجنة رغم عدم قدرتهم على العرقلة (عضو واحد للمعارضة من أصل ثلاثة)، عبر اعادة انتخاب اللجان، وهو ما شكل ضربة جديدة لما كان قد اتفق عليه عند تشكيل البلدية، واكد أن فريق “المردة” يرفض أي مراقبة على ممارساته ليستمر في هدر أموال البلدية وأموال أبناء زغرتا على حساب الشفافية والمصلحة العامة.

ومن هذه الممارسات على سبيل المثال لا الحصر، الاستنسابية التي اعتمدتها بلدية زغرتا – إهدن في تحصيل الضرائب من الزغرتاويين. الصفقات السرية للقضاء على محمية حرج اهدن. تزيين الشارع الرئيسي في زغرتا، وملفات عدة، كتكاليف الجداول الأساسية لرسوم ٢٠١٧ لزغرتا واهدن، المسح السكاني، تحرير محاضر رسمية لاجتماعات المجلس البلدي، شؤون الموظفين والتوظيف، المشتريات والوضع المال، وغيرها. فحوّل فرنجية بذلك البلديات واتحاد البلديات أداة لخدمته السياسية والانتخابية.

التفاهمات من فرنجية مرورا بجعجع وصولا إلى باسيل

رغم النكسات والخيبات التي حصدها من تفاهمه مع “المردة”، حاول ابن رينه معوّض “العض على الجرح”، فحاول ارساء تفاهم سياسي مع طوني فرنجية علّ ينسحب التفاهم البلدي تفاهما سياسياً من أجل زغرتا وأهلها، ووفق ثوابت ومبادئ كلا الفريقين، إلا أن شروط فرنجية الأب تخطّت المنطق والتاريخ والجغرافيا والأخوة. فحاول استمالة معوّض إلى محوره، محور سوريا الأسد وايران و”حزب الله”، بعرضه على زعيم حركة الاستقلال ان يترأس كتلة “المردة” النيابية المرتقبة، وان يمثلها ايضا في الوزارة عبر اسناد حقيبة له، شرط الالتحاق بـ”الخط” السياسي لفرنجية. فرفض معوّض.

محاولات تحجيم معوّض بطريقة مباشرة وغير مباشرة لم تتوقف، فمع تشكيل حكومة ربط النزاع التي يترأسها سعد الحريري حالياً، وبعد الخلاف السياسي وشد الحبال الذي حصل بشأن المقاعد الوزارية، قرّر الرئيس نبيه بري منح سليمان فرنجية وزارة الأشغال التي كانت من حصته لتعويم حليفه سياسياً وانتخابياً في وجه العهد، في حين، كان فريق 14 آذار مجدداً غير مكترث بسياساته وتقسيم مقاعده لزغرتا ولحليفهم فيها.

ومع اقتراب الانتخابات في 6 من أيار 2018، فُتح باب المفاوضات مع القوى السياسية، وكان من الطبيعي أن يكون الباب الأول الذي يدخل منه معوّض هو باب “القوات اللبنانية”. فنضال طويل مشترك يجمعهما وثوابت عُمّدت بالدم والشهادة وحلف عضوي على مدى سنين”. لم تأت ثمرة المفاوضات مع “القوات” نتيجتها، فزغرتا الزاوية لم تكن ضمن أولويات سمير جعجع، ولم يقبل ان يساوي قائد “القوات” زغرتا بجبيل.

كانت للقوات حسابات أخرى، فخسر جعجع انتخابياً “صديقه التاريخي” في زغرتا، لكن معوّض اكد في كل مرة أن “المعركة لا ولن تكون مع القوات، وما يجمعه بالقوات اللبنانية لا تفرقه انتخابات”.

همّ معوض كان واحداً، تكريس السيادة في زغرتا والزاوية، وحماية الجمهور الذي آمن بمشروع ثورة الأرز، وبقادة الاستقلال الثاني، الذي بات ميشال معوض رمزا من رموزه. همّه إعادة الدولة إلى زغرتا والزاوية ومواجهة “دويلة المردة”. همّه إعادة التوازن وحماية التعدّدية والحرّية فيها، والتأكيد على نهج الإنماء والشراكة بين زغرتا والزاوية، ووقف كل المساومات لتعود زغرتا الزاوية شريكة فاعلة في صناعة القرار الوطني، ولتكون قوية في ظل دولة قوية”.

ومع شيوع نسج التحالفات السياسية على “القطعة” من قبل كل القوى السياسية، وبما ان معوّض كان الطرف الوحيد المؤيد بشكل واضح وعلني لمصالحة معراب وللتفاهم المسيحي الذي أتى بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وبما انه ومن دون مواربة، أكد أنه سيكون قوة داعمة للعهد لتأمين التوازن والشراكة الحقيقية بين اللبنانيين التي فقدت نتيجة سوء تطبيق اتفاق الطائف، كان من الطبيعي أن يتم التحالف مع “التيار الوطني الحر”ّ، وفق مبادئ ثابتة: دعم العهد. الاقرار بوجود مقاربات مختلفة في الملفات السيادية، والاقرار ان كل طرف من القوى السياسية لها مساحتها. ووضع حد لسياسات التلزيم في زغرتا الزاوية.

على ايمانه باق

انطلاقا من هذه الثوابت، التفاهم مع “التيار الوطني الحر” ليس انتخابياً بل سياسي، يحاول عبره معوّض أن يستنهض العصب السيادي في زغرتا الزاوية في وجه الافلاس الأخلاقي في زغرتا والزاوية وفي معركة تحقيق التوازن مع “تيار المردة” في زغرتا الزاوية. لكن عن قناعة راسخة بثوابته ومبادئه، فمعوض لم يخضع يوماً ولن يفعل اليوم نتيجة اي تفاهم او تحالف سياسي.

هو آمن ولا زال يؤمن بأن أي تحالف سياسي أو انتخابي على حساب مبادئه لن يرى النور، ولا يسعى إلى أي منصب أو سلطة.

آمن ولا يزال بحصر السلاح بيد الجيش والقوى الأمنية الشرعية والتزام لبنان بالشرعية العربية والدولية. وسيبقى يرفض المربعات الأمنية إينما وجدت.

آمن ولا يزال بأن الإصلاح لا يكون بالتنظير وبرفع الشعارات الموسمية، بل هو فعل وممارسة، بالكلمة وبالفعل. هو لم يمد يده على المال العام ويعتبر محاربة الفساد من أول أولوياته ومن أقدس مهماته في المجلس النيابي الجديد.

آمن ولا يزال بالمصالحة المسيحية وتحديدا مصالحة معراب وهو يريد أن لا تستثني هذه المصالحات احدا حتى الذين يصرّون ان يستثنوا انفسهم.

آمن ولا يزال بتحصين التفاهمات المسيحية والوطنية التي تقوّي الاستقرار والشراكة الفعلية لمصلحة كل لبنان.

آمن ولا يزال بان دعم العهد سيؤمّن توازنا وشراكة حقيقية في لبنان.

قرر أن يرفع الصوت في وجه الفساد وفي وجه سياسة الاحتكار والزبائنية والتبعية التي يمارسها “تيار المردة” في منطقته، رافضاً مصادرة هوية المنطقة وتاريخها وإرثها.
قرر أن يسترد موقع زغرتا الزاوية الحقيقي، إلى جانب ثورة الأرز ومبادئ السيادة والحرية واستقلال لبنان، إلى جانب الشرعية والعهد، وليس ما حاول “تيار المردة” ايهام العالم به على أنه موقع سياسي حليف لـ”حزب الله” أو حركة أمل أو سوريا أو إيران.

اليوم يعلنها ميشال معوض “ثورة وحرية”. فنهاية الاستقلاليين والسياديين بالنسبة له هي نهاية لهوية زغرتا والزاوية وتاريخهما المشترك والمرتبط بالأرض والانسان وبمناخ وادي قاديشا وأصالة وصمود الموارنة في الشمال المقدّس. ان تعطيل قدرة الاستقلاليين والسياديين ثقافياً وسياسياً واجتماعياً في زغرتا والزاوية هو خروجهم من المعادلة السياسية وإبادة لكل نضالاتهم في التاريخين القديم والحديث، واغتيالاً لقصة تجذرهم بهذه الأرض.

اليوم، عشية الانتخابات النيابية، يعلنها ميشال معوّض انتفاضة سلمية وديموقراطية، وسيعلنها في المجلس النيابي “ثورات” لا نهاية لها. اليوم يعلنها مواجهة مفتوحة بدعم من الرأي العام الزغرتاوي الحرّ في وجه القوى الظلامية، ليقول: “كفوا أيديكم عن زغرتا والزاوية”. ميشال معوض صوته التفضيلي كان دائما للوطن وللبنان، فله وصية، فليكن صوتكم التفضيلي “ميشال معوّض”.