IMLebanon

لبنان بعد الانتخابات (بقلم محمد عيتاني)

مجدداً يخطف “حزب الله” الأضواء، وككل مرة من بوابة تنفيذ الاجندة الإيرانية التوسعية في العالم العربي. قد يكون ما كشفته أمس مملكة المغرب عن ضلوع الحزب في تسليح جبهة البوليساريو المعارضة مستغرباً في الشارع المغربي نعم، لكنه ليس غريباً علينا نحن اللبنانيين وعلى السوريين أو على دول الخليج.

من لبنان وصولاً إلى اليمن واليوم إلى المغرب يرسم حزب الله خريطة النفوذ الإيراني في المنطقة ليضع بصمة مثيرة للقلق على علاقات لبنان بدول المغرب العربي بعدما سبق له أن فعل الشيء ذاته مع دول الخليج. هو سيناريو خلية العبدلي ذاته يتكرر في المغرب ولن يكون القوت طويلاً حتىت تكشف الرباط ما لديها من معطيات لفضح هذا التطاول على سيادتها.

بالأمس سحبت المغرب سفيرها من إيران ولقيت هذه الخطوة ترحيباً عربياً واسعاً، فما المانع من تكرارها في لبنان؟ مسؤولون مغربيون أصبحوا اليوم يتحدثون عن سطوة حزب الله على الدولة اللبنانية وعن أنه أقوى من السلطة المركزية، وهذا مبعث قلق يجب التوقف عنده طويلاً لأن له أبعاداً تعيد فتح باب النقاش حول أهمية استقرار العلاقة اللبنانية العربية.

وإذا كان للبنان دلالاً على أشقائه الخليجيين تحديداً، وقد وجد في لحظة مفصلية شخصيات ساهمت في ترتيب علاقات بيروت بكل من الرياض وأبوظبي والكويت، فإن الأمر قد لا يتكرر بين بيروت والرباط.

أصل الموضوع أننا اليوم في حاجة إلى معالجة جذرية لكيان “حزب الله” وامتداداته وارتباطاته بكل ميليشيات المنطقة وعصابات العالم. نحن في حاجة إلى إنقاذ اللبنانيين الشيعة، كما بقية اللبنانين، من المنزلق الذي يأخذهم إليه الحزب.

وسط الضجيج السياسي العسكري في المنطقة بين اسرائيل نتنياهو الحامل 55 الف وثيقة سرية عن البرنامج النووي الايراني، وبين إدارة أميركية يديرها الرئيس دونالد ترامب محاطاً بالصقور، لم يعد مقبولاً أن يتحمل لبنان تبعات تهوّر “حزب الله” ، ولا أن نؤخذ نحن اللبنانيين كرهائن للمشروع الايراني.

لبنان اليوم مرهون بموقعه في خطة إيران لمواجهة كل هذه الضغوط، ومرحلة ما بعد الانتخابات ستذهب في الاتجاه الذي تحدده السياسة الايرانية، وهو ما بدت ملامحه من كلام نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم عن أن رئاسة الحكومة ليست محسومة للرئيس الحريري مثلاً، ما يعني أن الأمور متروكة لظروفها ووقتها. إيران اليوم أمام خيارين إما التصعيد لرد اعتبارها بعد الصفعات المتتالية التي تلقتها في سوريا من دون أن تلقى نصيراً من روسيا، وإما الذهاب الى تنازلات.

التجارب السابقة تدل على أن السياسي الايراني مخادع من الدرجة الأولى ينحني للعاصفة ويجيد كسب الوقت ليعود وينقض على هدفه. أما لبنان فساحته مفتوحة لكل أنواع التجاذب والتشنج وقد يكون أكثر.