IMLebanon

ماذا وراء تصعيد جنبلاط وبري غير المسبوق؟

عشية الاستحقاق النيابي المقرر الاحد، بلغ الاشتباك السياسي بين القوى المحلية أوجه ولامس سقوفا متقدّمة واتسمت الخطابات بحدة لافتة، حتّى من قِبل من عُرفوا بلهجتهم التصالحية ودعواتهم الى التهدئة ومد الجسور. فخلال جولة انتخابية قام بها على عدد من قرى وبلدات ​الشوف​ الاعلى أمس، اتهم رئيس “​اللقاء الديمقراطي​” النائب ​وليد جنبلاط​ “السلطة ​الجديدة​ التي تريد نبش القبور بدل المصالحات”، بـ”تطويق الجبل وإسقاط ​المختارة”. واذ أكد جنبلاط “اننا في حالة حصار”، قال ان “الثنائي الذي اوصلنا الى قانون غريب عجيب، يريد تطويقنا وتفريقنا وتحجيمنا”.

مصادر سياسية تقول لـ”المركزية” إن تصويب الزعيم الدرزي على “التيار الوطني الحر” و”المستقبل” من دون أن يسميهما يأتي في الشكل، لشد العصب الانتخابي واستنفار همم الدروز للمشاركة في الانتخابات بكثافة في السادس من أيار. أما في الباطن، فقد تكون مواقف رئيس التيار الوطني وزير الخارجية جبران باسيل في الايام الماضية والتي تحدث فيها عمن “تلطّخت أيديهم بالدماء” من دوافع القصف الجنبلاطي العنيف، الا إن أداء رئيس الحكومة سعد الحريري “انتخابيا” أكان في البقاع الغربي أو العرقوب، يبقى السبب الاساس لتصعيده. اذ هو بدأ يشعر، وفق المصادر، ان “التحالف” بين الأزرق والبرتقالي، بات يحتل الاولوية لدى بيت الوسط، المستعد للتضحية بكل علاقاته وصداقاته السياسية، لصونه وتمتينه، وهو ما يقلق جنبلاط.

رئيس مجلس النواب نبيه بري يصوب هو الآخر، وبعبارات غير مسبوقة، على التيار الوطني الحر. فقد غمز منذ ايام من قناة رئيسه باسيل، قائلا “من خلال الإستحقاق الإنتخابي لن نقبل بجعل لبنان قرباناً للمصابين بجنون العظمة والمعقدين نفسياً”، مضيفا “هناك اليوم من يحاول أن يسلك الطريق الى محاولة تدمير فكرة ورسالة لبنان عبر سواح إنتخابيين أحدهم “يبرغت” اليوم في دائرتنا. يتكلمون عن حرية تلة مغدوشة ونسوا من حررها، وعن المشاركة ودائرة جبيل خير شهيد على المشاركة التي يدّعون أنهم يتمتعون بها”. هذه النبرة المتقدمة غير المعهودة لدى كل من المختارة وعين التينة، تدل بلا شك الى اننا مقبلون، غداة الانتخابات النيابية، على مرحلة خلط أوراق سياسية، من الصعب التكهن منذ الآن في ما سترسو عليه لناحية التحالفات والخصومات.

ففي حين يمكن الحسم بأن حلف الوطني الحر والمستقبل غير قابل للكسر، وبأن بري وجنبلاط سيبقيان على علاقتهما التي يعتبرانها “استراتيجية”، تحوط علامات استفهام كثيرة بمآل العلاقة بين الاخير والحريري. فحتى لو اجتمعا او التقيا الا ان الاجواء بينهما لن تعود الى سابق عهدها، لكون الحريري متمسكا بتحالفه مع الوطني الحر، وهو ما لا يرتاح اليه زعيم المختارة. لكن الصورة على ضفة التيار الوطني – حزب الله، تبدو هي الاخرى ضبابية وتفتقد الى الصفاء. ففي حين يعلن باسيل تمسكه بورقة التفاهم، يصوّب في الوقت عينه على حليف حليفه أي “حركة أمل”، ولا ينفك يتهمها، ولو بصورة غير مباشرة، بالفساد، ويذكّر الضاحية بأن “المقاومة والفساد لا يمكن ان يتعايشا”.

كما انه لا يتردد في انتقاد “الحزب” نفسِه، وإن مواربةً. وقد قال من جبيل أمس (حيث رشح الحزب مرشحا شيعيا رفضه التيار): مثلما احترمنا الاخر في جبيل عليه أن يحترمنا في ​الجنوب​ و​البقاع​، ومثلما رفضنا أن يُستورد نوابنا، الآخر عليه أن يرفض مثلنا، ونريد أن نتبادل اما بالقبول واما بالرفض هذه جبيل هذه كرامتنا وهذا التيار.

فهل يؤسس الخطاب “الباسيلي” تجاه “الحزب”، لانفراط عقد التحالف بين طرفي ورقة مار مخايل؟ لا أجوبة حاسمة حتى الساعة. الا ان الاكيد، بحسب المصادر، هو ان صورة التابلو السياسي بعد 6 أيار، لن يكون شبيها بالذي كان قائما قبل هذا التاريخ المفصلي.