IMLebanon

لبنان على أهبة الاستعداد للانتخابات أمنياً ولوجيستياً

تضع الوزارات والأجهزة المعنية لمساتها الأخيرة على الاستعدادات للانتخابات النيابية اللبنانية التي ستُجرى في كل المحافظات يوم الأحد، وذلك بعد 9 سنوات على آخر استحقاق نيابي شهدته البلاد نتيجة تمديد البرلمان ولايته 3 مرات على التوالي. وتنتهي اليوم الجمعة الحملات الانتخابية مع الدخول في فترة «صمت انتخابي» منتصف الليل يستمر حتى إغلاق صناديق الاقتراع مساء الأحد، فيما تُستنفر الأجهزة الأمنية لمواكبة هذه العملية معتمدة على أكثر من 20 ألف عسكري ينتشرون على الأراضي اللبنانية كافة.

وأكدت قيادة الجيش في بيان «استعدادها للمساهمة في حفظ أمن العملية الانتخابية»، مشددة على «التزام عسكرييها الإجراءات التي تحمي القيم والأصول الديمقراطية في البلاد»، لاعتبارها أن «هذه العملية تشكل إنجازاً جديداً للبنان، لا سيّما في ظلّ الأوضاع الإقليمية المعقّدة، فضلاً عن المساهمة مباشرة في ترسيخ الاستقرار الاجتماعي العام». وأشارت القيادة إلى عزمها «منع استغلال الظروف الدقيقة التي تمرّ بها البلاد بهدف الإخلال بالأمن، والتزامها البقاء على مسافة واحدة من الجميع»، ودعت العسكريين إلى «مزيد من التصميم والتضحية، لإنجاح هذا الاستحقاق»، محذرة إياهم من «الانجرار وراء الاستفزازات، والتدخّل بأي وسيلة كانت في سير هذه العملية، وذلك باتخاذ الإجراءات التأديبية بحقّ المخالفين».

وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق أعلن في وقت سابق عن «الجاهزية الأمنية الكاملة لكل الأجهزة»، متحدثا عن «مخطط واضح جداً لدى الجيش وقوى الأمن الداخلي لكيفية الحفاظ على الأمن»، مشيرا إلى أن ما بين 20 و30 ألف عسكري سيكونون بجاهزية تامة على كامل الأراضي اللبنانية. وستتولى بحسب مصادر عسكرية 5 غرف عمليات مرتبطة ببعضها وبمركز القيادة في وزارة الدفاع تأمين أمن وسلامة الانتخابات.

وكثّف المرشحون للانتخابات الذين يبلغ عددهم الإجمالي 917 موزعين على 77 لائحة، إطلالاتهم الإعلامية في الساعات الماضية التي من المرتقب أن تبلغ ذروتها اليوم الجمعة، باعتبار أن البلاد تدخل في فترة الصمت الانتخابي منتصف هذه الليلة. وذكّر رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات النيابية القاضي نديم عبد الملك يوم أمس وسائل الإعلام، بضرورة التزام فترة الصمت الانتخابي، موضحا في بيان أن المادة 78 من قانون الانتخابات تنص على حظر بث أي إعلان أو دعاية أو نداء انتخابي مباشر باستثناء ما يصعب تفاديه من صوت وصورة لدى التغطية المباشرة لمجريات العمليات الانتخابية، ابتداء من الساعة الصفر لليوم السابق ليوم الانتخابات ولغاية إقفال صناديق الاقتراع.

ويبلغ، بحسب شمس الدين الباحث في «الدولية للمعلومات»، عدد الناخبين المخولين التصويت يوم الأحد نحو 3 ملايين و648 ألفا و717 ناخبا، بعدما تم حسم عدد 82950 ناخبا تسجلوا للاقتراع في الخارج و14816 موظفا شاركوا بالانتخابات الخاصة بهم والتي جرت يوم أمس الخميس. ويتجه الناخبون إلى 6793 قلم اقتراع و1880 مركز اقتراع باعتبار أن الدائرة الانتخابية تُقسّم بقرار من وزير الداخلية إلى عدد من مراكز الاقتراع تتضمن عددا من الأقلام. فيكون لكل قرية يبلغ عدد الناخبين فيها مائة على الأقل وأربعمائة على الأكثر، قلم اقتراع واحد.

وقد حددت الحكومة اللبنانية، وفق ما قال شمس الدين، مبلغ 75 مليار ليرة لبنانية أي نحو 50 مليون دولار تكلفة لإجراء الانتخابات، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا المبلغ ارتفع كثيرا بعد أن كان يبلغ نحو 7 ملايين دولار في العام 2009 لأنه تمت زيادة عدد أقلام الاقتراع، كما تم إجراء انتخابات للمغتربين في 39 بلدا، إضافة للاعتماد وبشكل مكثف على إعلانات لشرح قانون الانتخاب الجديد الذي يعتمد النسبية لأول مرة. وأضاف: «كذلك تم شراء تجهيزات جديدة واعتماد أوراق الاقتراع الملونة المطبوعة سلفا وصناديق وعوازل انتخابية جديدة».

وأعلن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بعد انتهاء انتخابات المغتربين نهاية الأسبوع الماضي، أن تكلفة العملية الانتخابية في 39 دولة بلغت نحو مليون ونصف مليون دولار أميركي، فيما بلغت عملية تسجيل اللبنانيين في الخارج 40 ألف دولار أميركي.

وأوضح وزير الداخلية السابق مروان شربل الذي أشرف على آخر انتخابات نيابية شهدها لبنان في العام 2009 أن هناك إمكانية لصرف مبلغ أقل من الذي رصدته الحكومة للانتخابات، على أن يعود الفائض إلى خزينة الدولة، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى وجود تكاليف مالية عالية أبرزها أن آلاف الموظفين يتقاضون مبلغ مليون ليرة أو مليوناً ونصف مليون ليرة لبنانية عن إشرافهم ومشاركتهم بالعملية الانتخابية. ووصف شربل الاستعدادات بـ«الكاملة» معتبرا أن تجربتي انتخاب المغتربين والموظفين ستساعدان لتفادي الكثير من الأخطاء في الانتخابات العامة يوم الأحد.

ولا يقتصر الاستنفار على الأجهزة الأمنية والإدارات المعنية بالانتخابات، إذ تستنفر أيضا الجمعيات المتخصصة بمراقبة العملية الانتخابية. ويشير المدير التنفيذي لـ«الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية – لا فساد» داني حداد إلى أن نحو 40 مراقبا من الجمعية سينتشرون بشكل خاص في دوائر صيدا – جزين، طرابلس – المنية – الضنيو وزحلة لمراقبة العملية عن كثب يوم الأحد، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ملاحظاتهم حتى الساعة تتركز بشكل أساسي حول سقف الإنفاق الانتخابي المرتفع والذي يبلغ 672 مليون دولار للوائح الـ77. وقال: «كما لدينا ملاحظات حول الجمعيات التي يمتلكها مرشحون وتقدم خدمات خارج سقف الإنفاق الانتخابي، وحول البيانات المالية التي لم يقدمها الكثير من المرشحين لهيئة الإشراف على الانتخابات».